تحليل: ترسيخ مكانة جنوب إفريقيا كحارس لطريق رأس الرجاء الصالح
يمن فيوتشر - DRYAD Global -ترجمة ناهد عبد العليم: الاربعاء, 08 يناير, 2025 - 03:07 مساءً
تحليل: ترسيخ مكانة جنوب إفريقيا كحارس لطريق رأس الرجاء الصالح

تصاعدت التوترات في البحر الأحمر، خاصة مع وقوع هجمات مثل عملية اختطاف ناقلة النفط غالاكسي ليدر، مما دفع كبرى شركات الشحن إلى تغيير مسارات سفنها نحو رأس الرجاء الصالح. و يُتوقع أن تزداد هذه التحويلات بشكل كبير بحلول عام 2025. ورغم ما يتيحه هذا التغير من فرص اقتصادية، تواجه جنوب إفريقيا تحدياتٍ كبيرة في التوفيق بين المكاسب قصيرة الأجل وأهدافها البحرية طويلة الأمد، مما يكشف عن مشكلات استراتيجية تتطلب معالجة عاجلة.
و تتمتع الموانئ الرئيسية في جنوب إفريقيا، مثل كيب تاون ودوربان وجكبيرها (Gqeberha)، بمواقع استراتيجية تجعلها عقدًا أساسية في الشحن العالمي والسياحة البحرية، حيث تقدم خدماتٍ حيوية تشمل صيانة السفن وتبديل الأطقم وتزويد السفن بالتموين. بالإضافة إلى ذلك، يتزايد الإقبال على جنوب إفريقيا كمحطة للسياحة البحرية الدولية، مع تزايد عدد السفن التي تتجاوز قناة السويس. ومع ذلك، فإن هذا التدفق المتزايد لحركة السفن يحمل معه مخاطر متصاعدة، بما في ذلك الحوادث البحرية مثل التصادمات وجنوح السفن، التي قد تؤدي إلى عواقب بيئية وبشرية وخيمة.
و تُناط بهيئة جنوب إفريقيا لسلامة الملاحة البحرية (SAMSA) مسؤولية إدارة هذه المخاطر، لكنها تواجه صعوباتٍ كبيرة نتيجة لعوامل مثل الأمواج العاتية الشهيرة في المنطقة وزيادة حركة الملاحة. وقد أدت الزيادة الملحوظة في حوادث الجنوح والغرق وسقوط الحاويات إلى إبراز الحاجة المُلِحَّة إلى تعزيز إجراءات السلامة وتطوير البنية التحتية البحرية لضمان سلامة الملاحة وحماية البيئة البحرية.
و تزايد حركة الشحن البحري يأتي في وقتٍ تسعى فيه جنوب إفريقيا لتعزيز مكانتها كمركز بحري مسؤول على الساحة الدولية. وعلى الرغم من هذه الطموحات، تعرّضت البلاد لانتكاساتٍ، من أبرزها فشلها في الفوز بإعادة انتخابها لعضوية مجلس المنظمة البحرية الدولية (IMO)، مما حرمها من فرصة التأثير على بروتوكولات الشحن العالمية. وللتعامل مع التحديات الراهنة في مجال سلامة الملاحة البحرية، يتعين على هيئة جنوب إفريقيا لسلامة الملاحة البحرية (SAMSA) إعطاء الأولوية لإجراء تقييم شامل للمخاطر المتعلقة بأنظمة الملاحة والبنية التحتية بحلول مارس/ آذار 2025. ويعد توسيع نطاق نظام إدارة معلومات المحيطات والسواحل (OCIMS) خطوة حاسمة لتعزيز قدرة البلاد على مراقبة حركة السفن، و الاستجابة للحوادث، ومكافحة الأنشطة البحرية غير القانونية.
و رغم أهمية موانئ جنوب إفريقيا للتجارة الإقليمية والدولية، تعاني هذه الموانئ من ضعف الكفاءة، و تقادم البنية التحتية، والازدحام المتزايد. ومع التوسع في التجارة ضمن إطار منطقة التجارة الحرة لقارة إفريقيا (AfCFTA)، تواجه الموانئ صعوبة في التعامل مع ارتفاع حجم الشحنات. 
و تسعى الحكومة إلى تحديث الموانئ عبر شراكات بين القطاعين العام والخاص، لكن هذه الجهود تواجه تحديات، بما في ذلك النزاعات القانونية حول امتيازات المحطات في ميناء دوربان، والمنافسة من الموانئ الإفريقية الأخرى، مثل تلك الموجودة في موزمبيق. و لضمان الحفاظ على القدرة التنافسية، يجب على جنوب إفريقيا تحسين كفاءة الموانئ بشكل جذري، و تقليص أوقات الانتظار، وتبني تقنيات حديثة مثل الأتمتة.
و تسعى جنوب إفريقيا إلى ترسيخ مكانتها كمركز عالمي للوقود الأخضر، في ظل التحولات الدولية نحو الطاقة النظيفة في قطاع الشحن البحري. ومع ذلك، تشكّل البنية التحتية المحدودة لتزويد السفن بالوقود وإيقاف خدمات التزويد بالوقود البحري من قبل هيئة الإيرادات الجنوب إفريقية عقبات كبيرة أمام هذا الطموح. وفي إطار سعيها لتحقيق أهداف إزالة الكربون الدولية، يجب على جنوب إفريقيا معالجة قضية التلوث البحري بشكل عاجل، وتسريع الإجراءات التشريعية المتعلقة بحوكمة الموانئ، ومكافحة التلوث، وسلامة الملاحة البحرية لضمان استجابات فعالة وسريعة للأزمات مثل تسرب النفط.
علاوة على ذلك، ما تزال الحاجة إلى إستراتيجية وطنية منسقة للأمن البحري تمثل فجوة رئيسية. ورغم الجهود الرامية إلى تحسين التنسيق بين الوكالات البحرية واعتماد نهج حكومي شامل، كان التقدم بطيئًا منذ الإعلان الأولي عن هذه الإستراتيجية في عام 2019. و من خلال سد الفجوات في البنية التحتية والأمن والسلامة والأطر التشريعية، يمكن لجنوب إفريقيا تعزيز مكانتها كبوابة رئيسية إلى إفريقيا جنوب الصحراء وترسيخ دورها كلاعب محوري في مستقبل طريق رأس الرجاء الصالح.

لقراءة المقال من موقعه الاصلي:

https://channel16.dryadglobal.com/positioning-south-africa-as-guardian-of-the-cape-route


التعليقات