سيواجه الرئيس المنتخب (دونالد ترامب) شرق أوسط مختلفًا تمامًا مقارنة بما كان عليه خلال ولايته الأولى.
فـ سوريا تغيرت بشكلٍ جذري، مما يخلق تحديات وفرصًا جديدة. و إيران أصبحت أضعف الآن، لكن التعامل الخاطئ قد يدفعها نحو تصعيد نووي. والسعودية باتت أكثر ثقة وأقل احتمالًا لدعم سياسة عدائية تجاه إيران.
أما الصراع العربي الإسرائيلي، فما زالت احتمالات تسويته بعيدة، مما يحد من توسيع اتفاقيات أبراهام.
والقرارات بشأن هذه القضايا المترابطة ستؤثر على النجاح الأمريكي، لكن استغلال الفرص دون الانزلاق إلى مغامرات محفوفة بالمخاطر قد يحقق استقرارًا أكبر للمنطقة.
•سوريا:
أشار الرئيس المنتخب ترامب بشكل صائب في منشور عبر وسائل التواصل الاجتماعي إلى أن سوريا ليست من المصالح الجوهرية للولايات المتحدة ولا تستدعي تصعيد التدخل العسكري الأمريكي. ومع ذلك، لا يعني هذا تجاهل ما يجري هناك. ورغم محدودية النفوذ الأمريكي في تشكيل تفاصيل الحكومة الجديدة في دمشق، يجب على واشنطن العمل لتجنب أسوأ السيناريوهات: الأول هو عودة تنظيم داعش في شرق سوريا، والثاني مواجهة محتملة بين حلفاء أمريكا، إسرائيل وتركيا، على الأراضي السورية.
و تتمتع واشنطن ببعض الأوراق القوية في هذا الملف، منها دعمها لقوات سوريا الديمقراطية (SDF) التي تسيطر على المناطق النفطية في شرق سوريا، وحضورها العسكري الذي يشمل 2000 جندي هناك، بالإضافة إلى قدرتها على رفع العقوبات الاقتصادية القاسية المفروضة على سوريا منذ فترة الحرب الأهلية.
•تهديد داعش وتصاعد التوتر التركي:
تزايدت هجمات داعش في عام 2024 مقارنة بعام 2023، مما يؤكد خطورة التهديد. و تحتجز قوات سوريا الديمقراطية (SDF) مقاتلي التنظيم في السجون، إضافة إلى مخيم كبير لعائلاتهم. وفي حال فقدت قوات سوريا الديمقراطية السيطرة على هذه المنشآت، سيزداد خطر عودة داعش بشكل كبير. ولكن تركيا، التي تدعم المعارضة المسلحة المناهضة للنظام السوري، تعتبر قوات SDF امتدادًا للمعارضة الكردية داخل تركيا وتواصل دعم الميليشيات التي تهاجم مواقع SDF، مما يهدد استقرار المنطقة رغم محاولات إدارة بايدن للتوسط في اتفاق لوقف إطلاق النار.
و في الأجل الطويل، قد تنشأ مواجهة بين تركيا وإسرائيل حول الجولان.
والرئيس التركي (أردوغان) ينتقد بشدة حملة إسرائيل في غزة، بينما يقود أحمد الشرع (المعروف بأبو محمد الجولاني)، قائد هيئة تحرير الشام، الحكومة الجديدة في دمشق، وهو يعارض إسرائيل بشدة. وإسرائيل لم تكتفِ بالسيطرة على المنطقة المنزوعة السلاح في الجولان بل توسعت إلى أراضٍ سورية إضافية بعد انهيار نظام الأسد. وقد قدمت تركيا بالفعل دعمًا عسكريًا للحكومة الجديدة في سوريا، مما يجعل احتمال حدوث مواجهة عسكرية تركية-إسرائيلية في مرتفعات الجولان أمرًا غير مستبعد.
