وجوه من اليمن: (الجابري) رحيل الشاعر الكبير.. "ضاعت الأيام" وظلت "عناقيد ملونة"
يمن فيوتشر - خاص: الأحد, 07 يناير, 2024 - 01:27 صباحاً
وجوه من اليمن: (الجابري) رحيل الشاعر الكبير..

لم يكن من السهل مزاحمة شاعر بقامة عبد الله عبد الوهاب نعمان، خصوصًا وقد شكل ثنائيًا فنيًا أصبح ظاهرة أو مدرسة مع الفنان الكبير أيوب طارش.
كان الأمر أشبه بإطلالة نجم يتوارى خلف إبهار الشمس على بقية الأقمار والنجوم. غير أن أحمد الجابري لم يكن مجرد نجم أو قمر، بل كان جديرًا بالالتماع مهما كانت الأضواء من حوله.
ليس المقصود هنا صراعًا أو تنافسًا مقصودًا، بل وجدان وأحاسيس قلب الشاعر. كثيرون لا يعرفون المزيد عن أحمد الجابري، إلا قصائده المغناة لعديد الفنانين اليمنيين، أمثال محمد مرشد نادجي وأحمد بن أحمد قاسم ومحمد سعد عبدالله وأيوب طارش ومحمد صالح العزاني وعبدالباسط عبسي... إلخ، وهي قصائد تكفي مستمعها ارتواءً وجدانيًا وروحيًا أخاذًا. لكن ما لا يعرفه الكثيرون عن الجابري موقفه السياسي والاجتماعي الذي بقي أغلب سني حياته معارضًا، قبيل الاستقلال وبعده، وبعد الوحدة، مفضلًا النزوح أولًا، ثم أخيرًا الانزواء في صومعة "التعبد الشعري" في بلدية "الراهدة" بمحافظة تعز.
وُلد الشاعر الغنائي أحمد الجابري في ريف الشّوّيْفة بمديرية خدير- محافظة تعز، جنوبي غرب اليمن، عام 1937، ليعيش طفولته في مدينة عدن التي أحبها حد الوله وكتب فيها على سبيل المثال: "عدن.. عدن.. يا ريت عدن مسير يوم"؛ ضمن روائعه التاريخية التي تغنى بها الموسيقار أحمد بن أحمد قاسم!
أكمل تعليمه في عدن، ليصبح مدرسًا للرياضيات، وللغة العربية بحكم شاعريته أيضًا، قبل أن يسافر إلى العاصمة المصرية القاهرة لإكمال تعليمه الجامعي، ودراسة الاقتصاد.
غادر عدن كارهًا فراقها، وظل رافضًا ما نالها قبيل الاستقلال وبعده، وبعد الوحدة اليمنية كما أسلفنا.
عمل محاسبًا في دولة خليجية بأحد البنوك، قبل أن يعود ولا يجد المدينة الجنوبية المطلة على البحر العربي وخليج عدن، التي تصورها وأرادها واحتضنت طفولته، بل وزاد الأمر سوءًا أنْ وجد ظلم ذوي القربى، الأشد مضاضة؛ إذ فقد كل أملاكه وميراثه، حتى لم يجد مسكنًا يعيش فيه، لينتقل إلى "الراهدة" مفضلًا "التعبد" في محراب الشعر الذي جُمع بعضه في ديوان "عناقيد ملونة"، وصُدر عام 2020.
عانى مؤخرًا من المرض، ولعل الأسوأ معاناته من الخذلان، ليغادر هذه الحياة قلبًا احتوى وطنًا لم يتسع له.


التعليقات