تقرير: اليمنيون.. من عدن إلى ميشيغان عبر سايغون
يمن فيوتشر - الحرة- عزة وجدي: السبت, 06 سبتمبر, 2025 - 04:24 مساءً
تقرير: اليمنيون.. من عدن إلى ميشيغان عبر سايغون

كانت أميركا بالنسبة لهم رحلة إلى المجهول، يركبون السفن متخفين بين الركاب، أو متسللين إلى عنابر الشحن، ليجدوا أنفسهم في نهاية الرحلة عند نقطة واحدة: جزيرة إيليس، في خليج نيويورك.

واليوم، بعد أكثر من قرن، صار لليمنيين حضور سياسي واقتصادي كبير في الولايات المتحدة. قبل أيام، جلس اليمني الأصل أمير غالب، عمدة هامترامك في ميشيغان، إلى طاولة مع كبار المسؤولين في البيت الأبيض، يناقش قضايا بينها حظر دخول اليمنيين إلى الولايات المتحدة، بموجب قرار الرئيس دونالد ترامب الذي شمل 12 دولة ودخل حيّز التنفيذ في يونيو الماضي.

عمدة هامترامك في ميشيغان أمير غالب والرئيس الأمريكي دونالد ترامب

لكن كيف بدأ قصة اليمنيين مع أميركا؟

“في ثلاث موجات من الهجرة،” يجيب عبدالصمد الفقيه، رئيس مركز واشنطن للدراسات اليمنية، في حديث مع “الحرة”.

تعود جذور الهجرة اليمنية، يقول، إلى أواخر القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين. إذ جاء اليمنيون في موجتين بارزتين: الأولى سبقت الحرب العالمية الثانية، والثانية أعقبتها. وكانت غالبية المهاجرين في تلك الفترة من الرجال.

يضيف الفقيه، وهو أميركي يمني قَدِم والده إلى هنا في مطلع الستينيات، أن أولى الموجات تلك هي التي أرست أساس الحضور اليمني في أميركا.

عرس يمني في ولاية ميشغان - (تصوير رمزي العدني)

عرس يمني في ولاية ميشغان – (تصوير رمزي العدني)

أما الناشطة الأميركية من أصول يمنية، شريفة البنّا، فتقول: “جدي قدم إلى هنا في 1898”.

وتضيف، على هامش أحد لقاءات المناصرة للجالية اليمنية في واشنطن، أن أحد أجدادها دخل نيويورك بحرا في أواخر القرن التاسع عشر.

بعد عام 2015  – مع اندلاع الحرب الأهلية في اليمن – فقد طُرحت الهجرة الجديدة باعتبارها “موجة ثالثة” كبيرة، تميزت بأنها ذات طابع عائلي. ويصفها د. وليد مهدي، أستاذ مساعد في جامعة أوكلاهوما والمتخصص في السياسات الثقافية الأميركية العربية، بأنها “أكبر نزوح عائلي حديث لليمنيين” نحو الولايات المتحدة.

المناطق التي تعود إليها أصول معظم الأميركيين اليمنيين (الحرة)

وعلى اختلاف العصور وتغير الظروف، فإن الموجات الثلاث ارتبطت في معظمها بمناطق وقرى ريفية بعيدة عن المراكز الحضرية في اليمن، مثل الشعر وبعدان والعود في إب، والعرش والريش في البيضاء، وجُبن والشعيب في الضالع وقرى يافع في لحج.

لكن يبقى السؤال: من أين انطلقت الحكاية الأولى؟

يمنيون أمام مبنى الكابيتول خلال يوم المناصرة اليمني - سبتمبر 2025 (تصوير: عزت وجدي)

يمنيون أمام مبنى الكابيتول خلال يوم المناصرة اليمني الذي ينظمه مركز واشنطن للدراسات اليمنية – سبتمبر 2025 (تصوير: عزت وجدي)

بحّارة انطلقوا من عدن

لا يُعرف على وجه الدقة متى وطأت أقدام أوائل اليمنيين الأراضي الأميركية، غير أن الباحثة ماري بشارات، وفي واحدة من أوائل الدراسات الأكاديمية عن الهجرة اليمنية نُشرت عام 1975، أشارت إلى أن وصولهم ربما بدأ عقب افتتاح قناة السويس في ستينيات القرن التاسع عشر. وتضيف: “من شبه المؤكد أن قلة منهم كانت قد استقرت هناك قبل عام 1890”.

