المقرئ المناضل أحمد عبدالرحمن محبوب (1909 - 6/3/1995)؛ عالمٌ، ومقرئ، وخطيب الجامع الكبير، وأحد رموز ثورة 1948. وهو صاحب التلاوة العطرة المشهورة التي تُبثّ في شهر رمضان قبيل المغرب.
درس الصفي محبوب علمَ القراءات السبع على يد العلامة حسين بن مبارك الغيثي، كما درس في الفقه والحديث وغيره على العلامة محمد حسن دلال، والعلامة أحمد بن عبدالله الكبسي، والعلامة حسين بن علي العمري، والعلامة أحمد بن علي الكحلاني، والعلامة علي أحمد السدمي، والعلامة ناصر الخولاني، فبرع في علوم عديدة، وأصبح من مشايخ القرّاء في الديار اليمنية.
عمل بالتدريس، وتولّى خطابة الجمعة في الجامع الكبير في مدينة صنعاء بعد قيام الثورة وإعلان الجمهورية عام 1962. وفي عام 1965، عيّن مستشارًا لرئيس الجمهورية المشير عبدالله السلال، ثم عُيّن عضوًا في مجلس الشورى، ثم عضوًا في المجلس الوطني، ثم عضوًا في مجلس الشعب التأسيسي، ثم رئيسًا لمكتب التوجيه والإرشاد.
شارك في مناهضة الحكم الإمامي الملكي، وفي الإعداد للثورة الدستورية عام 1948، وحين فشلت هذه الثورة، سيق مع عددٍ من الثوّار إلى سجن حَجّة، ثم أفرج عنه بعد سبع سنوات. ومن تلاميذه الشاعر محمد محمود الزبيري.
كان أول من سجّل القرآن الكريم لإذاعة صنعاء عام 1947، بعد افتتاحها مباشرة هو والشيخ المقرئ محمد حسين القريطي.
حصل على شهادات عليا في القراءات السبع وعلوم القرآن، وإجازة كبار علماء عصره في مختلف علوم اللغة العربية والفقه والتفسير والحديث والخطابة والإرشاد.
عمل بالتدريس والتوجيه والإرشاد حتى ثورة 1948، التي شارك فيها، وسجن في حجة لدوره الوطني ونضاله النشط قبل الثورة وخلالها، وتم خراب بيته بأمر من الإمام أحمد وهو في سجن حجة، وتم الإفراج عنه في عام 1955.
واصل التدريس والإرشاد حتى قيام ثورة 26 سبتمبر.
كان في بداية الثورة السبتمبرية خطيبًا للجمعة في الجامع الكبير بصنعاء.
قال عنه الدكتور عبدالعزيز المقالح، في برنامج إذاعي: "العلّامة الجليل أحمد عبدالرحمن محبوب عرفته في طفولتي، كان معلمًا من أعلام اليمن ومن أعلام المقرئين، وهو القارئ الأول في بلادنا في ذلك الزمن، وكنت مع زملائي نتعمّد أن نسير إلى أيّ مسجد نعلم أنّه سيقرأ فيه القرآن لنستمتع بسماع صوته الجميل، قبل أن يُسجن ويؤخذ مغلغلًا إلى سجن نافع بحجة بعد فشل الثورة الدستورية عام 1948، كما كانت له أنشطة اجتماعية لم يتحدّث عنها الكثير، وكان من العلماء الأفاضل الذين تَرَكُوا في حياة اليمنيّين بصمة لا تُمحى وصوته الجهوري الذهبي الجميل لا يزال يطل علينا مع عدد من القراء الذّين نفخر بهم ومنهم الشيخ محمد القريطي (رحمه الله) الذي كان قد تتلمذ على صاحب الترجمة ثم انتهج له أسلوبًا آخر في التلاوة، كما للمرحوم محمد حسين عامر أسلوبٌ آخر كذلك".
"كان من أوائل المناضلين الأحرار الذين آمنوا بضرورة تغيير الأوضاع المتخلفة، والمأساوية التي كانت تعيشها اليمن في عهد الإمامة، وهو أحد رجال اليمن الذين وقفوا في وجه ظلم واستبداد الأئمة من وقت مبكّر، ويذكر مقربون من صاحب الترجمة أن يقينه بحقد الإمامة على المواطنين زاد وازداد ثباتًا بمشاهدته لموقف غير أخلاقي وغير إنساني صدر من الإمام يحيى، فقد كان صاحب الترجمة خطيب الجمعة في أيام الإمام يحيى. ولما حصلت مجاعة تهامة توافد خلق كثير من أهالي تهامة إلى صنعاء بحثًا عن الطعام وذهبوا إلى دار الجامع الكبير في الساحة المقابلة للبوابة القِبلية التي يدخل منها الإمام يحيى يوم الجمعة ليعرضوا عليه مجاعتهم بصفته أميرًا للمؤمنين -حسب ما يدّعي لنفسه- والذي حصل أنّ الإمام بعد خروجه من الصلاة لم يلتفت إليهم ولم يُعطِهم أيّ اهتمام وهم في حالة يرثى لها، وكما يقال فقد كانت حالتهم "تصعب على الكافر" يئِنّون ويصرخون من جور الجوع الظاهر أثره وبشدة على صورهم وعلى أجسادهم. كوّن هذا المشهد صدمةً كبيرة لصاحب الترجمة، ومن حينها آمن بأنّه لا يجوز السكوت على بقاء واستمرار هذا الإمام بظلمه وجبروته، ومنذ ذلك الحين ارتفعت لديه وتيرة مناهضته للسياسة الإمامية، ودأب على مضاعفة جهده في توعية الناس بمخاطر الإمامة في مجالسه مع أصحابه وفي جامع الشهيدين".