و تتمتع الإدارة الأمريكية الجديدة بفرصة جيدة لمعالجة التوترات الآنية بين قوات سوريا الديمقراطية (SDF) وتركيا، وكذلك التوترات طويلة الأمد بين إسرائيل وتركيا. كما ترغب تركيا في نجاح الحكومة الجديدة بدمشق، ويمكن لواشنطن استخدام نفوذ رفع العقوبات لضمان التزام تركيا ووكلائها بوقف الهجمات على SDF والعمل مع جميع الأطراف لمعالجة قضية معتقلي داعش. كما تسعى دمشق إلى بسط سيطرتها على المناطق النفطية، لكن ذلك يجب أن يتم بعد الاعتراف بحقوق الأكراد بشكل مناسب.
و تستطيع واشنطن أيضًا التوسط بين تركيا وإسرائيل لتحديد قواعد الاشتباك. والتزام تركيا بعدم نشر قوات جنوب دمشق، إلى جانب تعهد الحكومة السورية بالالتزام باتفاقية فض الاشتباك لعام 1974 مع إسرائيل، قد يتيح انسحاب القوات الإسرائيلية إلى خطوط 1974.
•إيران:
واجهت إدارة ترامب الأولى في 2017 إيران وهي في أوج نفوذها الإقليمي، حيث كانت تهيمن عبر حلفائها وميليشياتها على المشهد السياسي في لبنان وسوريا والعراق واليمن، ولها نفوذ في الشأن الفلسطيني من خلال علاقتها بحماس. أما الآن، فقد تراجع نفوذ إيران بشكلٍ ملحوظ. وحليفها السوري سقط، وتعرّضت ميليشيا حزب الله لخسائر كبيرة بسبب الضربات الإسرائيلية. والهجمات الإيرانية المباشرة على إسرائيل كانت بلا تأثير يُذكر، بينما دمرت الهجمات المضادة الإسرائيلية دفاعاتها الجوية ومنشآت صواريخها الباليستية. كما أضعفت الحملة الإسرائيلية على غزة دور حماس في المعادلة العربية الإسرائيلية، وأصبحت إيران أضعف إقليميًا مما كانت عليه منذ بداية القرن.
و على الصعيد الداخلي، تواجه إيران موجاتٍ من الاحتجاجات الشعبية على مدى ست سنوات بسبب الأوضاع الاقتصادية القاسية والقيود الاجتماعية، لا سيما الإجراءات الصارمة ضد النساء.
و في ظل هذا التراجع، هناك دعوات متزايدة لزيادة الضغوط على إيران من خلال عقوبات أقسى أو ضغط سياسي وعسكري بهدف تغيير النظام. وقد دعا كل من (ماركو روبيو)، المرشح لمنصب وزير الخارجية، ومستشار الأمن القومي المقبل (مايك وولتز) إلى سياسات أكثر تشددًا تجاه إيران. لكن النهج السابق القائم على "أقصى ضغط" الذي شمل العقوبات القاسية والانسحاب من الاتفاق النووي لم يحقق تغيير النظام.
و رغم ضعفها، فإن إيران لم تنهار بعد، ولا تزال تملك جيشًا وقوات أمنية مخلصة. وبناء سياسة أمريكية مستقبلية ناجحة يتطلب مزيجًا من الضغط والالتزام بالتفاوض، مع الحذر من التكرار الفاشل لمحاولات التغيير السابقة.
و ليس السعي لتغيير النظام في إيران وحسب يواجه فرصًا ضئيلة حتى في ظل ضعفها النسبي حاليًا، بل إن مثل هذه السياسة قد تأتي بنتائج عكسية خطيرة وتترك الولايات المتحدة في وضعٍ أسوأ على المدى البعيد. و تمتلك إيران أصولًا إقليمية مهمة، مثل نفوذها في العراق وقوة الحوثيين في اليمن. و قد تلجأ إلى هجمات إرهابية أو سيبرانية أو عسكرية، بما في ذلك على صادرات النفط الخليجية، إذا شعرت بتهديد وجودي.
و الأخطر من ذلك، أن سياسة أمريكية تستهدف زعزعة النظام قد تدفع إيران لعبور العتبة النووية، مما يؤدي إلى مواجهة إيرانية-إسرائيلية واسعة قد تجذب الولايات المتحدة للحرب. والهجمات على القوات والمصالح الأمريكية في الخليج ستكون متوقعة في هذا السيناريو.
