تحليل: غياب الإصلاح في مجلس القيادة الرئاسي يعمّق الشلل السياسي ويبدّد فرص استعادة الدولة
يمن فيوتشر - Fernando Caravjal- middle East Forum- ترجمة خاصة الاربعاء, 15 أكتوبر, 2025 - 04:00 مساءً
تحليل: غياب الإصلاح في مجلس القيادة الرئاسي يعمّق الشلل السياسي ويبدّد فرص استعادة الدولة

لم تُحقق عملية «الفارس الخشن» (Operation Rough Rider) — وهي الحملة العسكرية الأمريكية المناهضة للحوثيين التي نُفِّذت في شهري مارس/ آذار وأبريل/ نيسان 2025 — سوى تأثيرٍ محدود على المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران.
فالحوثيون لم يكتفوا باستئناف هجماتهم على السفن المدنية في مضيق باب المندب وإطلاق الصواريخ على إسرائيل، بل إن خصومهم اليمنيين ما زالوا شبه مشلولين، منشغلين بصراعاتهم السياسية الداخلية.

وفي الوقت الذي يواصل فيه الحوثيون إحكام سيطرتهم على العاصمة صنعاء، يعمل أعضاء مجلس القيادة الرئاسي في وضعٍ أشبه بالبقاء على قيد الحياة وسط أزمةٍ اقتصادية متفاقمة وتزايد الاضطرابات في المحافظات المحررة. والوقت لا يصبّ في مصلحة الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً.

وبعد مرور ثلاث سنوات على وساطة المملكة العربية السعودية لتشكيل مجلس القيادة الرئاسي، ظهرت في أبريل/ نيسان شائعات عن التحضير لتشكيل قوةٍ قوامها 80 ألف جندي لشنّ هجومٍ بري ضد الحوثيين.
ورغم أن اتفاق الرياض الموقَّع في نوفمبر/ تشرين الثاني 2019 تضمّن في رؤيته الأصلية إنشاء مثل هذه القوة، إلا أنها لم ترَ النور قط، بسبب عجز الأطراف المتنافسة عن تجاوز خلافاتها وتوحيد قواتها الأمنية والعسكرية في مواجهة الحوثيين.

وقد أدّت الخلافات السياسية المستمرة في العاصمة المؤقتة عدن، وفي محافظات حضرموت ومأرب وشبوة وتعز، إلى إجهاض أي أملٍ في تشكيل قوةٍ موحّدة لاستعادة صنعاء منذ سبتمبر/ أيلول 2014.
أما الأحزاب السياسية، فلا تجمعها مصالح مشتركة تُذكَر، وبينما يقيّد الجمود الراهن الحوثيين داخل المناطق التي يسيطرون عليها منذ مطلع عام 2021، فإن ملايين اليمنيين ما زالوا يعانون من انقطاع الرواتب وغياب الخدمات الأساسية.

وفي ظل غياب أي إطارٍ دستوري، كان السبب الرئيسي للصراع داخل مجلس القيادة الرئاسي هو ضعف السلطة القانونية الممنوحة لرئيس المجلس (رشاد العليمي) وسبعةٍ من الأعضاء الآخرين: (عيدروس الزبيدي)، (طارق صالح)، (سلطان العرادة)، (عبدالله العليمي باوزير)، (عبدالرحمن أبو زرعة المحرمي)، (عثمان مجلي)، و(فرج البحسني).
ويمثّل أعضاء المجلس حزب المؤتمر الشعبي العام، وحزب الإصلاح، والمجلس الانتقالي الجنوبي، في تشكيلةٍ تُذكّر بمرحلة نظام الوحدة الفاشلة عام 1990.

