سيطرت جماعة انفصالية على منطقة غنية بالنفط في جنوب اليمن، مما أنهى الهدوء النسبي في الحرب الأهلية المتوقفة في البلاد. وتعد هذه الخطوة تطورًا هامًا في بلد يقع على طول طريق تجاري دولي رئيسي، وتهدد أيضًا بإدخال مخاطر جديدة إلى منطقة الخليج الفارسي.
استولى المجلس الانتقالي الجنوبي (STC)، المدعوم من الإمارات العربية المتحدة، هذا الشهر على معظم محافظتي حضرموت والمهرة، بما في ذلك المنشآت النفطية.
ويشهد اليمن منذ أكثر من عقد حربًا أهلية تتداخل فيها المظالم الطائفية مع تورط قوى إقليمية. وتسيطر جماعة الحوثي المتحالفة مع إيران على المناطق الأكثر اكتظاظًا بالسكان، بما في ذلك العاصمة صنعاء، بينما تدعم المملكة العربية السعودية والإمارات الحكومة المعترف بها دوليًا في الجنوب.
وتسببت الحرب في أزمة إنسانية واسعة ودمرت الاقتصاد، إلا أن العنف انخفض تدريجيًا منذ عام 2022 مع التوصل إلى نوع من الجمود في المعارك. لكن خطوة الانفصاليين المدعومين من الإمارات قلبت الترتيبات السياسية بين الشركاء المناهضين للحوثيين.
•أصول الأزمة
بدأت الحرب في اليمن عام 2014، عندما زحف الحوثيون من معقلهم في صعدة شمال البلاد وسيطروا على صنعاء، ما أجبر الحكومة المعترف بها دوليًا على اللجوء إلى المنفى. وانضمت السعودية والإمارات إلى الصراع عام 2015 في محاولة لاستعادة الحكومة.
أما القتال الأخير، فيضع المجلس الانتقالي الجنوبي (STC) في مواجهة قوات الحكومة المعترف بها دوليًا والقبائل المتحالفة معها، رغم أن كلا الطرفين ينتميان إلى المعسكر المناهض للحوثيين.
ويعد المجلس الانتقالي الجنوبي أقوى جماعة جنوبية، ويحظى بدعم مالي وعسكري حاسم من الإمارات، وهو يسعى لاستعادة جنوب اليمن كدولة مستقلة كما كان بين عامي 1967 و1990. ويترأسه عيدروس الزبيدي، نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني. ويسيطر المجلس الآن على معظم النصف الجنوبي من البلاد، بما في ذلك المدن والموانئ والجزر الحيوية.
أما الجيش اليمني التابع للحكومة المعترف بها دوليًا، فهو متحالف مع حلف قبائل حضرموت المدعوم من السعودية، ومتمركز في أكبر محافظة في اليمن، حضرموت، التي تمتد من خليج عدن إلى الحدود السعودية. وتعد حضرموت مصدرًا رئيسيًا للنفط والوقود للمناطق الجنوبية.
تقدم الانفصاليين هذا الشهر
زحفت قوات المجلس الانتقالي الجنوبي إلى حضرموت وسيطرت على المرافق الرئيسية، بما في ذلك شركة بترو مسيلة، بعد اشتباكات قصيرة مع القوات الحكومية وحلفائها من القبائل. وجاء هذا بعد أن استولى حلف قبائل حضرموت المدعوم من السعودية على منشأة بترو مسيلة في أواخر نوفمبر للضغط على الحكومة للموافقة على مطالبه.
ثم تقدمت قوات المجلس إلى المهرة على الحدود مع عمان وسيطرت على معبر حدودي، وفي عدن سيطرت على القصر الرئاسي الذي يعد مقر مجلس القيادة الرئاسي. وأشار مسؤول حكومي إلى أن القوات السعودية انسحبت مؤخرًا من قواعد في عدن كجزء من “استراتيجية إعادة تموضع”.
وأرسلت السعودية وفدًا إلى حضرموت للقاء محافظ المحافظة وقادة سياسيين وقبليين لتهدئة التوترات، وقال اللواء محمد القحطاني، رئيس الوفد، إن حكومته “ترفض أي محاولات لفرض الأمر الواقع”.
•تمزق الوضع الهش
لقد حطم هذا التصعيد الهدوء النسبي في الحرب اليمنية، التي وصلت إلى طريق مسدود بعد اتفاق الحوثيين مع السعودية لوقف الهجمات المتبادلة.
وقال أحمد ناجي، كبير محللي شؤون اليمن في مجموعة الأزمات الدولية، إن السعودية بدت “غير راضية بشدة” عن خطوة المجلس الانتقالي الأخيرة، مضيفًا أن الإمارات هي المستفيد الرئيسي، حيث توسع نفوذها في الأزمة اليمنية.
وأكدت الإمارات أن نهجها يتماشى مع هدف السعودية في “دعم عملية سياسية” لتسوية الصراع متعدد الأبعاد، مشددة على أن حوكمة البلاد وسلامة أراضيها “مسألة يجب أن تحددها الأطراف اليمنية نفسها”.