وخلال الحرب العالمية الأولى، التحق بعض المهاجرين اليمنيين في صفوف الجيش الأميركي، فحصلوا على الجنسية بموجب قانون التجنيس لعام 1918 (Alien Naturalization Act)، الذي منح الأجانب المجنّدين الحق في التجنس دون الحاجة لإثبات شرط الإقامة لخمس سنوات. وقد استفاد من هذا القانون مهاجرون عرب من بلاد الشام، وكذلك إيطاليون وغيرهم من موجات الهجرة الأوروبية.

إغلاق الباب مع “1917” و”1924″

لكن تلك النافذة التي فتحها “قانون التجنيس” أُغلقت سريعا مع صدور قانون الهجرة لعام 1917، الذي أنشأ ما عُرف بـ”المنطقة الآسيوية المحظورة”؛ وهي نطاق جغرافي يمتد من شبه الجزيرة العربية مرورا بالهند وجنوب شرق آسيا وصولا إلى جزر المحيط الهادئ، وحُظر بموجبه دخول أي مهاجرين من تلك المنطقة إلى الولايات المتحدة. وفرض القانون، أيضا، اختبار القراءة على المهاجرين القادمين من خارجها، للحد من تدفق غير المتعلمين من أوروبا الشرقية والجنوبية.

ثم جاء قانون 1924 (جونسون – ريد) ليُحكم القيود أكثر بفرض حصص وطنية صارمة، مع استثناء كامل لكل من وُلد داخل “المنطقة المحظورة”. وبذلك أصبح وصول يمنيين جدد شبه مستحيل، باستثناء حالات محدودة، وهو ما يفسّر لجوء معظمهم إلى الهجرة غير النظامية خلال عشرينيات القرن الماضي.

المنطقة الآسيوية المحظورة (Barred Zone Act) – 1917

أحمد حسن و”العرق الأبيض” – 1942

حتى أولئك الذين تمكنوا من الوصول إلى الولايات المتحدة خلال عشرينيات القرن الماضي وما بعدها، واجه بعضهم عقبة أخرى داخل قاعات المحاكم الأميركية.

ففي عام 1942، رفض قاض في ديترويت طلب التجنيس الذي تقدّم به المهاجر اليمني أحمد حسن، بعدما وصفه القاضي في الحكم بأنه “عربي من مواليد اليمن، بشرته بنية داكنة بلا منازع”، قبل أن يطرح السؤال: هل يُعدّ “شخصا أبيض” ضمن معنى القانون؟ ثم أجاب: “تخلص المحكمة إلى أنه ليس كذلك”.

ورغم أن قضية أحمد حسن كانت استثناءً لافتا أكثر من كونها قاعدة عامة، فإنها تكشف كيف جرى ربط العرق والدين بمسألة الاندماج والهجرة، ضمن مناخ قانوني اتسم بتصنيفات “المناطق الآسيوية المحظورة”. مع ذلك، فالصعوبات لم تبدأ عند أبواب المحاكم الأميركية فحسب، بل سبقتها معضلات أخرى منذ لحظة التفكير في السفر نفسه.

جواز سفر قديم يعود لمهاجر أميركي من أصول يمنية، صدر عام 1936 (الحرة)

جواز سفر قديم يعود لمهاجر أميركي من أصول يمنية، صدر عام 1936 (الحرة)

كيف كانوا يسافرون؟

قبل توحيد اليمن، لم تكن هناك دولة مركزية تُصدر جوازات سفر موحدة. في الجنوب، كان المشهد موزعا بين سلطنات ومشيخات خاضعة للحماية البريطانية، ولكل منها صلاحيات محدودة في إدارة شؤونها، من بينها إصدار جوازات أو وثائق مرور مختومة بختم السلطان تُعدّ رسمية وفق معايير ذلك الزمن.

أما في الشمال، حيث قامت المملكة المتوكلية تحت حكم الإمام يحيى حميد الدين (1918–1948)، فقد اتخذ الإمام موقفا متشددا إزاء الهجرة، فقيّد منح الجوازات ومنع كثيرين من السفر، الأمر الذي دفع أعدادا متزايدة من الراغبين في الهجرة إلى البحث عن منافذ بديلة في الجنوب.