ويمثّل الصراع مع الحوثيين تهديداً وجودياً بالنسبة للجنوبيين، لكنه لا يحمل المعنى ذاته لبعض التكتلات السياسية في الشمال. كما يشكّل الحوثيون تحدّياً للنظام الجمهوري ما بعد الثورة بالنسبة لكلٍّ من حزب المؤتمر الشعبي العام وحزب الإصلاح.
أما الخلاف بين المؤتمر الشعبي العام والجنوبيين، فيعود إلى تجربة الوحدة الفاشلة في مايو/ أيار 1990، التي انتهت بالحرب الأهلية عام 1994، والتي حُسِمت لصالح الشماليين، ما ولّد لدى الجنوبيين إحساساً بـ«الوحدة المفروضة» التي قمعت تطلعاتهم وسمحت باستغلال مواردهم الطبيعية.

أما الصراع بين المجلس الانتقالي الجنوبي وحزب الإصلاح، فهو معقّد ومتعدّد الأبعاد، تشكّله تراكماتٌ من انعدام الثقة تجاه الإسلام السياسي في الجنوب، إلى جانب مشاعر السخط الناجمة عن الفتاوى المتشددة التي وُجّهت ضد الجنوبيين خلال حرب 1994، والسياسات القمعية التي سادت في فترة آخر محافظٍ منتمٍ للإصلاح في عدن قبل اندلاع الصراع المسلّح الحالي في مارس/ آذار 2015.
وتتفاقم التعقيدات بفعل التنافس بين التيارات الدينية المختلفة، بما في ذلك السلفيون.
ورغم أن جنوب اليمن تاريخياً يرفض الإسلام السياسي، إلا أن المجلس الانتقالي الجنوبي يُقرّ بدور الدين في المجتمع، ويدرك في الوقت نفسه أهمية بناء تحالفاتٍ مع الفصائل السلفية التي تعارض كلاً من الحوثيين وحزب الإصلاح.

ويرى كل طرفٍ داخل مجلس القيادة الرئاسي أن بقاءه هو الأولوية القصوى. ويعكس غياب أي تقدّم في معالجة الأزمة الاقتصادية كلاً من عجزهم عن تلبية الاحتياجات الأساسية في المناطق المحررة، وعدم استعدادهم للمجازفة برصيدهم السياسي من أجل تخفيف معاناة ملايين اليمنيين.
ولكي يتمكّن أي طرفٍ من حشد قوةٍ عسكرية كبرى لطرد الحوثيين من أي محافظة، سيتعيّن عليه نقل قواته من مناطقه، مع الاعتماد على الثقة بأن الخصوم لن يستغلوا الفرصة لتجنيد مثيري الفوضى وزعزعة استقرار مناطق نفوذه.

أما دول الجوار، فهي مترددة في المساس بالوضع الراهن في ظل تهديدات الحوثيين بضرب أراضيها.
وفي غياب المصالح المشتركة، يكتفي كل طرفٍ بمراقبة الآخرين في انتظار ضعفهم أو سقوطهم، بينما يبقي دوره الأمني المحدود على قدرٍ من الحضور والشرعية السياسية.

ويظلّ إصلاح مجلس القيادة الرئاسي خارج نطاق اهتمامات الجهات الراعية له، إذ لم يُطرح حتى خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك الشهر الماضي. كما أن المقترحات البديلة لم تُفلح في معالجة أيٍّ من جذور الصراع.
أما الآمال بانخراطٍ مباشرٍ من الحكومات الغربية، فقد تبدّدت مع تصاعد الإرهاق من الصراع وانشغال تلك الدول بأزماتها الداخلية.

وهكذا، فإن المستقبل لا يبدو واعداً.
فما لم يتمكّن القادة اليمنيون أنفسهم من إيجاد طريقٍ للمصالحة وتجاوز خلافاتهم، أو صيغةٍ للتعاون من أجل إعادة بناء دولةٍ مركزية أو نظامٍ اتحادي، فإن ملايين اليمنيين سيواصلون المعاناة، بينما يحوّل المجتمع الدولي أنظاره نحو أزماتٍ أخرى.

 

لقراءة المادة من موقعها الأصلي:

https://www.meforum.org/mef-observer/lack-of-meaningful-presidential-leadership-council-reform-condemns-yemen-to-status-quo


التعليقات