تشاتام هاوس: الصراع بين إسرائيل والحوثيين قد يتجدد رغم الهدنة في غزة
يمن فيوتشر - جون بولوك – تشاتام هاوس- ترجمة خاصة  السبت, 25 أكتوبر, 2025 - 01:02 مساءً
تشاتام هاوس: الصراع بين إسرائيل والحوثيين قد يتجدد رغم الهدنة في غزة

يحمل اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس، الذي أُعلن في 9 أكتوبر/ تشرين الأول 2025، تداعياتٍ كبيرة على أمن الشرق الأوسط. ومن أبرز هذه التداعيات الطريقة التي سيؤثر بها على الصراع بين إسرائيل وقوات الحوثيين التي تسيطر على أجزاء واسعة من اليمن.

وتُظهر صور الأقمار الصناعية الصادرة عن شركة «ماكسار» – والمنشورة هنا للمرة الأولى – حجم الأضرار التي تسببت بها الضربات الجوية الإسرائيلية الأخيرة على اليمن. وتشير التحليلات إلى أنه، رغم التوقف المؤقت عقب اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، فإن الصراع بين إسرائيل والحوثيين قد يُستأنف قريبًا.

بدأ الحوثيون، المدعومون من إيران، بشنّ هجمات على إسرائيل وعلى الملاحة الدولية في البحر الأحمر بعد وقتٍ قصير من هجوم حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، مؤكدين أنهم يتحركون دعمًا للفلسطينيين. وقد أدت هجماتهم في البحر الأحمر إلى تعطيل طرق الملاحة الدولية، إذ استهدفت السفن التجارية بعمليات اختطاف وهجمات بطائرات مُسيّرة وصواريخ. كما أطلق الحوثيون مئات الصواريخ والطائرات المُسيّرة باتجاه إسرائيل، بما في ذلك أكثر من 80 صاروخًا باليستيًا وأكثر من 40 هجومًا بطائرات مُسيّرة منذ مارس/ آذار من هذا العام، وفقًا لصحيفة تايمز أوف إسرائيل.

وردًا على ذلك، شنّت الولايات المتحدة وبريطانيا، بدعم من حلفائهما، هجماتٍ ضد قوات الحوثي بين يناير/ كانون الثاني 2024 ومايو/ أيار 2025. كما نفّذت إسرائيل غاراتٍ جوية على مناطق تسيطر عليها الجماعة في اليمن منذ يوليو/ تموز 2024، واستهدفت مؤخرًا قياداتٍ حوثية بارزة في العاصمة صنعاء.

وبين يوليو/ تموز وسبتمبر/ أيلول من هذا العام، شنّت قوات الدفاع الإسرائيلية غاراتٍ جوية على موانئ البحر الأحمر الخاضعة لسيطرة الحوثيين في محافظة الحديدة وعلى العاصمة صنعاء، التي تسيطر عليها الجماعة أيضًا. وتفيد التقارير بأن الهجمات الإسرائيلية أدت إلى مقتل عشرات الأشخاص، من بينهم أحمد الرهوي، الذي أعلن نفسه رئيسًا للوزراء لدى الحوثيين، وعدد من الوزراء الحوثيين الآخرين في 28 أغسطس/ آب.

وبعد هجوم بطائرة مُسيّرة شنّه الحوثيون في سبتمبر/ أيلول على مدينة إيلات، المنتجع الإسرائيلي على البحر الأحمر، كتب وزير الدفاع الإسرائيلي إسرائيل كاتس على منصة X:

“إرهابيو الحوثي يرفضون التعلم من إيران ولبنان وغزة، وسيعرفون ذلك بالطريقة الصعبة. من يضرّ بإسرائيل مرة سيُضرّ سبع مرات.”


تأثير الهجمات الإسرائيلية

قال إيتاي بار-ليڤ، المحلل الإسرائيلي والمدير التنفيذي لمركز «ذا إنتل لاب»، إن الضربات الجوية الإسرائيلية ألحقت أضرارًا بالبنية التحتية اليمنية وأضعفت مؤقتًا قدرة البلاد على استيراد الأسلحة من إيران. وأضاف أن محاولة هزيمة الحوثيين عبر الغارات الجوية بعيدة المدى وحدها غير مرجّحة النجاح.

