تقرير: حملة إلكترونيّة منسّقة ضد الحوثيين في اليمن تنذر بمصير “الأسد”
يمن فيوتشر - درج الاربعاء, 08 يناير, 2025 - 01:40 مساءً
تقرير: حملة إلكترونيّة منسّقة ضد الحوثيين في اليمن تنذر بمصير “الأسد”

استغلّ خصوم جماعة الحوثي المدعومة من إيران، انهيار نظام الرئيس السوري بشار الأسد لإطلاق أنشطة إلكترونية منسّقة، تروّج لفكرة “سقوط الهلال الفارسي”. شارك في الحملة تكتلات افتراضية معروفة بتورّطها الممتد في أعمال الحشد وتنسيق الحملات الإلكترونية والدعاية السياسية وإطلاقها.

فيما كان بشار الأسد يحصي ساعاته الأخيرة في دمشق، مع اقتراب فصائل المعارضة من العاصمة فجر الأحد 8 كانون الأول/ ديسمبر 2024، برز حشد يمني دعائي نشط، يعبّر عن تطلعات لإسقاط جماعة الحوثي، متأثراً بسقوط محتمل للنظام السوري.

خلال الفترة من 7 إلى 24 كانون الأول 2024، برز الحشد الدعائي عبر منصة “إكس” في موجتين متتاليتين اتخذتا نسقاً منظماً؛ إذ سُجِّل أكثر من 135 ألف تدوينة بمتوسط يومي يصل إلى 5600 تدوينة، وفقاً لإحصاءات Meltwater الرائدة في تحليل محتوى الشبكات الاجتماعية.

تركز الحشد عبر وسوم؛ مثل: #الحوثي_بعد_بشار و#قطع_يد_إيران_في_اليمن و#سقوط_الهلال_الفارسي و#تحرير_صنعا_مطلب_وطني و#تحرير_صنعاء_مطلب_وطني و#الحسم_العسكري_مطلب_يمني و#Wont_Forget_Houthis_Crimes.

شُوهد محتوى الوسوم أكثر من 30 مليوناً و700 ألف مرة، وكانت في نطاق رؤية إضافي محتمل يقدّر بـ 17 مليون مرة مشاهدة. ونتجت منها 463 ألف حالة تفاعل (إعجاب، إعادة مشاركة “ريتويت”، ردود وتعليقات).

من يقف وراء الحملة؟

شاركت عشرات الآلاف من الحسابات في الحشد الافتراضي المنظم المناهض لإيران وذراعها في اليمن، بإجمالي بلغ 30,849 حساباً. وساهمت حسابات يمنية وسعودية ضخمة، تتميز بعدد كبير من المتابعين، في تعزيز التحشيد والحفاظ على رواج الوسوم لفترات ممتدة منذ سقوط نظام الأسد.

شاركت في الحشد الافتراضي بصورة رئيسية حسابات أنصار “الجمهورية”، من الموالين للرئيس السابق علي عبدالله صالح، ومؤيدي نجل شقيقه، طارق صالح، نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي وزعيم ما يسمى بـ”المقاومة الوطنية”، إلى جانب نشاط حسابات داعمي انفصال جنوب اليمن عن شماله، وحضور حسابات سعودية.  

سبق أن تورط عدد من الحسابات المشاركة في الحشد في حملات إلكترونية منسقة على مدار سنوات النزاع في اليمن، البلد صاحب أكبر أزمة إنسانية في العالم، بحسب توصيف الأمم المتحدة. بالإضافة إلى الانخراط في البروباغندا السياسية لدول وقادة بارزين، كما السعودية والإمارات. 

تضع غالبية الحسابات المؤثرة في الوسوم صورها الشخصية، مع صور أخرى لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وشعارات قومية؛ مثل: “السعودية العظمي، دام عزك يا وطن”. 

وضمّت هذه الحسابات، خصوصاً اليمنية، إعلاميين وصحافيين ومؤثرين اجتماعيين، بالإضافة إلى مسؤولين سابقين وحاليين في سلطة مجلس القيادة الرئاسي، المدعوم من السعودية، والذي يتخذ من عدن مقراً رسمياً له، بعد طرد الحكومة اليمنية من صنعاء على يد الحوثيين قبل عقد من الزمن.

ولعبت تكتلات افتراضية دوراً بارزاً في تضخيم رسائل أطراف النزاع على شبكات التواصل الاجتماعي؛ من بينها “الجبهة الإعلامية الوطنية”، التي تضم حسابات مملوكة لمؤثرين وشخصيات حقيقية وأخرى وهمية، تعمل بشكل منسق لدعم الرسائل الدعائية.

وكان حساب هديل أحمد @hedeel36، أحد أبرز قادة التكتل الافتراضي، حاضراً بقوة في الوسوم موضع التحليل.

إلى جانب تورطه الكثيف في تنظيم الحملات الإلكترونية وتنسيقها، ينصب نشاط الحساب على الدعاية لصالح أحمد علي عبدالله صالح، نجل الرئيس اليمني السابق، وابن عمه طارق صالح، المدعوم من الإمارات والسعودية.

أنشئ الحساب في تموز/ يوليو 2015، ولديه 25 ألف تدوينة، ويكتب في مساحته التعريفية بأنه يعمل على “دعم وتنشيط الحسابات”.  

