تحقيق: شبكة مطارات جديدة تمتد على طول البحر الأحمر وخليج عدن بدعم إماراتي لتعزيز الأمن البحري
يمن فيوتشر - The Maritime Executive- ترجمة خاصةً الجمعة, 24 أكتوبر, 2025 - 01:22 صباحاً
تحقيق: شبكة مطارات جديدة تمتد على طول البحر الأحمر وخليج عدن بدعم إماراتي لتعزيز الأمن البحري

منذ أن بدأت قوات الحوثيين في مهاجمة السفن التجارية في الجزء الجنوبي من البحر الأحمر وخليج عدن، تراجع حجم الحركة البحرية عبر ممر العبور البحري الآمن (MSTC)، الذي يربط قناة السويس بالخليج وآسيا، بشكلٍ كبير.
ورغم الضربات القاسية التي تلقّتها جماعة الحوثي من القوات الأمريكية والإسرائيلية، فإن قدرتها على استهداف السفن ما زالت قائمة، ويمكن إعادة تفعيلها في أي وقت وفقًا لإرادة قيادتها.
أما إمكانية التوصل إلى حل سياسي أو تحقيق تحوّل حاسم في الحرب الأهلية اليمنية يضع حدًا للنية العدائية لدى الحوثيين، فتبدو بعيدة المنال.

وفي هذا السياق، تم خلال السنوات القليلة الماضية بناء شبكة من المطارات تمتلك إمكانات —لم تُستثمر بعد بالكامل— لتعزيز الأمن البحري على امتداد ممر العبور البحري الآمن (MSTC)، وذلك في إطار جهدٍ عسكري يهدف إلى احتواء التهديد الحوثي للملاحة الدولية.
وقد شُيّد تجمعان رئيسيان من المطارات:
    •    الأول يُشرف على الطرف الجنوبي من البحر الأحمر ومضيق باب المندب.
    •    الثاني يُطل على الجانب الجنوبي من الممر في خليج عدن.

أما بين هذين التجمعين، فتوجد قواعد إماراتية راسخة في بربرة وبوصاصو، تغطي الجانب الجنوبي من الممر عند طرفه الغربي.
ورغم غياب أي اعتراف رسمي، يبدو أن جميع هذه المطارات أُنشئت بموارد إماراتية. فشركات المقاولات التي تولّت تنفيذها مرتبطة بالإمارات، وكذلك السفن التي استخدمت في نقل الإمدادات اللازمة للبناء على الجزر كانت تابعة أو مرتبطة بجهات إماراتية.
وبسبب الطبيعة النائية لهذه المواقع وافتقارها إلى أبسط مقومات البنية التحتية، جرى نقل مواد البناء والمعدات والكوادر عبر الشواطئ مباشرة.

ولا تزال الجهة الراعية للمشروع داخل الإمارات —سواء كانت وزارة الدفاع أو إحدى الجهات الإنسانية أو الإغاثية— غير معروفة، غير أن الامتناع عن الاعتراف العلني بملكية المشروع يرجّح أن الجهة المنفذة ذات صلة بالأمن أو الدفاع.
وجميع الجزر والمناطق النائية التي أُقيمت عليها المطارات تقع تحت سيطرة المجلس الانتقالي الجنوبي (STC)، وهو أحد فصائل الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا (IRG).
ويعتمد المجلس الانتقالي الجنوبي على الإمارات اعتمادًا كبيرًا في الدعم المالي والعسكري، كما أنه يرتبط بها سياسيًا لضمان استمرار هذا الدعم.
ولا يُعرف على وجه الدقة ما إذا كان البرنامج مبادرة إماراتية مباشرة أم مشروعًا تابعًا للمجلس الانتقالي الجنوبي برعاية إماراتية، غير أن المجلس لا يمتلك الموارد الكافية لتنفيذ مشروع بهذا الحجم بمفرده.

وبالنظر إلى عقودٍ من الإهمال التي عانت منها تلك الجزر النائية في ظل الحكومات اليمنية المتعاقبة، وإلى صعوبة دعم المجتمعات الصغيرة التي تعيش فيها على صيد الأسماك كوسيلة للبقاء، يبدو من غير المرجح أن تكون الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا هي صاحبة المبادرة في إطلاق برنامج إنشاء المطارات.

