تقرير: من بيروت إلى صنعاء.. خيوط المواجهة بين إسرائيل وإيران تتشابك
يمن فيوتشر - الحرة- يحيى قاسم: الثلاثاء, 02 ديسمبر, 2025 - 11:01 مساءً
تقرير: من بيروت إلى صنعاء.. خيوط المواجهة بين إسرائيل وإيران تتشابك

في ما يبدو كمؤشر على احتمال تجدد المواجهة العسكرية بين إسرائيل وإيران، نقلت هيئة البث الإسرائيلية عن “مصدر أمني” قوله إن إيران تنخرط في سباق تسلح متسارع، استعدادا لاحتمال قيام إسرائيل بشن ضربة مباشرة داخل الأراضي الإيرانية.
وزعم المصدر الأمني، وفقا لـ”كان 11″، أن إيران تعمل على إعادة ترميم نفوذها الإقليمي الذي تضرر إثر الحرب الأخيرة مع إسرائيل، و”تكثّف من عمليات تسليح جماعة الحوثي في اليمن، وتمد حزب الله في لبنان ومجموعات مسلّحة في سوريا بعتاد جديد، بالتوازي مع تسريع وتيرة تهريب الأسلحة إلى الضفة الغربية”.
وفي ما يتعلق بحزب الله، قال المصدر إن طهران تتعامل مع نهاية العام الجاري، وهو الموعد الذي وضعته إسرائيل لنزع سلاح الحزب، كساعة صفر محتملة لمواجهة مباشرة، وأنها تسرّع تموضع قواتها ومليشياتها استعدادا لجبهة متعددة الاتجاهات.

 

شبكة جبهات
وتقول وسائل إعلام إسرائيلية إن ما يقلق اسرائيل هي “خيوط ارتباط ميداني بين حزب الله والحوثيين”. وكانت إسرائيل قد نفذت سلسلة اغتيالات لقادة عسكريين من الصف الأول داخل الحزب، تشير تقارير إلى أنهم ساهموا في بناء قدرات الحوثيين.
في أواخر نوفمبر الماضي، نشر موقع “ديفينس لاين” اليمني صورا يظهر فيها رئيس أركان قوات الحوثيين محمد عبدالكريم الغماري الذي اغتالته إسرائيل أواخر أغسطس 2025 في غارة جنوب صنعاء. وقال الموقع إن الصور مأخوذة من “فيديو مسرب،” وإن الغماري كان يتحدث في اجتماع، خلال دورة تدريبية، داخل خيمة عن “جهود وتضحيات قادة حزب الله” الذين ساعدوا الجماعة في بناء قوتها.
ووفقا للموقع فقد كان المسؤول عن تلك الدورة التدريبية هو محمد حسين سرور (الحاج أبو صالح)، القائد في “قوة الرضوان” والمسؤول عن القوة الجوية في حزب الله، والذي قُتل بدوره بغارة إسرائيلية في جنوب لبنان في سبتمبر 2024. وعُرف سرور في أوساط المحور الإيراني بأنه “مهندس القوة الصاروخية للحوثيين”، وظهرت له صور يرتدي زي الجيش اليمني ويشارك في العمليات الجبلية والساحلية.
وفي الصور ذاتها، يظهر القيادي العسكري علي عادل الأشمر (الحاج أبو مهدي)، الذي اغتيل أيضا في ضاحية بيروت في نوفمبر 2024، وكان من المستشارين الذين رافقوا الحوثيين ميدانيا في معاركهم بعمران وصعدة، وفقا لتقرير الموقع اليمني.
لكن الضربة الأكبر كانت باغتيال القائد العسكري الأبرز في “حزب الله”، هيثم علي الطبطبائي (أبو علي)، الذي اغتالته إسرائيل في 23 نوفمبر في قلب الضاحية الجنوبية لبيروت في عملية استخبارية “معقدة”. ووفق مصادر خاصة لـ”الحرة”، لم تستغرق العملية من لحظة رصد الفرصة الاستخبارية إلى التنفيذ سوى ساعة واحدة  ما يعكس دقة تخطيطها.
الطبطبائي الذي نعاه الحزب، كان يتولى “مهام قيادية عليا في ساحات محور المقاومة”، وقائدا لـ”قوة الرضوان” سابقا، وقاد وحدة العمليات في سوريا وفقا للمصادر الإسرائيلية، وتولّى خلال الحرب الأخيرة رئاسة أركان الحزب بعد مقتل القيادات الأولى. لكن ما لم يُسلط الضوء عليه سابقا هو دوره الممتد في اليمن.
في نوفمبر الماضي، أعلن نائب الأمين العام لـ”حزب الله”، نعيم قاسم، في خطاب تناقلته وسائل إعلام، أن الطبطبائي أمضى تسع سنوات في بناء القدرات القتالية للحوثيين، من 2015 وحتى 2024، ما يعكس الأهمية التي أولاها الحزب لهذه الساحة. وكان الطبطبائي يُشرف على برامج التدريب، تطوير الطائرات المُسيّرة، وتكامل الخطط العملياتية مع الحرس الثوري الإيراني.