نشط على الوسوم وزير الإعلام اليمني، معمر الإرياني، ومستشاره أحمد المسيبلي. ودعا الإرياني إلى المشاركة في “حملة إعلامية كبرى”، حدد موعدها؛ “بهدف فضح جرائم ميليشيا الحوثي الإرهابية التابعة لإيران، التي لا تختلف في فظاعتها عن تلك التي شهدها العالم في سوريا”، بحسب تدوينته التي نشرها في 15 كانون الأول 2024.

وحدد الإرياني وسمين للحملة؛ وهما: #لن_تنسى_جرائم_الحوثي و #Wont_Forget_Houthis_Crimes.

إلى جانب ذلك، برز حضور شبكات إخبارية يمنية عدة، غالباً ما تعكس سياستها التحريرية موقفاً مناهضاً للحوثيين، مثل شبكة “إيجاز”، التي وثّق مجتمع التحقق العربي مشاركتها في حملات إلكترونية عدة. ويُعد هذا التوجه بادرة بارزة في المشهد اليمني، إذ تنخرط وسائل الإعلام على جانبي النزاع في أنشطة إلكترونية منسّقة.

 

 

تعبئة افتراضية موازية لمعارك على الأرض

مع انهيار النظام السوري، تصاعدت الدعوات في اليمن لـ”معركة استعادة الدولة” أو السيطرة من الحوثيين. وبالتزامن مع ضربات جوية أميركية ووعيد إسرائيلي بالرد على هجمات المسيرات والصواريخ الحوثية، كانت هناك معارك لا تزال محدودة على الأرض في مأرب وتعز.

واكب ذلك حشد افتراضي واسع، تضمن وسوماً للحملة الحالية تدعو إلى “تطهير” البلاد من الحوثيين و”المشروع الفارسي”. كما شهد الحشد استدعاء حوادث ومقاطع فيديو توثق انتهاكات الجماعة على مدار سنوات الأزمة اليمنية، مع التركيز على سجونها السرية، وتشبيهها بسجن صيدنايا سيئ السمعة في سوريا. بالإضافة إلى ذلك، تم الترويج لمصير مشابه قد يواجهه زعيم الحوثيين، عبدالملك الحوثي، على غرار ما حصل مع بشار الأسد.

وألقت حسابات الحملة المزيد من الضوء على تصريحات لمسؤولين عسكريين تبشّر بالنصر القادم على الحوثيين؛ مثل تصريحات طارق صالح.

كما تضمنت الحملة ملصقات ومنشورات باللغة الإنكليزية تعكس محتوى الوسوم، نشرتها الحسابات المشاركة في الحملة، في محاولة لتوسيع نطاق الحشد الافتراضي وإيصال رسائل الحملة إلى جمهور عالمي.

كما استخدمت حسابات سعودية وسوم الحملة في الدعاية للدور السعودي في اليمن، وولي العهد محمد بن سلمان، مع الحديث عن “تجهيزات لقلب النظام الحوثي”، بحسب فيديو نشره حساب S50550_@، الذي يضع صورة الملك سلمان بن عبدالعزيز، وشعار المملكة في المساحة التعريفية للحساب، الذي يقدم نفسه على أنه “مؤثر اجتماعي”. 

راجت خلال الحملة لقطات أرشيفية ومعلومات مضلّلة، تضمنت مقاطع فيديو تزعم تحركات للقوات اليمنية باتجاه مدينة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، بهدف الانضمام إلى تشكيلات عسكرية استعداداً لقتال الحوثيين. 

وتبين لاحقاً أن بعض هذه المقاطع لم تُصور في اليمن، بل تعود إلى مطلع كانون الأول 2024، إذ أظهرت مشاهد غير موثّقة قوات عراقية قيل إنها تتحرك نحو الحدود مع سوريا.

 

محتوى مكرر

لاحظ مجتمع التحقق العربي عدداً من المؤشرات التي تدل على وجود جهد منسق في نشاط وسوم الحملة؛ مثل تكرار المضمون والمحتوى، سواء في شكل مواد مصورة أو نصوص.

 على سبيل المثال، عند إجراء بحث عن أي جزء من النص أدناه عبر منصة إكس، ستلاحظ وجود عدد من التدوينات التي تستخدم النص نفسه، وربما اللقطات المرفقة ذاتها؛ وهي ممارسة معتادة في نسق الحملات المنظمة التي تطلق في اليمن عبر تكتلات؛ مثل: “الجبهة الإعلامية اليمنية” والتكتلات الافتراضية المرتبطة بجماعة الحوثي.

تعد هذه التكتلات وتجهّز محتوى الحملات عبر ما يُسمى بـ “بنك التغريدات”، إذ تحضر النصوص والمواد مسبقاً، ثم تدعو أعضاءها إلى نشرها تباعاً، كما تنشر هذه التغريدات عبر الحسابات الوهمية التي تلعب دوراً حيوياً في الأنشطة غير الأصيلة ضمن الفضاء السيبراني اليمني

وكان وجود مثل هذه الحسابات الوهمية ملحوظاً في التدوينات الأولى المنشورة على الوسوم، إذ أمكن تمييزها من خلال ضعف عدد متابعيها، وحداثة إنشاء الكثير منها، لا سيما في حزيران/ يونيو وآب/ أغسطس 2023. كما كان نشاطها كثيفاً على قضايا بعينها، من دون أن يظهر لها أي تفاعلات مباشرة مثل الردود أو التعليقات.


التعليقات