و بدلًا من ذلك، يجب على الرئيس المنتخب ترامب أن يتبع نهجه في إبرام الصفقات ويقدم لإيران خيارًا للاتفاق مع استمرار الضغوط الاقتصادية والسياسية، مع تأكيد عدم السعي إلى تغيير النظام. و ينبغي أن يعكس هذا الاتفاق ضعف موقف إيران الحالي، ويتضمن قضايا الصواريخ والتدخل الإقليمي، إلى جانب الملف النووي. ودعم إيران للحوثيين وهجماتهم يجب أن تتوقف، وحزب الله يجب أن يصبح فاعلًا سياسيًا داخليًا دون دور عسكري مستقل. كذلك، يجب احترام سيادة العراق.
و رغم موقفه الصارم، غالبًا ما عبّر ترامب عن نفوره من الحروب الجديدة، وأفضل طريقة لتجنبها هي الانخراط المدروس مع إيران، حيث هناك استعداد داخل النظام للحوار، مما يجعل الدبلوماسية خيارًا أقل خطورة بكثير من سياسة تغيير النظام الفاشلة.
•السعودية:
كانت السعودية محور سياسة ترامب في الشرق الأوسط خلال ولايته الأولى، حيث قام بأول زيارة خارجية له إلى الرياض. وقام صهره (جاريد كوشنر)، بتطوير علاقة مباشرة مع ولي العهد (محمد بن سلمان)، خارج القنوات الرسمية، مما أثار استياء وزارة الخارجية الأمريكية. وقد دعمت السعودية بحماس سياسة "الضغط الأقصى" ضد إيران واشترت أسلحة أمريكية بمليارات الدولارات. ورغم عدم انضمامها إلى اتفاقات أبراهام، فقد دعمت انضمام البحرين والإمارات وبدأت علاقاتٍ سرية مع إسرائيل.
لكن السعودية تغيرت. ففي عام 2017، استخدم محمد بن سلمان دعم ترامب لإقصاء (محمد بن نايف). أما الآن، فهو يركز على الاستقرار الإقليمي كجزء من رؤية 2030، وأعاد العلاقات مع إيران بوساطة صينية في 2023، متبنّيًا نهجًا أقل تصادمية.
و يمكن تتبع تحوّل ولي العهد محمد بن سلمان نحو الانخراط مع إيران مباشرة إلى إحجام الرئيس ترامب عن دعم السعودية بعد الهجوم الجريء الذي شنّته إيران بالصواريخ والطائرات المُسيّرة على منشآت النفط الحيوية في المملكة في سبتمبر/ أيلول 2019. وجاء ذلك الهجوم كرد فعل على الضغوط الاقتصادية التي فرضتها حملة "الضغط الأقصى" على الاقتصاد الإيراني. وقلل ترامب من خطورة الهجوم، مؤكداً أنه ليس من مسؤولية الولايات المتحدة الرد، ولم يتخذ أي إجراء عسكري يتناسب مع الهجوم الإيراني، وقد صُدمت السعودية من هذا التقاعس. ويمكن تتبع تقارب محمد بن سلمان مع إيران وإصراره في المفاوضات مع إدارة بايدن على أن تعترف السعودية بإسرائيل فقط مقابل اتفاقية دفاع رسمية مع الولايات المتحدة إلى غياب رد ترامب على هجوم 2019 الإيراني. وبناءً على هذا السجل، من غير المرجح أن تنضم الرياض إلى حملة "ضغط أقصى" جديدة ضد إيران.