وكانت الغالبية من المهاجرين الأوائل تنحدر من شمال اليمن ووسطه؛ من مناطق مثل إب والبيضاء. ويقول عبد الصمد الفقيه إن “سلاطين الجنوب كانوا يمنحون جوازات لأبناء الشمال”، ما أتاح لهم السفر عبر ميناء عدن والانطلاق نحو وجهاتهم البعيدة.

ومع سيطرة بريطانيا على عدن منذ 1839، تحوّل الميناء إلى مركز بحري وتجاري عالمي، وإلى محطة رئيسية للتزود بالوقود وتبادل السلع، هناك وجد كثير من اليمنيين أعمالا بسيطة، باعة على الأرصفة أو عمّالا في المخازن والمراكب، بينما اختار آخرون المغامرة؛ فتسلل بعضهم إلى السفن التجارية، وتمكنوا من إقناع القباطنة بتشغيلهم كبحّارة، فيما لجأ آخرون إلى الاختباء بين البضائع حتى عبروا المحيط.

بعض مسارات الهجرة اليمنية إلى الولايات المتحدة

مسارات هجرة غير تقليدية

لم تكن عدن المنفذ الوحيد؛ فقد اتجه بعض اليمنيين أولا إلى جيبوتي الخاضعة للاستعمار الفرنسي، ومنها عبروا البحر الأحمر وقناة السويس إلى أوروبا، وبالتحديد إلى مرسيليا.

أتاحت لهم تلك المحطات الاستعمارية الحصول على وثائق سفر مكّنتهم من تجاوز قوانين الحظر ومواصلة رحلاتهم عبر الأطلسي أو نحو مسارات أبعد. غير أن “ما كُتب عن هذه الرحلات لا يزال محدود”، كما يؤكد د. وليد مهدي.

كيف انتهى المطاف باليمنيين في فيتنام؟

ما لم يكن متوقعا أثناء تتبّع مسار الهجرة هو أن بعض اليمنيين وجدوا أنفسهم في قلب سايغون (هو تشي منه حاليا). هذه المدينة البعيدة تحوّلت، في منتصف القرن العشرين، إلى محطة ترانزيت غير مألوفة على الطريق الطويل نحو الولايات المتحدة.

كيف وصلوا إلى سايغون؟

خلال الحرب العالمية الثانية وما تلاها، انخرط يمنيون في أعمال الملاحة والنقل البحري ضمن شبكات الشركات البريطانية والفرنسية. عمل بعضهم في موانئ المستعمرات الفرنسية في الشرق الأقصى، ومنها سايغون. ومع تصاعد الحضور الأميركي في فيتنام خلال الخمسينيات والستينيات، انتقل كثيرون إلى العمل مع شركات أميركية أو مع مقاولين متعاقدين مع الجيش الأميركي لنقل الإمدادات.

وكما يوضح د. وليد، فإن هؤلاء “وجدوا أنفسهم جزءا من شبكة الملاحة التي استثمرت فيها الولايات المتحدة بكثافة، وانتقل كثير منهم من العمل مع الشركات البريطانية إلى الشركات الأميركية مباشرة أو عبر مزوّدين متعاقدين مع الحكومة الأميركية لدعم الشحنات”. هناك، اكتشفوا ثغرات قانونية فتحت أمامهم طريقا جديدا لم يكن متاحا من قبل للهجرة إلى الولايات المتحدة.

من خلال أوراق العمل أو صلاتهم بهذه الشركات، تمكن أولئك اليمنيون من الحصول على تأشيرات قنصلية تجاوزت القيود المفروضة على القادمين من “المنطقة المحظورة”. بعضهم قدّم نفسه كعامل مرتبط بالجيش الأميركي، وآخرون اعتمدوا على وثائق سفر من مستعمرات فرنسية. بهذه الطرق، تحولت سايغون إلى معبر خفي وغير متوقع في رحلة اليمنيين الطويلة نحو أميركا.

عدن وميشغان وشركة فورد

وإذا كانت سايغون قد شكّلت معبرا غير متوقع في منتصف القرن الماضي، فإن بدايات القصة تعود إلى ميناء عدن، حيث وجدت مصانع فورد في ديترويت ضالتها في العمال اليمنيين.

آنذاك، كانت مصانع فورد في ديترويت تواجه ضغوطا متزايدة من النقابات العمالية والإضرابات المتكررة، فبحثت عن مصادر بديلة للعمالة، ووجدت الحل في ميناء عدن. يقول الفقيه: “أرسلت فورد سفنا إلى عدن لتحمل عمالا يمنيين إلى ديترويت.” ويضيف د. وليد أن الشركة اختارتهم تحديدا “هرباً من ضغوط النقابات وبحثا عن يد عاملة أرخص”.

