تحليل: عوامل استمرار قوة الحوثيين في اليمن
يمن فيوتشر - ترجمة خاصة الاربعاء, 09 أبريل, 2025 - 01:35 مساءً

تُعد الحكومة الحوثية، التي تسيطر فعليًا على اليمن رغم عدم الاعتراف بها دوليًا، هدفًا منذ أن سيطر الحوثيون على العاصمة صنعاء في عام 2014، ما أثار تدخلًا إماراتيًا وسعوديًا في العام التالي دعمًا للحكومة الشرعية التي أُطيح بها.

وخلال هذه الحرب الأهلية، شكّل التفوق الجوي عنصرًا مهمًا في كبح التقدم الحوثي، لكنه لم يكن كافيًا لقلب موازين الصراع أو لتحييد قدرة الحوثيين على إطلاق الصواريخ الباليستية والمُجنّحة، أو لدفعهم إلى التراجع نحو معقلهم التقليدي في محافظة صعدة، شمال غرب البلاد.

ساهم غياب المعلومات الاستخبارية الدقيقة في محدودية فاعلية القوة الجوية للتحالف، كما عجزت القوات البرية عن إحراز تقدم يُذكر في تضاريس صعبة ومعقدة. وزاد الأمر تعقيدًا أن الحكومات الأميركية والأجنبية الأخرى فرضت قيودًا على بيع الأسلحة التي تتمتع بالدقة والقدرة التدميرية الكافية لتدمير ترسانة الحوثيين المتفرقة والمحصّنة من الطائرات المُسيّرة والصواريخ.

 

استندت قدرات الحوثيين في مجال الطائرات المُسيّرة والصواريخ إلى ترسانة مفاجئة في قوتها، تم بناؤها خلال الفترة التي سبقت اندلاع الحرب الأهلية، حين كانت القوات المسلحة اليمنية تمتلك ثلاث ألوية صواريخ أرض-أرض متمركزة في مجمّعات كهوف حول صنعاء، ومجهزة بصواريخ سكود ومشتقاتها، بالإضافة إلى صواريخ SS-21 المتنقلة.

علاوة على ذلك، كان اليمن يمتلك بنية تحتية وقدرة تقنية لدعم هذه القوة، كانت ذاتية الاستدامة، لكنها استفادت أيضًا من الخبرات التقنية الإيرانية، حيث اكتسب الإيرانيون معرفتهم في مجال الصواريخ خلال حربهم مع العراق، واستخلصوا دروسًا مهمة من حملة ملاحقة صواريخ سكود التي شنّها التحالف في حرب الخليج الأولى.

هذه القدرات لم تُقضَ عليها عبر الضربات الجوية السعودية والإماراتية منذ عام 2015، بل على العكس، ازدادت قوة وتطورًا.

وقد تُركت الأهداف المرتبطة بهذه التهديدات لتنمو وتتضاعف دون رقابة حتى بدأت جماعة الحوثي بشن هجماتها على الملاحة البحرية، ما أدى إلى تعقيد المشهد بشكل كبير.

تزداد صعوبة التعامل مع التهديد الحوثي نظرًا لطبيعة الخصم ذاته؛ إذ يُعد خوض الحروب نشاطًا شبه يومي في اليمن، حيث الحياة قاسية للغاية حتى في أوقات السلم.

وعلى امتداد التاريخ اليمني الحديث، كرّس اليمنيون قدرًا كبيرًا من طاقتهم لصراعات داخلية: من الحقبة البريطانية ما قبل عام 1967، إلى نضال الجنوب من أجل الاستقلال، ثم الصراع بين الملكيين والجمهوريين في الشمال، فالوحدة عام 1990، وما تلاها من انقلابات، وصولًا إلى الانقسام الفعلي للبلاد مرة أخرى في عام 2014.

يُقال إن هناك ثلاثة بنادق كلاشينكوف لكل فرد في اليمن، وتُستخدم بكثرة. كما يمكن للولاءات القبلية والفصائلية أن تتغير بين عشيةٍ وضحاها، وغالبًا ما يتم تحفيزها من خلال الدعم المالي الخارجي.

وكما وصف الباحث في معهد واشنطن، مايكل نايتس، فإن هذا الواقع أفرز "شعبًا من المحاربين يتمتعون بقدرة عالية على تحمّل الألم، وهم من أسوأ الخصوم الذين يمكن أن تُمارس عليهم ضغوط علنية".

 

من غير المرجّح أن تنجح أي محاولة لتدمير القدرات الحوثية في مجال الصواريخ الباليستية والمجنّحة بشكلٍ كامل.

فالانتشار الجغرافي المدروس للمخزون، إلى جانب عمق الخبرة التقنية داخل صفوف الحوثيين، يشير إلى أن جزءًا من هذه القدرات سيبقى قائمًا، حتى لو تم تدمير معظم الترسانة، مما يسمح بإطلاق صواريخ أو طائرات مُسيّرة كتعبير عن التحدي، وإن كانت عديمة الأثر العملي.

ولوقف هجمات الحوثيين الصاروخية والمُسيّرة، لا بد من تفكيك السلطة السياسية التي رسّخها الحوثيون، وآليات السيطرة الفعالة التي طوروها للبقاء على قمة الهيكل السلطوي.

ينبغي أن تتركّز الضربات على النواة القيادية الصلبة للحوثيين، لتجنب استعداء قطاعات أوسع من السكان.

وإذا تحقق هذا الهدف –رغم قدرة الجماعة العالية على تحمّل الضغط– فإن اللحظة قد تحين لانفصال القبائل الهامشية وبعض تيارات حزب المؤتمر الشعبي العام المترددة.

وحينها، قد يُغرى المقاتلون الحوثيون المتشددون بالانسحاب إلى معاقلهم في صعدة والاختفاء مؤقتًا، في انتظار فرصة جديدة لخوض جولة أخرى من الصراع في جغرافيا اليمن القاسية.

لكن، ولسوء حظ السكان المدنيين الذين يعانون في اليمن، فإن إنهاء التهديد الذي يشكّله الحوثيون على الملاحة البحرية العالمية يتطلب مواصلة حملة مكثّفة ومركّزة تستهدف البنية التحتية السياسية والأمنية الداخلية للجماعة، إلى أن يبدأ صمودها الحديدي وقدرتها على التحكم في التصدع.

وهذا يستدعي الحفاظ على وجود بحري أميركي قوي، خاصة حاملات الطائرات، في المنطقة حتى إنجاز المهمة، وهي مهمة قد يصعب تحقيقها دون دعم من الحلفاء.


التعليقات