تحليل: مرحلة جديدة في المواجهة.. الحوثيون يدخلون سلاح الصواريخ العنقودية ضد إسرائيل
يمن فيوتشر - Ynet News- ترجمة خاصةً الإثنين, 25 أغسطس, 2025 - 02:16 مساءً
تحليل: مرحلة جديدة في المواجهة.. الحوثيون يدخلون سلاح الصواريخ العنقودية ضد إسرائيل

الصواريخ الباليستية المزوّدة برؤوس عنقودية، التي تُطلق ذخائرها قبل بلوغ الهدف، ليست جديدة على المنطقة أو على مناطق نزاع أخرى. ففي مساء الجمعة، أطلق الحوثيون صاروخاً من هذا النوع باتجاه إسرائيل، غير أن أنظمة الكشف والتحكم في النيران التابعة للدفاعات الجوية الإسرائيلية فسّرت تفكك الرأس الحربي على أنه تفتت للصاروخ نفسه، ما أدى إلى فشل محاولتين أو ثلاث محاولات اعتراض.

وتملك إيران ثلاثة أنواع من الصواريخ الباليستية المزوّدة برؤوس عنقودية، من بينها “قادر” و”خرمشهر”، القادرة على الوصول إلى إسرائيل، وقد سبق إطلاق بعضها باتجاهها. وتحمل هذه الصواريخ رأساً حربياً يحتوي على عدة مئات من الكيلوغرامات من المتفجرات، إضافة إلى نحو 20 قنيبلة عنقودية فرعية. وتُطلق هذه القنابل الصغيرة على ارتفاع يقارب 7 كيلومترات فوق منطقة الهدف، لتتوزع على مساحة تبلغ نحو 8 كيلومترات من دون نظام توجيه دقيق. وتزن كل قنيبلة بضعة كيلوغرامات فقط، وتحتوي على ما بين 2.5 و7 كيلوغرامات من المتفجرات.

وتُقارن الأضرار التي تخلفها هذه القنيبلات العنقودية بتلك التي يحدثها صاروخ “قسام” بسيط، كما كانت تطلقه حركة حماس سابقاً من غزة. فهي غير قادرة على اختراق الملاجئ المحصنة، لكنها قد تُسفر عن خسائر بشرية وأضرار مادية، كما حدث في إحدى التجمعات البدوية خلال تبادلٍ لإطلاق النار مع إيران.

وتُظهر الفُوّهة التي خلّفها الانفجار في فناء أحد المنازل في غناتون أن القنيبلة كانت صغيرة الحجم، لا يتجاوز وزنها بضعة كيلوغرامات. وحتى الآن، لم يُعثر على أدلة تشير إلى وصول قنيبلات إضافية إلى داخل الأراضي الإسرائيلية. ويرى محللون أن الصاروخ سلك مساراً غير منتظم، ما أدى إلى إطلاق القنيبلات بطريقة لم يتجاوز منها إلى داخل إسرائيل سوى واحدة أو اثنتين انفجرتا بالفعل.

ويبدو أن الحوثيين، الذين جرى اعتراض صواريخهم وطائراتهم المسيّرة بشكل متكرر في الآونة الأخيرة، سعوا إلى إيجاد وسيلة لاختراق الأجواء الإسرائيلية. وعلى الأرجح، بالاستفادة من الخبرة الإيرانية، عمدوا إلى استخدام صاروخ مصمَّم لتفريق قنيبلات عنقودية فرعية. فهذه الصواريخ الإيرانية الصنع صُممت لاختراق الغلاف الجوي أولاً قبل أن تُطلق حمولتها. وما حدث تحديداً مع هذا الصاروخ لا يزال غير واضح، غير أن الوضع قد يشبه ما وقع خلال حرب الخليج عام 1991، عندما فشلت صواريخ “باتريوت” الأميركية في اعتراض صواريخ “الحسين” العراقية بسبب تفكك الرؤوس الحربية في الجو، ما جعل “الباتريوت” يستهدف المحرك الثقيل بدلاً من الرأس الحربي.

وقد بلغت الأرضَ قنيبلة عنقودية واحدة فقط من الصاروخ الحوثي وانفجرت، وهو ما يشير إلى خلل في الأداء. في المقابل، لم تُفعَّل منظومتَا “حيتس-2” و”حيتس-3” الإسرائيليتان، المصممتان لاعتراض الصواريخ ذات الرؤوس العنقودية قبل إطلاق ذخائرها الفرعية. فعلى سبيل المثال، يُفترض بـ “حيتس-3” أن يحيّد الخطر في مرحلة مبكرة جداً، قبل تفتت الرأس الحربي. لكن هذا الإخفاق يثير تساؤلات حول أسباب عدم حصول عملية الاعتراض، وما إذا كان العدد المحدود من القنيبلات التي وصلت فعلاً إلى إسرائيل قد أثّر في استجابة المنظومات الدفاعية.

أما الصاروخ نفسه فلم ينفجر على الأراضي الإسرائيلية، بخلاف ما ورد في بعض التقارير، بل تفتّتت قنيبلاته العنقودية، التي فسّرها رادار الكشف على أنها تفكك كامل للصاروخ.

ويمثّل هذا الإطلاق تصعيداً من جانب الحوثيين، نظراً لتزايد التهديد الذي تشكّله هذه الصواريخ على المدنيين. وقد ردّت إسرائيل بسلسلة من الغارات الجوية المكثفة استهدفت بنى تحتية مدنية حيوية يسيطر عليها الحوثيون في اليمن، شملت محطة الكهرباء الرئيسية في صنعاء، ومنشآت نفطية تُزوّد بالوقود الصناعي المستخدم في إنتاج الصواريخ والمركبات، إضافةً إلى قصر الرئاسة في صنعاء باعتباره رمزاً للسلطة. وتشير التقديرات إلى أن الضربات الإسرائيلية ربما أصابت أيضاً مواقع لإطلاق الصواريخ داخل اليمن.

ويُذكر أن غالبية اليمنيين لا يؤيدون الحوثيين، بل يقدّمون الدعم للحكومة اليمنية الشرعية في معركتها ضد الميليشيا. ورغم أن هذه الضربات قد لا توقف بشكل كامل عمليات إطلاق الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، إلا أنه من المرجح أن تُحدث أثراً تراكمياً بات واضحاً في وتيرة الهجمات الحوثية الأخيرة. ومع ذلك، وعلى الرغم من تحسّن القدرات الاستخباراتية، لا يزال من غير المؤكد ما إذا كان الحوثيون سيتوقفون عن مواصلة هجماتهم.


التعليقات