القدس: إسرائيل تحذّر من تمركز الحوثيين في سوريا وسط مخاوف من هجمات برّية متعددة الجبهات
يمن فيوتشر - جورزاليم بوست- يوسي مانشروف- ترجمة خاصة الإثنين, 01 ديسمبر, 2025 - 04:20 مساءً
القدس: إسرائيل تحذّر من تمركز الحوثيين في سوريا وسط مخاوف من هجمات برّية متعددة الجبهات

كشف وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف كاتس، خلال جلسة استماع في لجنة الشؤون الخارجية والدفاع في الكنيست بشأن الحدود السورية–الإسرائيلية، أن إسرائيل تستعد لاحتمال محاولة قوات الحوثيين التسلل إلى الجولان عبر سوريا. ويُعد هذا التصريح محطة مهمة في المواجهة المستمرة بين إسرائيل والحوثيين.

ويشير هذا التطوّر، إلى جانب التقارير الأخيرة حول تعزيز كلٍّ من حماس والجهاد الإسلامي وجودهما في سوريا، إلى الأهمية الاستراتيجية لتمسّك إسرائيل بالسيطرة على جبل الشيخ وبقية المناطق السورية التي يسيطر عليها الجيش الإسرائيلي منذ انهيار نظام الأسد في ديسمبر/كانون الأول 2024. فهذه المناطق تشكّل حاجزاً حيوياً يفصل بين التنظيمات المسلحة وبين التجمعات السكنية في الجولان.

ولم تكن الساحة السورية غريبة على الحوثيين؛ إذ نُشر عناصر منهم خلال الحرب الأهلية السورية (2011–2018) من قِبَل فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني للقتال ضد خصوم الأسد، في إطار برامج التدريب العسكري. وقد أكدت تقارير في تلك الفترة سقوط قتلى من الحوثيين في سوريا. وفي سبتمبر/أيلول 2024، أفادت وسائل إعلام يمنية وسورية معارضة بأن عشرات العناصر الحوثيين المتخصصين في إطلاق الصواريخ وصلوا إلى جنوب سوريا، بعد أن أرسلهم الحرس الثوري الإيراني والجيش السوري لتنفيذ هجمات ضد إسرائيل.


 

الاستعدادات الحوثية

منذ اندلاع حرب إسرائيل–حماس، يجري الحوثيون تدريبات تحاكي غزواً برياً لإسرائيل. وقد وثّقت وسائل إعلامهم مناورات تشمل التسلل عبر الأنفاق، والسيطرة على قواعد إسرائيلية، وخطف جنود. وتشمل هذه التدريبات استخدام الطائرات المسيّرة والدبابات والرشاشات والصواريخ والقذائف، وهي أدوات تُعدّ لتعبيد الطريق أمام محاولة السيطرة على أراضٍ إسرائيلية.

وكانت رغبة الحوثيين في الانخراط في القتال ضد إسرائيل واضحة منذ عام 2018، عندما أعلن قائدهم عبد الملك الحوثي أن قواته ستنضم إلى حزب الله في لبنان إذا اندلعت حرب بين إسرائيل ولبنان أو بين إسرائيل والفلسطينيين. ومؤخراً، تبيّن أن برامج التدريب الحوثية تتضمن دورة تحمل اسم “طوفان الأقصى”، تهدف إلى إعداد آلاف العناصر للمرور عبر السعودية أو العراق باتجاه الأردن، والتسلّح هناك، ثم التقدم لغزو إسرائيل من الشرق.

وتشير تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي الأخيرة إلى أن الحوثيين باتوا يمتلكون موطئ قدم في سوريا، وأن الجيش الإسرائيلي يستعد لاحتمال حدوث توغّل من تلك الجبهة أيضاً.


 

استعادة حضورهم في الساحة السورية

في هذا السياق، تعزّز موقع الحوثيين داخل المنظومة الإيرانية نتيجة أدائهم خلال حرب غزة، ويبدو أن فيلق القدس قد كثّف نشاطه في اليمن تبعاً لذلك. ففي منتصف نوفمبر/تشرين الثاني، أفادت وسائل إعلام يمنية معارضة بأن رئيس فرع فيلق القدس في اليمن، عبد الرضا شهلائي، عاد مؤخراً إلى اليمن قادماً من طهران، بعد أن استُدعي إلى العاصمة الإيرانية عقب هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول مباشرة، ربما لدواعٍ تتعلق بسلامته.

