تحليل: ماذا بعد الغارة الإسرائيلية التي غيّرت معادلة الصراع مع الحوثيين؟
يمن فيوتشر - شينخوا - ترجمة خاصة الثلاثاء, 09 سبتمبر, 2025 - 02:35 مساءً
تحليل: ماذا بعد الغارة الإسرائيلية التي غيّرت معادلة الصراع مع الحوثيين؟

دخلت المواجهة بين إسرائيل وجماعة الحوثي في اليمن مرحلة جديدة بعد الغارة الجوية الإسرائيلية التي استهدفت في 28 أغسطس/آب (أحمد الرهوي)، رئيس الحكومة المدعومة من الحوثيين، وأدت إلى مقتله مع تسعة من وزرائه.

ووفقًا للتقارير، كان هؤلاء المسؤولون الحوثيون يحضرون اجتماعًا في صنعاء لمتابعة خطاب متلفز لزعيم الجماعة (عبد الملك الحوثي) حول حرب غزة، عندما وقعت الغارات. وبحسب مصدر حوثي، فقد شنت الطائرات الحربية الإسرائيلية عشر ضربات استهدفت مبنى في جنوب صنعاء.

وتُعد هذه الحادثة الأولى من نوعها منذ أن بدأت إسرائيل ضرباتها على اليمن في يوليو/تموز 2024، حيث سقط فيها قادة بارزون من الحوثيين، ما أثار تساؤلات حول الاستراتيجية العسكرية الإسرائيلية، ومدى قدرة الحوثيين على الصمود، وإمكانية انزلاق المنطقة نحو تصعيد أوسع.

 

رد الحوثيين

عقب الضربات مباشرة، أبدى قادة الحوثيين موقفًا متحديًا، متعهدين بمواصلة دعم غزة وتعزيز قدراتهم العسكرية.
في 30 أغسطس/آب، حذر (مهدي المشاط)، رئيس المجلس السياسي الأعلى ـ وهو أعلى سلطة حاكمة للحوثيين في صنعاء ـ عبر خطاب بثته قناة المسيرة من أن “على إسرائيل أن تترقب أيامًا سوداء.”

كما أعلن وزير الدفاع (محمد ناصر العاطفي) أن قوات الحوثيين “مستعدة على جميع المستويات لمواجهة” إسرائيل، فيما أكد رئيس هيئة الأركان (محمد عبدالكريم الغماري) أن “العدوان الإسرائيلي على المواقع المدنية لن يمر دون عقاب.”

وفي الأول من سبتمبر/أيلول، أعلنت الجماعة أنها استهدفت ناقلة النفط “سكارليت راي” المرتبطة بإسرائيل في شمال البحر الأحمر. وفي الأيام التالية، أطلقت دفعات من الصواريخ والطائرات المسيرة باتجاه إسرائيل. ويوم الأحد، زعمت أنها أرسلت ثماني طائرات مسيرة نحو النقب وإيلات وأشكلون وأشدود وتل أبيب، وقد أصابت إحداها صالة الوصول في مطار رامون قرب إيلات، ما أسفر عن إصابة شخصين على الأقل وتعليق الحركة الجوية مؤقتًا.

ويرى محللون أن الحوثيين، الذين يمتلكون مخزونًا من الصواريخ والطائرات المسيرة القادرة على بلوغ العمق الإسرائيلي، يسعون إلى جر إسرائيل إلى حرب استنزاف طويلة الأمد.

كما مثّل احتجاز موظفي الأمم المتحدة وجهًا آخر للرد الحوثي؛ ففي 31 أغسطس/آب، اعتقلت الجماعة ما لا يقل عن 11 موظفًا أمميًا في صنعاء والحديدة، ليرتفع العدد إلى 34 موظفًا محتجزًا في شمال اليمن، وفق المبعوث الأممي الخاص هانس غروندبرغ. وذكرت تقارير إعلامية أن الحوثيين اتهموا الموظفين بالتجسس لصالح إسرائيل والولايات المتحدة.

 

هل سيتوسع الصراع؟

يُرجَّح ألا يؤثر مقتل القيادات المدنية البارزة على العمليات العسكرية للحوثيين، كونها تُدار من قبل قادة عسكريين متمركزين خارج صنعاء. ويقول محللون إن الجماعة ستواصل على الأرجح هجماتها ضد الأهداف الإسرائيلية.

وأوضح الخبير العسكري اليمني (علي بن هادي) أن “معظم القادة العسكريين الكبار يتمركزون في مناطق جبلية نائية في المحافظات الشمالية، ما يجعل الوصول إليهم بالغ الصعوبة.”

وقد أججت الضربات الإسرائيلية التكهنات بشأن ما إذا كانت تمثل بداية حملة أوسع ضد قيادات الحوثيين، بما قد يهدد التفاهمات الإقليمية الهشة ويزيد من حدة عدم الاستقرار.

وقال الكاتب السياسي اليمني (محمد محسن) إن “إسرائيل تخاطر بالانجرار إلى صراع بلا مخرج واضح. فإذا واصل الحوثيون هجماتهم، فقد تجد إسرائيل نفسها مضطرة إلى حشد موارد أكبر، في وقت تواجه فيه تحديات أمنية متصاعدة في الداخل.”

وحذّر محللون أيضًا من أن التوترات قد تتجاوز حدود اليمن، مشيرين إلى أن البحر الأحمر ومضيق باب المندب ـ وهما من أكثر الممرات البحرية ازدحامًا في العالم ـ مرشحان لمزيد من المواجهات التي تهدد التجارة الدولية.

كما أن أي تصعيد إضافي قد يستدعي تدخل فصائل يمنية متحالفة مع السعودية والإمارات، خصوصًا إذا تلقت دعمًا عسكريًا أو سياسيًا من واشنطن، وهو ما قد يزج بقوى إقليمية متعددة في صراع متسع.

وتلقي التوترات الأخيرة بظلالها على ترتيبات خفض التصعيد التي رعتها واشنطن مع الحوثيين في مايو/أيار الماضي، والتي أوقفت مؤقتًا الاشتباكات في البحر الأحمر. وأي عودة لاستهداف السفن الأميركية قد تنسف ذلك الاتفاق، لتجد واشنطن نفسها في مواجهة مباشرة مع الحوثيين.

ويرى محللون أن هذا التصعيد يعكس واقعًا أوسع: فالصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي، ما دام بلا حل، يواصل تغذية الاضطراب وعدم الاستقرار بما يتجاوز غزة، ويستدرج أطرافًا جديدة إلى دائرة المواجهة.

 

لقراءة المادة من موقعها الأصلي يرجى زيارة الرابط التالي: 

https://english.news.cn/20250909/f0d34d47f7ba4f6b9e35c6f1252af89c/c.html


التعليقات