ويمكن دعم مجموعة المطارات الواقعة في جنوب البحر الأحمر من خلال القاعدة الإماراتية الراسخة في عصب بإريتريا، أو عبر مطار المخا المدني اليمني الذي جرى توسيعه مؤخرًا.
وقد اكتمل إنشاء مطار بَرِيم عام 2021، ويقع في أضيق نقطة من مضيق باب المندب، ما يمنحه موقعًا استراتيجيًا بالغ الأهمية.
أما مطار زُقَر، الواقع في أقصى الجزر الشمالية من أرخبيل حنيش، فقد تم تشييده على عجل —إذ بدأ العمل فيه في يونيو/ حزيران من هذا العام واكتمل الأسبوع الماضي— وشُقّ مدرجه وسط القرية الرئيسية في الجزيرة. ويُطل هذا المطار على المدخل الجنوبي للموانئ الحوثية في الحديدة والصليف ورأس عيسى، التي تبعد نحو 55 ميلًا بحريًا إلى الشمال.

أما مطار ذو باب على الساحل اليمني جنوب المخا، فقد أُنشئ بين مارس/ آذار 2023 وفبراير/ شباط 2025. ونظرًا لوقوعه في منطقة نائية وخالية من السكان، يبدو أنه يتمتع بطابعٍ عسكري واضح، وربما يُستخدم كموقع احتياطي أو بديل لمطار بريم.
ويقع هذا المطار ضمن منطقة بحرية تمكنت فيها قوات الجبهة الوطنية للمقاومة بقيادة العميد طارق صالح، المتحالفة مع المجلس الانتقالي الجنوبي، من تنفيذ عدة عمليات ناجحة لاعتراض شحنات من المعدات العسكرية المهرَّبة إلى الحوثيين.

وتتميز مطارات زُقَر وبَرِيم وذو باب بمدارج قصيرة نسبيًا، تناسب طائرات النقل العسكرية من طراز C-130 وطائرات C-295 المخصصة للنقل أو للمراقبة البحرية، إضافة إلى الطائرات الصغيرة والطائرات المُسيّرة، لكنها غير مناسبة لعمليات الطائرات المقاتلة أو الهجومية المنتظمة.

وجميع هذه المطارات قريبة من الساحل، ما يجعل الدفاع عنها أمرًا صعبًا، كما أنها تفتقر إلى البنية التحتية اللازمة لدعم عمليات جوية مستمرة. ويبدو أنها صُمّمت أساسًا لدعم الطائرات الزائرة في مهام قصيرة وسريعة الدوران.
وفي الواقع، لم تُرصد أي طائرات في صور الأقمار الصناعية الملتقطة لهذه المطارات، باستثناء طائرة مُسيّرة شوهدت في مطار بَرِيم قبل فترة من الزمن.

وتتكرر الصورة ذاتها في مطارات أرخبيل سقطرى، التي يُرجّح أنها تتلقى دعمها من القاعدة الجوية الإماراتية الراسخة في حديبو.
أما مدرجا عبد الكوري وسمحة —والأخير لم يكتمل بناؤه بعد— فهما بسيطان للغاية، يخلو كلٌّ منهما من أي بنية تحتية داعمة أو مرافق تشغيلية.

وفي 16 فبراير/ شباط من هذا العام، يُرجَّح أن طائرة نقل متوسطة الحجم شوهدت على مدرج جزيرة عبد الكوري، غير أن الزائر المنتظم الوحيد هو طائرة نقل صغيرة تمكث على الأرض لساعات قليلة فقط، ويُحتمل أن تكون الطائرة نفسها ذات جناحين يبلغ امتدادهما نحو 20 مترًا، والتي يبدو أنها متمركزة في قاعدة حديبو.
ولم تُرصد أي طائرات مقاتلة أو هجومية في أيٍّ من هذه المطارات حتى الآن.

ومن الواضح أن هذه المنشآت الجوية يمكن أن تُستخدم لأغراض طارئة أو لتحويل المسارات الجوية، كما يمكن تجهيزها بسرعة لتصبح قواعد أمامية متقدمة عند الحاجة.
ومع ذلك، لم يظهر حتى الآن أي إسهام واضح لهذه المطارات في تعزيز الأمن البحري، باستثناء احتمال أن تُستخدم مطارات البحر الأحمر في دعم عمليات مكافحة التهريب التي تنفذها قوات المقاومة الوطنية.
ومن الممكن –من الناحية النظرية– أن تُستغل هذه المطارات لتزويد منشآت جمع المعلومات الاستخباراتية المقامة على المرتفعات في تلك الجزر بالإمدادات، إلا أنه لا توجد أي أدلة تؤكد ذلك.

وبصورة عامة، ورغم أن إنشاء شبكة المطارات يبدو أنه جرى برعاية دفاعية، فإن الفائدة العسكرية أو الأمنية البحرية من هذا الاستثمار لم تتضح بعد بصورة ملموسة.

 

لقراءة المادة من موقعها الأصلي عبر الرابط التالي: 

https://maritime-executive.com/article/network-of-airfields-in-place-along-red-sea-and-gulf-of-aden


التعليقات