ويُذكر أنه في يناير/كانون الثاني 2020 نجا شهلائي من محاولة اغتيال أميركية، تزامنت مع الضربة التي قُتل فيها قائد فيلق القدس قاسم سليماني.

وخلال الحرب، ظهرت تقارير مختلفة حول خطط إيرانية لدفع الحوثيين لتنفيذ غزو بري لإسرائيل انطلاقاً من سوريا (قبل سقوط نظام الأسد في ديسمبر/كانون الأول 2024)، إلى جانب جهود مماثلة عبر ميليشيات أخرى تعمل من الأراضي الأردنية. ورغم أن تلك الخطط لم تُنفّذ، يبدو الآن أن محور المقاومة المدعوم من إيران يستغلّ ضعف سيطرة النظام السوري الجديد لإعادة ترسيخ وجوده في سوريا. ومع نضوج الظروف، فإن احتمال السعي مجدداً لشنّ هجوم بري على إسرائيل انطلاقاً من الأراضي السورية يبقى وارداً تماماً.


 

يجب على إسرائيل التحرّك

تكشف تصريحات كاتس عن مستوى عالٍ من اليقظة والمتابعة الاستخباراتية الدقيقة التي تمارسها إسرائيل تجاه نشاط الحوثيين. وفي الوقت نفسه، تضغط إدارة ترامب على إسرائيل لوقف عملياتها في سوريا، في إطار جهود واشنطن لدفع اتفاق مع نظام الرئيس السوري أحمد الشرع.

وتجسّد الغارة الإسرائيلية التي نُفّذت يوم الجمعة على مخابئ تنظيم “الجماعة الإسلامية” في قرية بيت جن الدرزية، الواقعة عند سفوح جبل الشيخ وعلى بُعد 11 كيلومتراً فقط من الحدود الإسرائيلية، مدى استعجال إسرائيل في ضرب البنية التحتية الإرهابية داخل سوريا.

وتُعد “الجماعة الإسلامية” امتداداً للتنظيم في لبنان، وتقوم على مرجعية إسلامية سنية، كما ترتبط بعلاقات وثيقة مع مقرّ حماس في لبنان. ووفقاً للتقارير، كان الفرع السوري يعمل بما ينسجم مع مصالح حماس وحزب الله عبر تطوير بنية تحتية في سوريا تتيح مهاجمة إسرائيل دون أن تتحمل الأطراف أي تبعات داخل الأراضي اللبنانية.

ويبدو أن إسرائيل لا تملك خياراً سوى اتخاذ إجراءات استباقية توجّه من خلالها رسالة واضحة بأن ترسّخ الحوثيين في سوريا أمر غير مقبول. وينسجم هذا النهج مع العقيدة الأمنية المحدّثة لإسرائيل، التي صيغت على ضوء دروس حرب إسرائيل–حماس، والتي ترفض وجود أي عناصر مسلّحة معادية على حدود إسرائيل.

ويُعدّ تحييد كلٍّ من حماس والجهاد الإسلامي في سوريا أمراً بالغ الأهمية أيضاً، وينبغي لإسرائيل ربط أي اتفاق مستقبلي مع نظام الشرع بإزالة جميع مكوّنات محور المقاومة من الأراضي السورية.

وتُظهر الخطابات الصادرة عن النظام الإيراني أن هناك تخطيطاً جارياً لاحتمال شنّ هجوم بري متعدد الجبهات على إسرائيل. وبناءً عليه، يجب على إسرائيل تطبيق عقيدتها الأمنية المحدّثة بكل صرامة، وهي عقيدة صيغت بتكاليف باهظة وتضحيات كبيرة.

الرابط اسفل لقراءة المادة من موقعها الأصلي: 

https://www.jpost.com/opinion/article-876716


التعليقات