"كيف تكون جلسة دعم نفسي أونلاين؟ كان من الصعب استيعاب الفكرة لأننا اعتدنا على النمط التقليدي لجلسات الدعم النفسي"، بهذه الكلمات بدأت قبول العبسي، رئيسة مؤسسة قرار للإعلام، حديثها عن تجربتها مع جلسات الدعم النفسي عبر الإنترنت. وأضافت: "كانت تجربة قصيرة لكنها مثمرة؛ ساعدتني على التخفيف من الاحتراق الوظيفي ولو بشكل جزئي. مجرد الحديث مع شخص يوجّهك إلى آليات للتعامل مع الصعوبات أمرٌ ذو أثر كبير".
خلال أربع جلسات فردية فقط، تمكنت العبسي من التخلص من بعض الضغوطات واستعادة جزء من شغفها، حيث أوضحت: "تعلمنا آليات لتفريغ المشاعر السلبية، ما ساعدنا على التعامل مع الصدمات والانتهاكات التي نواجهها في ظل الحرب".
وبعد هذه التجربة، تحمّست العبسي لاستكمال جلسات الدعم النفسي، مؤكدة على أهمية كسر المفاهيم المغلوطة في اليمن التي تعتبر هذا النوع من الرعاية وصمة عار.
وتضيف: "في ظل عملنا بالمجتمع المدني، نصل أحيانًا إلى مرحلة نفقد فيها الشغف والأمل بسبب الضغوط والانتهاكات المستمرة التي نواجهها أو نحتك بها بشكل مباشر. لذلك، نحن بحاجة إلى الدعم النفسي لاستمرار عملنا بأداء أفضل".
•إحصائيات وأرقام
تسببت الحرب المستمرة منذ عقد في اليمن بأضرار نفسية هائلة، خاصة للنساء والفتيات، اللاتي يواجهن تحديات جسيمة، منها العنف القائم على النوع الاجتماعي وتدهور آليات الحماية.
وفقًا لتقديرات صندوق الأمم المتحدة للسكان عام 2023، فإن حوالي 7 ملايين يمني بحاجة إلى دعم نفسي، مع تأثيرات أعمق على النساء. كما تشير تقديرات منظمة الصحة العالمية في تقريرها الصادر في أكتوبر 2023 إلى أن نحو 45% من اليمنيين – وأغلبيتهم نساء – يعانون من اضطرابات ناتجة عن الصدمات.
•فجوة بين الاحتياج والإمكانات
يرى مستشار العلاج النفسي والإرشاد الأسري، صفوان الجلال، أن الحرب والنزوح المستمرين في اليمن زادا من تدهور الحالة النفسية والاجتماعية، خاصة لدى النساء. ويقول الجلال لمنصة هودج: "واقع الصحة النفسية في اليمن كان هشًّا حتى قبل الحرب، لكن الحرب أظهرت الفجوة الهائلة بين الحاجة والإمكانات في هذا المجال، في ظل التهميش المجتمعي والرسمي للصحة النفسية".
ورغم وجود بعض التدخلات لدعم النساء، خاصة في مناطق النزوح، فإنها تظل محدودة جدًا ولا ترقى لتلبية الاحتياج الفعلي. فالمراكز النفسية التخصصية قليلة، ومتمركزة في مدن محددة، وتكاليفها مرتفعة، ما يجعل الوصول إليها صعبًا.
من جانبها، تؤكد نورا عبدالمغني، المعالجة في مستشفى الأمل للطب النفسي، على أهمية الدعم النفسي للنساء، قائلة: "المرأة في زمن الحرب تتعرض لصدمات متكررة، مثل فقدان الأحباء والعنف الجسدي أو الجنسي، مما يتركها عرضة لاضطرابات نفسية حادة. لذلك، فإن تقديم الدعم النفسي أمر حتمي لمساعدتها على تجاوز هذه الأزمات".
•جهود وتدخلات
على الرغم من الظروف الصعبة، سعت بعض المنظمات إلى تقديم برامج دعم نفسي للنساء المتضررات من الحرب. من بين تلك الجهود، مشروع "تعزيز وصمود" الذي نفذته مؤسسة "مبادرة مسار السلام"، ويهدف إلى تقديم جلسات دعم نفسي – بما فيها الجلسات الإلكترونية – لتعزيز صمود النساء وتحسين الرعاية الذاتية وتقليل التوترات الناتجة عن الضغوط اليومية.
وأكدت المؤسسة في تصريح خاص لمنصة هودج أن النساء اليمنيات بحاجة ماسة إلى برامج دعم نفسي للتخفيف من الآثار النفسية والاجتماعية التي خلفتها الحرب.
تم نشر هذه المادة في منصة هودج