اليمن: كيف يتحول العمل الاغاثي الى كابح للتعافي الاقتصادي؟
يمن فيوتشر - سمية الصريمي الاربعاء, 27 أبريل, 2022 - 01:33 مساءً
اليمن: كيف يتحول العمل الاغاثي الى كابح للتعافي الاقتصادي؟


يواجه اليمنيون أزمة اقتصادية حادة، إذ يشير أحدث تقدير للامم المتحدة، إلى أن 23,7 مليون شخص، يحتاجون لمساعدات إنسانية، في مؤشر على اتساع دائرة الفقر، وتدهور مستويات المعيشة، مع زيادة تضخم الأسعار، وانقطاع الرواتب، وانهيار عملة البلد المنكوب بحرب مستمرة للعام الثامن.
هذه الأوضاع المعيشية القاسية، دفعت الكثير من اليمنيين الى التدخل وتبني مبادرات العون لفقراء ونازحين، أبعدتهم الحرب عن ديارهم وسبل عيشهم، فظهرت مؤخرا عديد المؤسسات الأهلية الخيرية والإنسانية، التي تعد انعكاسا حقيقيا لغياب دور الدولة عن مسؤوليتها الاجتماعية.
ويفسر الصحفي مصطفى نصر رئيس مركز الإعلام الاقتصادي، تزايد عدد المبادرات الإغاثية والخيرية بقوله: "نظرا للحرب وحالة الفراغ في السلطة التي نشأت وايضا حالة النزوح التي نتجت عن العمليات الحربية في اليمن، جاءت الحاجة لدور إغاثي وإنساني عاجل".
واوضح أنه بعد ان توقفت العملية الاقتصادية في اليمن وانسحاب الشركات وكثير من المنظمات، ناهيك عن عدد النازحين الذين يقدر عددهم بأكثر من ثلاثة مليون نازح، فبالتالي حولت معظم المنظمات الدولية نشاطها إلى نشاط إغاثي وإنساني.
و تسعى المبادرات الإنسانية والإغاثية في اليمن لتأمين حاجة المعدمين الذين يزيد عددهم عاما بعد عام.
تقول الهام الذيباني وهي موظفة في مؤسسة علا المجد "لدينا عدد كبير من الأسر التي تعاني ظروفا صعبة، وبرغم الإعانات والدعم الذي نحصل عليه إلا أن عدد الأسر الفقيرة يفوق ما يأتينا من دعم".
لقد خلفت الحرب نتائج كارثية على مختلف الأصعدة ما أدى إلى تفاقم الوضع المعيشي وزيادة عدد من يحتاجون إلى إغاثة، فبات من الصعب على العاملين في المجال التكافلي الاعتماد على جهات محددة كمنظمات وغيرها لرفد العمل الانساني بل يسعون لتعدد مصادر دعمهم الإغاثي.
تضيف الذيباني: "لا نعتمد على المنظمات في تلقي الدعم المادي، ودائما نحصل على الدعم من تجار ومغتربين وأشخاص عاديين".
يتشارك اليمنيون أوضاعهم القاسية داخل اليمن وخارجها، ففي جمهورية مصر التي تستضيف ما يقارب مليون وسبعمائة الف يمني، يسوء الوضع المادي للكثير ممن يذهبون للعلاج او التعليم ما يزيد من مساهمة المتطوعين في العمل الخيري.
يقول الدكتور نجيب حسان، أحد مؤسسي فريق يمنيون في مصر: "يوجد ما يقارب عشر مبادرات في مصر تقدم مساعدات بمختلف أنواعها على مدار السنة مثل البطانيات، مواد غذائية، كسوة العيد وكل ما تستطيع هذه المبادرات تقديمه".
ويتعزز التكافل الاجتماعي في شهر رمضان حيث يعد مناسبة كل عام تظهر فيها الأعمال الخيرية   بصورة جلية فيما يشبه سباقا اجتماعيا محموما للتخفيف من معاناة الفقراء.
تقول بروفيسور علم النفس الاجتماعي نجاة صائم، ان "زيادة المبادرات الخيرية في رمضان وراءها الدافع الديني والرغبة في الأجر والثواب، ولكن مع الأسف الشديد، تحولت لدى البعض إلى مصدر شخصي، ولو ناقشنا هذه المبادرات بشكل موضوعي سنجد انها لا تحقق الهدف المرجو منها في الواقع، فالشخص المحتاج هو محتاج طوال العام وليس في رمضان فقط".
وبالرغم من أن معظم المبادرات الإنسانية تسعى إلى تحسين وضع المعسرين، إلا أن معظم ما تقدمه يتمحور حول الفائدة قصيرة الأمد، إذ تفتقر هذه الأعمال الإغاثية إلى وجود استراتيجية تحقق الاستفادة المستدامة.
تقول صائم ان "الشخص المحتاج هو محتاج طوال العام ولو عملت هذه المبادرات على تمكين هؤلاء الاشخاص وتعزيز قدراتهم على الإنتاج والاستقلال الاقتصادي بأنفسهم بدلا من تحويلهم إلى الاعتماد على تلقي الصدقات والمساعدات الغذائية بل وتحولت لدى البعض الى مهنة خصوصا في ظل غياب الدولة وتدهور الوضع الاقتصادي".
و يتفق معها الصحفي مصطفى نصر الذي يرى أن لهذه المبادرات جانب سلبي بقوله "الإغاثة مهمة في وقت الطوارئ، لكن أن تتحول إلى عملية مستمرة هذا أمر خطير ويؤدي إلى خلق حالة من الاتكالية وغياب الإنتاجية، يفترض أن يتم التحول إلى منهجية التعافي الاقتصادي".


التعليقات