أجرت منصة Bellingcat تحقيقًا جديدًا كشفت فيه عن سفينة شحن روسية أخرى ترفع العلم الروسي تُدعى إيرتيش (رقم IMO: 9664976)، تعمل في تحدٍّ للعقوبات الغربية من خلال تصدير الحبوب من شبه جزيرة القرم المحتلة إلى المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين في اليمن.
واتبعت السفينة إيرتيش النمط نفسه من الأساليب المضلِّلة الذي استخدمته سفن أخرى متورطة في ما تصفه أوكرانيا بـ”سرقة الحبوب”، إذ عطّلت نظام تتبّع موقعها أثناء رحلتها من وإلى ميناء سيفاستوبول. كما قامت السفينة بتوقّف إلزامي في جيبوتي للخضوع للتفتيش من قبل آلية الأمم المتحدة للتحقق والتفتيش الخاصة باليمن (UNVIM)، قبل أن تواصل رحلتها نحو ميناء الصليف في اليمن.
ويُذكر أن غالبية الدول الأعضاء في الأمم المتحدة قد صوّتت مرارًا ضد الغزو الروسي لأوكرانيا. وفي هذا السياق، صرّحت آلية UNVIM لمنصة Bellingcat بالقول:
“بصفتنا جهة تابعة للأمم المتحدة، ليس لدينا صلاحية حظر الشحنات استنادًا إلى عقوبات وطنية أو إقليمية أحادية الجانب.”
وأضافت:
“إن تفويض آلية UNVIM يقتصر على التحقق من الالتزام بقرارات مجلس الأمن الدولي المتعلقة باليمن.”
ومع ذلك، أشار خبراء سابقًا لموقع Bellingcat إلى أن الحقائق تُظهر أن شحنات الحبوب القادمة من الأراضي الأوكرانية المحتلة تمر عبر آلية التفتيش التابعة للأمم المتحدة، ما يخلق وضعًا محرجًا رغم محدودية صلاحيات هذه الآلية.
وباستخدام تحليل الصور الفضائية وبيانات نظام التعريف الآلي للسفن (AIS)، تمكن موقع Bellingcat من تتبّع رحلة سفينة إيرتيش. وخلال التحقيق، تم التعرف أيضًا على سفينتين إضافيتين تم تعطيل أنظمة تتبّعهما أثناء تحميل الحبوب في سيفاستوبول، وهما:
• ماتروس بوزينيتش (IMO: 9573816)
• ظفر (IMO: 9720263)
وبعد مرور أكثر من شهر على ظهور سفينة إيرتيش وهي تقوم بتحميل الحبوب في ميناء سيفاستوبول، كشف موقع Bellingcat عن سفينة روسية أخرى هي ماتروس بوزينيتش (Matros Pozynich)، كانت ترسو في الرصيف نفسه.
وقد كانت هذه السفينة معروفة سابقًا لدى CNN في عام 2022 لتورطها في تصدير الحبوب من أوكرانيا المحتلة، وتم تتبّعها أيضًا من قبل Bellingcat في العام التالي، حيث رُصدت في محطة حبوب أفليتا في 20 سبتمبر/أيلول.
وبعد يومين، أعادت سفينة ماتروس بوزينيتش تشغيل نظام التعريف الآلي للسفن قبل الإبحار عبر مضيق البوسفور، تمامًا كما فعلت سفينة إيرتيش. وقد التُقطت صور لها وهي تمر في المياه التركية وغاطسة بعمق في الماء، مما يوحي بأنها كانت محمّلة بالكامل.
وبعد توقفها في جيبوتي، يُرجَّح أنها خضعت للتفتيش من قبل آلية UNVIM، تُظهر بيانات AIS أن ناقلة البضائع غادرت متجهة إلى ميناء صالح في اليمن بتاريخ 8 أكتوبر/تشرين الأول. وحتى وقت نشر التقرير، لا تزال السفينة ماتروس بوزينيتش راسية قبالة ميناء صالح.
كما تم رصد سفينة ثالثة تُدعى ظفر، سبق تورطها في تهريب الحبوب، عبر صور الأقمار الصناعية وهي تُعطّل نظام AIS في ميناء سيفاستوبول منذ 23 سبتمبر/أيلول.
وفي وقت نشر التقرير، لم تتجه سفينة ظفر إلى اليمن عبر جيبوتي، بل كانت راسية قبالة ميناء الإسكندرية في مصر، وهو موقع معروف لتفريغ الحبوب القادمة من الأراضي الأوكرانية المحتلة، وفقًا لتقارير OCCRP.
سرقة الحبوب
حاولت أوكرانيا مرارًا ردع الدول عن شراء الشحنات المحمّلة بما تصفه بـ”الحبوب المسروقة من المناطق المحتلة”.
ولا يزال ميناء سيفاستوبول ومحطة حبوب أفليتا خاضعين للعقوبات الأوروبية والبريطانية والأميركية. ورغم عدم وجود عقوبات أممية محددة تستهدف الميناء، فإن غالبية الدول الأعضاء في الأمم المتحدة تبنّت قرارات تدين الغزو الروسي لأوكرانيا واحتلالها لشبه جزيرة القرم منذ عام 2024.
وقدّمت كل من سفينتي إيرتيش وماتروس بوزينيتش شحنات حبوب إلى ميناء صالح الخاضع لسيطرة الحوثيين، مرورًا بجيبوتي، نقطة تفتيش آلية UNVIM.
وبعد عشر سنوات من الحرب، تفيد تقارير المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR) بأن عشرات الآلاف في اليمن يعيشون في ظروف شبيهة بالمجاعة، بينما يواجه نحو خمسة ملايين شخص انعدام الأمن الغذائي.
وأكدت UNVIM لموقع Bellingcat أن سفينة إيرتيش خضعت للتفتيش وفقًا لبروتوكولات التشغيل الخاصة بالآلية في 7 سبتمبر/أيلول، وتمت الموافقة عليها من قبل خلية الإخلاء والعمليات الإنسانية التابعة للتحالف بقيادة السعودية في 8 سبتمبر/أيلول، وهي جهة مستقلة تمامًا عن الأمم المتحدة.
وعند سؤال الوكالة عما إذا كانت على علم بأن السفينة قد حملت الحبوب من ميناء خاضع لعقوبات غربية، أجابت:
“يقتصر تفويض UNVIM على التحقق من الالتزام بقرارات مجلس الأمن الدولي المتعلقة باليمن. أما العقوبات الوطنية أحادية الجانب أو الإجراءات خارج هذا النطاق فتقع خارج نطاق تفويضنا.”
ولم تستجب الحكومة الروسية أو وزارة خارجيتها لطلبات التعليق.
لقراءة المادة من موقعها الاصلي: