تحليل: كيف غيّرت إسرائيل معادلة المواجهة مع الحوثيين؟
يمن فيوتشر - وول ستريت جورنال- ترجمة خاصة الاربعاء, 03 سبتمبر, 2025 - 01:17 صباحاً
تحليل: كيف غيّرت إسرائيل معادلة المواجهة مع الحوثيين؟

ليلًا الأسبوع الماضي، التقط ضابطان في الاستخبارات الاسرائيلية إشارات تفيد بأن وزراء في حكومة الحوثيين يخططون لعقد اجتماع في العاصمة اليمنية صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة في اليوم التالي، وفقًا لمسؤولين اسرائيليين. وبعد ساعات قليلة، كانت الطائرات الإسرائيلية في الأجواء متجهة لقصف قاعة مؤتمرات حيث كان المسؤولون يجتمعون لمتابعة خطاب زعيمهم، عبد الملك الحوثي.

وأسفر القصف –بحسب ما أعلنه الحوثيون– عن مقتل ما لا يقل عن 12 مسؤولًا حكوميًا، بينهم رئيس الوزراء ووزير الخارجية، إضافة إلى إصابة آخرين بجروح بالغة. وقال مسؤولان أمنيان إسرائيليان مطلعان على العملية لصحيفة وول ستريت جورنال إن الضربة تأتي في إطار مساعٍ إسرائيلية لتعزيز معرفتها بحركة الحوثيين، التي كانت تمثل ثغرة استخبارية قبل اندلاع حرب غزة. وتؤكد الميليشيا المدعومة من إيران أن هجماتها الجوية على إسرائيل وعلى الملاحة في البحر الأحمر تهدف إلى إجبار تل أبيب على إنهاء الحرب.

وتعكس الضربة أيضًا توجهًا أمنيًا إسرائيليًا أكثر تشددًا، تسعى من خلاله إسرائيل إلى إيصال رسالة واضحة لخصومها بأنها سترد بقوة على أي تهديد محتمل، بحسب محللين عسكريين. ويشير عسكريون إلى أن هذه العقيدة الجديدة داخل صفوف الجيش تُعرف اختصارًا بـ FAFO (في إشارة لعبارة إنجليزية معناها: “جرّب لتكتشف العواقب”).

وقال أودي آيلام، المسؤول السابق في جهاز الموساد والباحث في مركز القدس للشؤون الأمنية والدولية: “إسرائيل تخلّت عن المعادلات القديمة للردع القائم على الرد بالمثل”.

وقبل ضربة الخميس، كانت الردود الإسرائيلية على هجمات الحوثيين تقتصر إلى حد كبير على استهداف البنية التحتية مثل الموانئ ومحطات الكهرباء. لكن خبراء في الشأن اليمني يرون أن الضربة الأخيرة كانت رمزية أكثر من كونها مؤثرة عمليًا، مشيرين إلى أن مصدر القوة الحقيقية يكمن في الميليشيا الحوثية ذاتها وليس في حكومتها. وقال محمد الباشا، مؤسس مركز باشا ريبورت للاستشارات الأمنية في الشرق الأوسط: “الضربة الإسرائيلية أصابت الواجهة الإدارية دون أن تمس البنية العميقة للجماعة. كانت جريئة، لكنها لم تُسجل انتصارًا استخباراتيًا استثنائيًا”.

ومنذ أشهر، ينجح قادة الحوثيين في الإفلات من القدرات الاستخبارية الإسرائيلية، عبر إطفاء هواتفهم المحمولة، والاعتماد على اللقاءات المباشرة، والابتعاد عن وسائل التواصل الاجتماعي، والتنقل المتكرر –أحيانًا بشكل يومي– بحسب ما أفاد به أشخاص مطلعون على نشاط الجماعة.

وفي يوليو/تموز، وبعد انتهاء صراع دام عشرة أيام بين إيران وإسرائيل أتاح إعادة توزيع الموارد البشرية، أنشأت شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية قسمًا جديدًا مخصصًا للحوثيين، وفق ما ذكره مسؤول أمني آخر. وقد ضم القسم نحو 200 جندي وضابط استخبارات.

ويقول المسؤولون الإسرائيليون إنهم يتوقعون أن يسعى الحوثيون للرد بالمثل. فالجماعة لطالما هددت بقتل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. ومنذ الضربة الأخيرة، الأسبوع الماضي، أطلق الحوثيون ما لا يقل عن ثلاث طائرات مسيّرة وعددًا من الصواريخ الباليستية باتجاه إسرائيل، إلا أن أيا منها لم يصل إلى الأراضي الإسرائيلية. وفي يوم الأحد، أطلق الحوثيون صواريخ على سفينة كانت تبحر قرب مضيق باب المندب، لكنهم لم يصيبوا الهدف.

وقال رئيس المجلس السياسي الأعلى للحوثيين مهدي المشاط، السبت: “على الرغم من أن العدو الغادر قد ألحق بنا الألم بهذا الفقد، فإننا نتعهد أمام الله، وأمام الشعب اليمني، وأمام أسر الشهداء والجرحى، بأننا سنأخذ بالثأر، ومن عمق جراحنا سنصنع النصر”.

ومؤخرًا، وقبل الضربة الإسرائيلية التي استهدفت حكومتهم، أطلق الحوثيون صاروخًا باتجاه إسرائيل قال مسؤولون عسكريون إنه كان يحمل للمرة الأولى ذخائر عنقودية، وهي أسلحة تتفجر عند الاصطدام لتتوزع إلى قنابل صغيرة تغطي مساحة واسعة.

وبعد تصعيد إسرائيل قتالها ضد الحوثيين، تأمل تل أبيب أن يكون لضرباتها أثر ردعي على الجماعة وعلى خصوم محتملين آخرين في المنطقة، بحسب ما أفاد به أحد المسؤولين الأمنيين. وأضاف أن هناك آمالًا في إسرائيل بأن يدفع ذلك الشعب اليمني المناهض للحوثيين إلى حمل السلاح مجددًا في مواجهتهم.

ويُسيطر الحوثيون على نحو ثلث الأراضي اليمنية، لكنهم يهيمنون على أكثر من ثلثي السكان. وحكومتهم المستهدفة تُصنّفها الولايات المتحدة منظمة إرهابية، وليست هي الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا والمتمركزة في عدن.

لكن من المرجح أن تواجه إسرائيل التحديات نفسها التي اصطدمت بها السعودية والإمارات والولايات المتحدة في محاولاتها لإخضاع الحوثيين. وقال أودي آيلام: “إسرائيل لا تستطيع تحمّل خوض حملة طويلة الأمد ضد الحوثيين. ومن شبه المؤكد أن عودة الأميركيين وانخراطهم مجددًا في المشهد أمر ضروري”.


التعليقات