في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة الشهر الماضي، دعا الرئيس اليمني رشاد العليمي إلى تشكيل تحالف دولي لمواجهة جماعة الحوثيين. ويمكن أن يكون التعاون متعدد الأطراف لمكافحة تهريب الأسلحة إلى الحوثيين نقطة انطلاق ممتازة لهذا الجهد. ولحسن الحظ، تم الإعلان مؤخرًا عن مبادرة من هذا النوع، وينبغي على الولايات المتحدة دعمها.
ففي 16 سبتمبر، أطلقت المملكة المتحدة والمملكة العربية السعودية مبادرة الشراكة للأمن البحري في اليمن (YMSP) لتطوير قدرات خفر السواحل اليمني ودعمه في حماية التجارة البحرية ومكافحة التهريب والقرصنة قبالة السواحل اليمنية. وقد حضر مؤتمر المبادرة ممثلون عن 30 دولة وخمس منظمات دولية، من بينها الولايات المتحدة، وتلقت المبادرة تعهدات مالية أولية بملايين الدولارات، إذ تعهدت المملكة المتحدة والسعودية بمبلغ 4 ملايين دولار لكل منهما، إضافة إلى مليوني يورو من الاتحاد الأوروبي.
سبق للمملكة المتحدة أن بذلت جهودًا كبيرة لدعم خفر السواحل اليمني، كما ساهمت السعودية والولايات المتحدة والأمم المتحدة ودول أخرى في ذلك سابقًا. ومع ذلك، يؤكد اللواء الركن خالد القملي، رئيس مصلحة خفر السواحل اليمنية، أن القوة ما تزال تفتقر إلى الموارد اللازمة لتنفيذ مهامها بالكامل. لذا، يُفترض أن تبني هذه المبادرة الجديدة على الجهود السابقة لتطوير قدرات اليمن في مكافحة التهريب والقرصنة.
ولمعالجة هذا القصور، ينبغي على الولايات المتحدة زيادة دعمها المالي والمادي والعسكري لمبادرة YMSP التي تقودها بريطانيا والسعودية. فالجانب المالي واضح: فبمبلغ صغير نسبيًا مقارنة بميزانية الدفاع الأمريكية السنوية، يمكن للولايات المتحدة تعزيز قدرات اليمنيين بشكل كبير. كما يمكن لتزويد خفر السواحل بأسلحة أو أجهزة استشعار متطورة أن يحقق الأثر ذاته من خلال توسيع نطاق عملياتهم وتحسين التنسيق مع قوات التحالف وزيادة فاعليتهم في مواجهة الحوثيين.
وعسكريًا، يمكن للولايات المتحدة تقديم سلسلة من برامج التعاون الأمني الإقليمي (Theater Security Cooperation) لرفع مستوى تدريب القوات اليمنية. والأهم من ذلك، يمكنها تعزيز تبادل المعلومات الاستخبارية وتقديم الدعم اللوجستي المحتمل لخفر السواحل، مما سيحسن قدرتهم على تحديد الأهداف وتنفيذ العمليات المستمرة.
يتماشى هذا النهج مع سياسة إدارة ترامب الهادفة إلى تحقيق أقصى عائد من استثمارات السياسة الخارجية عبر مبادرات منخفضة التكلفة تعتمد على القوات المحلية وتقلل من المخاطر على الجنود الأمريكيين، وفي الوقت ذاته تساهم في الجهود الغربية لحماية حرية الملاحة في ممر مائي حيوي للاقتصاد العالمي.
إحدى الجوانب الأكثر أهمية في هذه المبادرة هي قدرتها على تعزيز جهود مكافحة التهريب في لحظة حرجة من الصراع في البحر الأحمر. فبعد نحو عامين من الهجمات على إسرائيل والسفن التجارية، لم تُبدِ جماعة الحوثيين أي بوادر إنهاك. فقد صمدت أمام أكثر من 1000 ضربة أمريكية خلال عملية "الراكب الخشن" (Operation Rough Rider)، وما زالت تتعرض لضربات إسرائيلية متكررة تستهدف مخازن أسلحتها وبُناها القيادية. إن تحسين قدرات اعتراض شحنات الأسلحة سيتيح للولايات المتحدة وحلفائها إعاقة الجهود الإيرانية لإعادة تسليح الحوثيين وتقليص قدرتهم على مواصلة الحرب.
ولتعزيز فعالية عمليات مكافحة التهريب، ينبغي أن تمتد أنشطة مبادرة YMSP إلى ما هو أبعد من خفر السواحل اليمني وحده. فـقوات المقاومة الوطنية اليمنية العاملة على الساحل الغربي أثبتت كفاءتها في اعتراض تهريب الأسلحة إلى الحوثيين، إذ تمكنت هذا الصيف من مصادرة 750 طنًا من الأسلحة كانت في طريقها للجماعة المدعومة من إيران. وينبغي إدراج هذه القوات ضمن برامج التدريب وتبادل المعلومات والدعم اللوجستي لتوسيع نطاق عملياتها ضد الحوثيين.
كما أن المجلس الانتقالي الجنوبي (STC) يسيطر على ميناء عدن. وبعد الغارات الإسرائيلية والأمريكية التي ألحقت أضرارًا بميناء الحديدة، تمكنت قوات المجلس من اعتراض قطع أسلحة وأجزاء طائرات مسيّرة كانت متجهة إلى الحوثيين بعد أن اضطرت إلى تحويل مسارها عبر ميناء عدن. ومن خلال دعم هذه القوات الإضافية، يمكن لمبادرة YMSP توسيع نطاق عمليات الاعتراض وتعزيز التعاون داخل التحالف المناهض للحوثيين.
ويجب أن تكون هذه المبادرة أيضًا الآلية الرئيسية لتنسيق الدعم الدولي لخفر السواحل اليمني، بما يضمن توزيع الأموال والموارد وفقًا لأولويات محددة وبشفافية تامة. كما يتعين على الدول المانحة ممارسة الرقابة على الإنفاق لضمان كفاءة استخدام الموارد ومنع الهدر والفساد، ما يعزز شرعية الجهود الدولية ويدعم مكانة الحكومة اليمنية على الساحة العالمية، ويفتح المجال أمام مزيد من الاستثمارات المستقبلية.
تُعد مبادرة YMSP خطوة مهمة نحو بناء قدرات اليمنيين لاستعادة وطنهم من الحوثيين. وإذا كانت الولايات المتحدة جادة في تأمين البحر الأحمر، فعليها أن تدعم هذه المبادرة دعمًا كاملًا وتسهم في تحقيق أهدافها القصوى. فاليمن القادر على هزيمة الحوثيين والتعاون مع الولايات المتحدة وحلفائها لاحتواء الطموحات الإيرانية هدف يستحق السعي إليه. ومن خلال ذلك، لن تساعد واشنطن اليمن فحسب على التقدم نحو مستقبل خالٍ من تهديد الحوثيين، بل ستعزز أيضًا أهدافها الأمنية القومية في الشرق الأوسط.
لقراءة المقال من موقعه الاصلي:
https://nationalinterest.org/blog/middle-east-watch/how-to-secure-the-red-sea-yemen