 

خيوط متشابكة
تكشف أسماء القادة الذين اغتالتهم إسرائيل تباعا، من محمد سرور إلى عادل أشمر، إفبراهيم عقيل، وعلي جمال الدين جواد، وباسل شكر، أن وحدة “قوة الرضوان”، التي أُسست عام 2006 وسُمّيت تيمّنًا بالقائد عماد مغنية الذي كان يلقب بالحاج “رضوان”، قد تحوّلت إلى الذراع العابرة للحدود لحزب الله. فقد تم إرسال عناصرها إلى اليمن، وعملوا كمستشارين ميدانيين ضمن “المجلس الجهادي الحوثي”، بل وانخرطوا في أعمال عسكرية مباشرة، كما تؤكده الصور المنشورة، التي لم تتمكن “الحرة” من التحقق من أصالتها.
وتُظهر بعض الصور التي تداولها نشطاء من “حزب الله” والحوثيين القيادي باسل شكر خلال إشرافه على مناورة عسكرية للحوثيين في مارس 2024، حاكت اقتحام صحراء النقب جنوب إسرائيل. ويطرح السؤال: هل كان الحوثيون ينوون اقتحام صحراء النقب بالفعل؟ من حدود أي دولة؟

 

المعركة لم تعد سرية
يتزامن الحديث عن الصلة الميدانية بين حزب الله والحوثيين مع إعلان “الموساد” الإسرائيلي، في بيان تلقى مراسل “الحرة” في إسرائيل نسخة منه، عن “إحباط مخططات إيرانية في أوروبا وأفريقيا تستهدف مصالح يهودية وإسرائيلية.
وكان مكتب رئيس الحكومة الاسرائيلية قد قال في أواخر أوكتوبر الماضي إن الموساد كشف مسؤولا إيرانيا رفيعا، يُدعى سردار عمار، يقود جهازا عملياتيا تابعا للحرس الثوري وفيلق القدس، كان يقف وراء سلسلة محاولات لتنفيذ هجمات ضد أهداف إسرائيلية ويهودية في أستراليا واليونان وألمانيا خلال عامي 2024–2025.
ووفق البيان، كثّفت إيران منذ 7 أكتوبر جهودها لتفعيل خلايا سرية خارج الشرق الأوسط، مستخدمةً تجنيد عناصر أجانب، وتقنيات اتصال مشفرة، وأساليب تهدف إلى إخفاء أي بصمة رسمية تربطها بالعمليات. وأدى التعاون بين الموساد وأجهزة استخبارات وأمن في دول عدة إلى إحباط عشرات المخططات، واعتقال عناصر من الشبكات التي يديرها عمار، بحسب البيان.
وأشار البيان إلى خطوات دبلوماسية اتخذتها حكومات غربية، بينها طرد السفير الإيراني من أستراليا واستدعاء سفير طهران في برلين للتوبيخ. ونفت وزارة الخارجية الإيرانية، في أغسطس، صحة الاتهامات الغربية بأن طهران تسعى إلى زعزعة الاستقرار في الغرب.
ووصف المتحدث باسم الوزارة، إسماعيل بقائي، الاتهامات الغربية لأجهزة الاستخبارات الإيرانية، بأنها تهدف إلى “الضغط على الشعب الإيراني” و”تشتيت الرأي العام عن قضية غزة”، واعتبرها “لا أساس لها ومثيرة للسخرية”، وفق ما نقله موقع إيران إنترناشيونال.
وفي المحصلة، تعكس سلسلة العمليات الأمنية والاغتيالات التي تنفذها إسرائيل من الضاحية الجنوبية لبيروت وصنعاء مرحلة أكثر انكشافا في طبيعة الصراع بين إيران وإسرائيل. فالمعلومات المتداولة في الإعلام الإسرائيلي تشير إلى جهود لعرقلة ما تصفه بتوسّع نفوذ طهران الإقليمي، في مقابل مساعٍ إيرانية لتعزيز حضورها وشبكاتها في المنطقة وخارجها، وفق ما تذكره التقارير المتداولة.
وبينما تتحدث مصادر رسمية في إسرائيل عن إحباط مخططات خارج البلاد، تواصل طهران نفي الاتهامات المتصلة بنشاطها الأمني والعسكري خارج حدودها.
ومع ازدياد الحديث عن ارتباطات عابرة للجبهات بين أطراف محسوبة على إيران، وارتفاع وتيرة العمليات المنسوبة لإسرائيل، يرى مراقبون أن المشهد الإقليمي يدخل مرحلة أكثر حساسية. وتبقى اتجاهات التطورات المقبلة رهنا بحجم التصعيد على الأرض، وبقدرة الأطراف المعنية على تجنّب انزلاق أوسع قد يغيّر قواعد الاشتباك في المنطقة.


التعليقات