تشير تقديرات وثّقها د. أمين نويصر وفريق من الباحثين في دراسة عن تاريخ الهجرة اليمنية إلى أن ما بين 1000 و1500 يمني التحقوا بمصانع فورد، خصوصاً في مجمع ريفروج، قبل أن تتضاعف أعدادهم لتصل إلى نحو 8000 بحلول السبعينيات، مدفوعة بإلغاء نظام الحصص في قانون الهجرة لعام 1965 ورفع الحظر عن ما كان يُعرف بـ”المنطقة الآسيوية المحظورة”.

صلاة العيد في ديربورن في سبعينيات القرن الماضي

صلاة العيد في ديربورن في سبعينيات القرن الماضي

في ديترويت وديربورن وهامترامك، استقر اليمنيون في تجمعات متماسكة حول المساجد التي شكّلت محور حياتهم الدينية والاجتماعية. ومع مرور الوقت، امتد حضورهم إلى بافالو حيث مصانع الفولاذ، وإلى نيويورك عبر تجارة البقالات الصغيرة، قبل أن تجذبهم الزراعة في كاليفورنيا خلال الستينيات والسبعينيات، حيث ترسّخ وجود يمني طويل الأمد. لكن، كما يوضح د. نويصر، “رغم اغترابها، ظلت الجالية متشبثة بجذورها في الوطن الأم”.

ومع انغماسهم في الحياة الصناعية في المدن الأميركية، لم يقتصر دور اليمنيين على بناء تجمعات اجتماعية ودينية متماسكة، بل امتد أيضا إلى المشاركة الفاعلة في الحراك العمالي.

المسجد الجامع المركزي لمدينة ديربورن

في قلب النقابات العمّالية

“لم يكونوا عمالا صامتين”.

خلال التظاهرات العمالية في شوارع ديترويت السبعينيات، لم يكن المشهد يقتصر على أعلام النقابات ولا على اللافتات التي طالبت برفع الأجور. بين الصفوف كان يُلوَّح بالعلم اليمني وتُردَّد شعارات بالعربية، في حضور أعطى للحراك العمالي بعدا أمميا، كما يصفه د. وليد مهدي. إذ شارك اليمنيون في إضراب اتحاد عمّال السيارات (UAW) عام 1973 إلى جانب زملائهم الأميركيين، في مطالب لم تختلف كثيرا عن الآخرين، لكنها حملت صوت جالية مهاجرة ترسخ وجودها في قلب أميركا الصناعية.

وفي كاليفورنيا، انخرطوا في صفوف حركة عمّال المزارع بقيادة سيزار شافيز، وشاركوا في حملات المقاطعة الشهيرة للعنب والخس ضمن اتحاد عمّال المزارع (UFW). وتجسّد هذا الدور في شخصية ناجي عبد الله الذي، كما يقول د. وليد، “لم يكن مجرد مزارع عادي، بل ناشطا قوميا عربيا”. وهكذا التقت أصوات اليمنيين مع المكسيكيين والفلبينيين والأميركيين السود في مشهد تضامن عابر للأعراق ضد استغلال شركات كبرى.

ناجي ضيف الله: يمني في قلب حركة العمال الأميركية
في مطلع السبعينيات وصل الشاب اليمني ناجي ضيف الله إلى كاليفورنيا بحثا عن عمل، لم يلبث طويلاً حتى وجد نفسه في قلب حركة النضال العمالي التي قادها سيزار شافيز دفاعا عن حقوق المزارعين. عمل ناجي في حقول العنب بوادي سان خواكين، حيث لمس قسوة ظروف العمل: أجور زهيدة، ساعات طويلة تحت شمس حارقة، وانعدام أي ضمانات.
لم يقبل ناجي بهذا الواقع؛ فتعلم الإنجليزية والإسبانية، وأصبح صوتاً لليمنيين والعرب داخل اتحاد عمّال المزارع (UFW). وفي صباح 15 أغسطس 1973، شارك في مظاهرة سلمية بمدينة لامونت، وأثناء محاولة الشرطة تفريق المحتجين تلقى ضربة قاتلة على رأسه. رحل ناجي عن عمر 24 عاماً، ليكون أول يمني يسقط في أميركا دفاعاً عن حقوق العمال.