كما أن التغيرات الإقليمية تجعل احتمالية موافقة السعودية على الانضمام إلى اتفاقيات أبراهام والاعتراف الدبلوماسي بإسرائيل أقل. و استندت المصلحة السعودية في إقامة علاقات مع إسرائيل إلى رؤيتهما المشتركة لإيران كتهديدٍ رئيسي، وإلى ما بدا أنه تراجع في أهمية القضية الفلسطينية في السياسات العربية بشكل عام. ومع إضعاف إيران بشكلٍ كبير بفعل الأحداث الأخيرة، تضاءلت حاجة السعودية إلى علاقة علنية مع إسرائيل. وأعادت حرب غزة القضية الفلسطينية إلى صدارة الرأي العام العربي، مما زاد من التكلفة السياسية المحلية لأي تقارب سعودي مع إسرائيل. و في نوڤمبر/ تشرين الثاني 2024، ونتيجة لهذا التغير، وصف محمد بن سلمان الحملة الإسرائيلية في غزة بأنها "إبادة جماعية"، كما حذّر إسرائيل من شنِّ هجوم على إيران. و لا يعني هذا أن السياسة الخارجية السعودية تخضع للرأي العام، لكنه يعكس قيام القيادة السعودية بإجراء تحليل للتكاليف والفوائد عند أي تغيير في السياسات. و قد انخفضت فوائد العلاقة العلنية مع إسرائيل، بينما زادت تكاليفها. وقد يتغير هذا الحساب مع تطور الديناميكيات الإقليمية. ومع ذلك، فإن الضغط على السعودية للانضمام إلى اتفاقيات أبراهام في الوقت الحالي سيكون على الأرجح مسعى غير مجدٍ.
•القضايا العربية-الإسرائيلية:
بالنظر إلى الدمار الساحق الذي ألحقته إسرائيل بقطاع غزة بعد الهجوم المروّع الذي نفذته حركة حماس ضد المدنيين الإسرائيليين في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، وما صاحب ذلك من جهود دبلوماسية مكثفة واهتمام إعلامي كبير، قد يُعذر فريق إدارة ترامب القادمة إذا اعتقد أن الساحة الإسرائيلية-الفلسطينية هي الجزء الذي تغيّر أكثر من غيره في الشرق الأوسط، ولكن هذا سيكون خطأً في التقدير. و على الرغم من الخسائر البشرية الفادحة والأضرار الهائلة التي لحقت بالبنية التحتية، لا تزال الديناميكيات الأساسية للصراع الإسرائيلي-الفلسطيني كما كانت قبل 7 أكتوبر/ تشرين الأول. و لا يبدي رئيس الوزراء الإسرائيلي (بنيامين نتنياهو) وحكومته أي اهتمام بتقديم التنازلات الإقليمية اللازمة لإقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة يمكن لأي شريك فلسطيني قبولها. بل إن الرأي العام الإسرائيلي، في أعقاب هجمات أكتوبر، ازداد ابتعادًا عن دعم حل الدولتين. كما أن حكومة نتنياهو لا تُظهر أي رغبة في تمكين السلطة الفلسطينية من تولي إدارة غزة، خوفًا من أن يؤدي وجود شريك فلسطيني موحّد يدعم حل الدولتين إلى زيادة الضغوط الدولية على إسرائيل للدخول في مفاوضات للتوصل إلى اتفاق سلام. و أي خطة سلام أمريكية جديدة لحل الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني ستواجه المصير نفسه الذي لاقته خطط السلام السابقة، وبالتالي فهي لا تستحق أن تستهلك وقت الإدارة الجديدة.
و هذا لا يعني أن واشنطن يمكنها تجاهل الصراع المستمر في غزة أو العمليات العسكرية الإسرائيلية في لبنان وسوريا. و إن أي أمل في الشرق الأوسط مستقر يستدعي وقف القتال في غزة، الذي استحوذ على اهتمام الشعوب في المنطقة وخارجها. و لن يكون هناك تعاون عملي بين إسرائيل والدول العربية طالما استمر سفك الدماء هناك. كما أن غزة هي الذريعة التي يستخدمها الحوثيون لاستمرار هجماتهم الصاروخية من اليمن، سواء ضد إسرائيل مباشرة أو ضد حركة الملاحة الدولية في البحر الأحمر. و وقف إطلاق النار، بما في ذلك عودة الرهائن، يعتبر خطوة ضرورية نحو تحقيق الاستقرار الإقليمي، لكنه من غير المرجح أن يؤدي إلى زخم سياسي نحو حل مستدام. و العمل الإنساني في غزة يستحق الجهد بذاته، ولكنه لا يجب أن يُخلَط مع عملية دبلوماسية لحل القضية الأوسع بين إسرائيل والفلسطينيين. ببساطة، هذا ليس مطروحًا على الطاولة في ظل الواقع السياسي الإسرائيلي الحالي.