وأوضح: “يعمل الحوثيون ضمن قوة لا مركزية متواجدة في تضاريس جبلية وعرة، ولديهم مسارات تهريب متنوعة لإعادة التزوّد بالإمدادات. يمكن للمرافق المتضررة أن تعود إلى العمل خلال شهر واحد. والحملات السابقة الأمريكية فشلت في تحقيق نتائج حاسمة أو في إضعاف القدرات الحوثية بشكلٍ ملموس”.

ومن جانبه، قال فارع المسلمي، الزميل الباحث في برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التابع لمعهد تشاتام هاوس: “الضربات الجوية الإسرائيلية لن تُضعف الحوثيين، بل ستدمّر ما تبقّى من شرايين الحياة القليلة التي يعتمد عليها اليمنيون العاديون والمحتاجون في الحصول على المساعدات والغذاء”.

ويُعدّ اليمن، الذي يزيد عدد سكانه على 40 مليون نسمة، من أفقر دول العالم منذ التدخل السعودي–الإماراتي عام 2015 والانقلاب اللاحق للحوثيين. ومنذ مايو/ أيار من هذا العام، استهدفت إسرائيل مرارًا الموانئ الثلاثة الواقعة على البحر الأحمر والخاضعة لسيطرة الحوثيين — الحديدة، والصليف، ورأس عيسى — إذ تمرّ عبر هذه الموانئ نحو 70٪ من واردات اليمن و80٪ من المساعدات الإنسانية المتجهة إليه، وفقًا للأمم المتحدة.

 

هل سيستمر الصراع؟

منذ إعلان وقف إطلاق النار، توقفت هجمات الحوثيين على إسرائيل وفي البحر الأحمر. وقال زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي إن اليمن سيراقب مدى التزام إسرائيل باتفاق وقف إطلاق النار في غزة.

ويرى فارع المسلمي أنه إذا صمد الاتفاق، فسيستمر وقف الحوثيين لهجماتهم، لسببين رئيسيين. وقال: “أولًا، لقد حقق الحوثيون بالفعل أهدافهم الأساسية من خلال هجماتهم السابقة على البحر الأحمر وإسرائيل، والمتمثلة في إظهار قوتهم إقليميًا ودوليًا. ثانيًا، مثل حركة حماس، يسعون إلى خفض التصعيد وتجنّب مواجهة مباشرة مع إسرائيل”.

لكن إيتاي بار-ليڤ يرى أن الهجمات الإسرائيلية على اليمن وعلى الحوثيين يُرجَّح أن تُستأنف، فالمسافة الطويلة ونقص المعلومات الاستخباراتية يجعل تحقيق نصر حاسم – على غرار ما حققته إسرائيل على حزب الله عام 2024 – أمرًا غير مرجّح. وبدلًا من ذلك، قال إن إسرائيل “ستواصل حملة طويلة الأمد من الضربات الاستراتيجية”.

وأوضح أن إسرائيل تسعى إلى ترسيخ ما تعتبره نجاحًا حققته مؤخرًا في ضرب منظومات الدفاع الجوي الإيرانية والبنية التحتية الخاصة ببرنامجها النووي. كما أن مواصلة الحملة ضد الحوثيين المدعومين من إيران قد تُسهم في منعهم من التحول إلى تهديد مشابه لذلك الذي شكّله حزب الله في السابق، وبالتالي في تقويض ما يُعرف بـ«محور المقاومة» الإيراني، أي شبكة وكلائه الإقليميين.

وقال بار-ليڤ: “بينما تُعدّ إيران رأس الأخطبوط والهدف الرئيسي، ستواصل إسرائيل في الوقت ذاته حملة طويلة الأمد ضد الحوثيين لمنعهم من التطور إلى تهديد من الجيل التالي”.

لقراءة المادة من موقعها الأصلي:

https://www.chathamhouse.org/publications/the-world-today/2025-09/despite-gaza-ceasefire-israel-houthi-conflict-may-resume


التعليقات