جنازة الناشط العمالي من أصول يمنية ناجي عبدالله (Bob Fitch photography archive, © Stanford University Libraries)

شيّعه أكثر من عشرة آلاف شخص يتقدمهم شافيز والناشطة العمالية دولوريس هويرتا، في جنازة تحولت إلى علامة فارقة في تاريخ النضال العمالي، يقول الفقيه: “قصة ناجي شكّلت وعياً جديدًا للجالية اليمنية في أميركا” وبعد أكثر من خمسة عقود، ما زالت ذكرى ناجي حاضرة؛ حيث رُفعت صورته مجدداً في إضراب البقالات الذي قاده اليمنيون في نيويورك عام 2017 تنديداً بقرار حظر السفر، لتذكر بأن مسيرة النضال العمالي التي بدأها لم تنته.

دولوريس هويرتا تقف خلف نعش ناجي ضيف الله في ديلانو كاليفورنيا – ​​1973
(Bob Fitch photography archive, © Stanford University Libraries)

“أميركا هي الوطن”

ومع ترسخ حضورهم في المصانع والحقول ثم في ساحات الإضرابات والنقابات، كان من الطبيعي أن ينتقل صوت اليمنيين الأميركيين لاحقا إلى ساحة السياسة وصناديق الاقتراع.

وبعد عقود ارتبط فيها حضور الجالية بالمصانع والمزارع، بدأ صوتها يجد طريقه إلى صناديق الاقتراع. ففي ميشيغان، فاز إبراهيم عياش بعضوية مجلس نواب الولاية، ليصبح أول نائب أميركي من أصل يمني. وفي هامترامك، انتُخب أمير غالب كأول عمدة يمني أميركي، قبل أن يُرشَّح لاحقاً لمنصب سفير الولايات المتحدة في الكويت.

ويشير د. وليد مهدي إلى أن “الحرب في اليمن بعد 2014 وحظر السفر في 2017 دفعا كثيرا من اليمنيين الأميركيين إلى إدراك أن العودة لم تعد ممكنة، وأن أميركا صارت وطنا دائما لهم ولأبنائهم”.

عمدة هامترامك أمير غالب اجتمع في البيت الأبيض مع وزير الخارجية ماركو روبيو ومسؤولين آخرين، لبحث دعم مالي للمدينة وتخفيف القيود على دخول المهاجرين اليمنيين إلى الولايات المتحدة.

عمدة هامترامك أمير غالب اجتمع في البيت الأبيض مع وزير الخارجية ماركو روبيو ومسؤولين آخرين، لبحث دعم مالي للمدينة وتخفيف القيود على دخول المهاجرين اليمنيين إلى الولايات المتحدة.

هذا التحول أفرز نشاطا سياسيا متناميا، من تشكيل لجان مناصرة يمنية في أروقة الكونغرس، إلى مشاركة الشباب في الحملات المحلية وظهور أسماء جديدة على بطاقات الانتخابات عاما بعد عام. كما برزت النساء بقوة؛ ديبي المنتصر، التي لعبت دورا في إضراب البقالات عام 2017، أسست رابطة التجار اليمنيين الأميركيين، فيما تميزت سمر ناصر في مجال العمل الإنساني.

وعلى الجانب الرياضي، لمع اسم الملاكم صدام علي، الذي مثّل الولايات المتحدة في أولمبياد 2008، كأول أميركي من أصل يمني يشارك في هذا المحفل العالمي.

الملاكم الأميركي من أصول يمنية صدام علي (رويترز)

الملاكم الأميركي من أصول يمنية صدام علي (رويترز)

وفي الانتخابات الأخيرة، برزت الجالية اليمنية كلاعب مؤثر؛ إذ أعلن قطاع واسع من اليمنيين الأميركيين في مدن مثل هامترامك وديربورن دعمهم لترامب، وهو ما انعكس في نتائج بعض الدوائر حيث كان صوت الجالية حاسماً لمصلحة المرشحين الذين أيدوهم.

لقد أكدت هذه التجربة أن اليمنيين الأميركيين لم يعودوا مجرد جالية صامتة، بل أصبحوا قوة انتخابية صاعدة، قادرة على ترك بصمتها في مسار الاستحقاقات السياسية داخل المجتمع المحلي. لكن هل ستظل قوة محلية؟ أم تتحول إلى قوة مؤثرة على مستوى وطني أوسع؟


التعليقات