و يمكن للولايات المتحدة أن تستخدم علاقتها مع إسرائيل للعب دور سياسي أكثر إيجابية على الجبهتين السورية واللبنانية. كما تم التطرق إليه سابقًا، يمكن لواشنطن التفاوض مع تركيا والحكومة السورية الجديدة من موقع قوة، وذلك وبشكل جزئي لأن الولايات المتحدة وحدها قادرة على إقناع الإسرائيليين بالانسحاب من الأراضي السورية التي احتلوها مؤخرًا (على عكس الأراضي التي يحتلونها منذ عقود). ومع تدمير القيادة الأساسية لحزب الله، ينبغي على الولايات المتحدة التعاون مع شركائها العرب وفرنسا لتشكيل حكومة لبنانية جديدة تبدأ في بسط سيادتها على كامل الأراضي اللبنانية وتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل الذي تم التوصل إليه في نوفمبر/ تشرين الثاني 2024. وبالمثل، فإن واشنطن وحدها تملك النفوذ اللازم لحثّ إسرائيل على الوفاء بالتزاماتها في هذا الاتفاق والانسحاب في نهاية المطاف من الأراضي اللبنانية.
و تحقيق النجاح على هاتين الجبهتين من شأنه أن يسهم في تعزيز الاستقرار الإقليمي، رغم أنه لن يحل القضايا الجوهرية التي لا تزال عالقة في الصراع العربي-الإسرائيلي، و هي الاعتراف الأوسع بإسرائيل من قبل الدول العربية، واعتراف إسرائيل بحق الفلسطينيين في تقرير المصير، وانسحاب إسرائيل من الأراضي المحتلة. وللأسف، يبدو أن المدى السياسي لمعالجة هذه القضايا الأساسية ما زال بعيدًا.
•ختاماً:
على غرار أسلافها الديمقراطيين الأخيرين، وكما في تجربتها الأولى، تأتي الإدارة الجديدة للرئيس ترامب إلى السلطة وهي تسعى لتقليل التركيز المكثف على الشرق الأوسط الذي ميّز السياسة الخارجية والعسكرية الأمريكية منذ هجمات 11 سبتمبر/ أيلول 2001، وهذا يعتبر توجّه حكيم. فالتغيرات الأخيرة في المنطقة تفتح آفاقًا تتيح للولايات المتحدة تخصيص موارد أقل وتحمل أعباء أقل لضمان مصالحها، ولكن فقط إذا أحسنت استخدام أوراقها. و لا يعني ذلك التخلي عن تلك الأوراق أو الانسحاب من المنطقة نفسها، فهي لا تزال ذات أهمية كبيرة للدور العالمي للولايات المتحدة. بل يعني ذلك استخدام النفوذ الأمريكي لتحقيق أهداف تجعل مصالحنا والتزاماتنا أكثر اتساقًا.
و يتطلب ذلك اتباع ثلاث قواعد بسيطة ولكنها صعبة التنفيذ.
القاعدة الأولى هي تجنب الوقوع في فخ سياسة تغيير النظام في إيران، التي لن تؤدي إلا إلى إدخال الإدارة في جولة جديدة من الأزمات والحروب. القاعدة الثانية هي تجنب جعل التسوية النهائية للصراع العربي-الإسرائيلي أولوية، حيث إن هذا المسعى سيستنزف الجهود ويصرف الانتباه عن أهداف أكثر قابلية للتحقيق. أما القاعدة الثالثة فهي تذكّر أن استقرار الشرق الأوسط يتطلب حكومات قادرة فعليًا على إدارة مجتمعاتها والسيطرة على أراضيها، وليس بالضرورة حكومات تتوافق مع معايير "نادي الديمقراطيات".
و من خلال أهداف متواضعة، وتوقعات واقعية، ودبلوماسية ثابتة، يمكن للإدارة الثانية القادمة لترامب أن تترك الشرق الأوسط في وضع أفضل مما هو عليه عند تسلمها السلطة.
لقراءة المقال من موقعه الاصلي:
https://www.mei.edu/publications/different-middle-east-how-should-washington-respond