تقرير: مصر تُعِدّ طائرات الرافال وF-16 لضرب الحوثيين في اليمن
يمن فيوتشر - ترجمة ناهد عبدالعليم- Bulgarianmilitary السبت, 04 يناير, 2025 - 10:14 مساءً
تقرير: مصر تُعِدّ طائرات الرافال وF-16 لضرب الحوثيين في اليمن

تُظهِر مصر رغبة قوية وبشكل متزايد في لعب دور فاعل بالصراع الدائر في اليمن، حيث تتكثف استعداداتها لعمليات جوية عسكرية ضد الحوثيين، بعد أن أثارت الميليشيات مجددًا المخاوف بشأن سلامة الممرات البحرية الدولية.

و تُشكل هذه التهديدات، التي تؤثر بشكل كبير على مسارات النقل الحيوية عبر البحر الأحمر، تحديًا ليس فقط عسكريًا بل اقتصاديًا بالنسبة لمصر أيضًا.
وتجسّد خسارة نحو 7 مليارات دولار من عائدات قناة السويس نتيجة لهذه الهجمات تذكيرًا صارخًا بهشاشة المنطقة وأهمية المصالح الاقتصادية المصرية.
و وفقًا لمصادر إسرائيلية تتابع التطورات في المنطقة، هناك ضغوط متزايدة على مصر للعب دور أكثر فاعلية في وقف هجمات الحوثيين، التي لا تهدد الدول المجاورة فحسب، بل تؤثر أيضًا على التجارة العالمية.
و يُشير المحلل الإسرائيلي (يهوشوع ميري ليختر) إلى وجود مؤشراتٍ على تصاعد عسكري وشيك، حيث تُكثف مصر استعداداتها العسكرية لعملية محتملة في اليمن.
و تشمل هذه الاستعدادات تدريبات عسكرية في صحراء ليبيا بهدف ضمان جاهزية القوات الجوية المصرية للتعامل مع التهديدات البحرية والجوية.
و في حين يرى بعض المراقبين أن هذه التحركات قد تكون مدفوعة بضغوط خارجية، مثل تلك القادمة من إسرائيل، تبرر مصر رسميًا هذه الإجراءات بالحاجة إلى حماية مصالحها الوطنية وأمن ممراتها البحرية.
و وفقًا للدكتور (محمد محمود مهران)، الخبير في القانون الدولي، فإن لمصر الحق المشروع في التدخل استنادًا إلى المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة، التي تمنح الدول الحق في الدفاع عن النفس ضد التهديدات التي تستهدف أمنها القومي.
و التهديدات الصادرة عن الحوثيين تُعد خطرًا مباشرًا على مصر، خصوصًا عندما يتعلق الأمر بالممرات البحرية الدولية ذات الأهمية الاستراتيجية، بما في ذلك قناة السويس والممرات المائية المحيطة بها.
و يُشير الدكتور محمد محمود مهران إلى أن قرارات مصر ترتبط ارتباطًا وثيقًا بمصالحها الاستراتيجية، على الرغم من الضغوط المعروفة من إسرائيل وأطراف خارجية أخرى لدفعها نحو مزيد من التصعيد العسكري.
ويؤكد أن استقرار المنطقة يمثل أهمية بالغة لكل دولة في الشرق الأوسط، لكن تعدد بؤر التوتر في الإقليم، بما في ذلك النزاع الإسرائيلي الفلسطيني، يمكن أن يؤثر بشكلٍ خطير على سياسة مصر واستعدادها للتدخل.
و لتحقيق النجاح، يجب على مصر أن توازن بين تأمين حركة المرور البحرية وبين مراعاة التصاعد المتزايد للتوترات الإقليمية ودور المجتمع الدولي في الحفاظ على السلام والاستقرار.
و تمتلك مصر ترسانة متطورة لعمليات جوية محتملة ضد الحوثيين في اليمن، حيث تتصدر طائرات الرافال وF-16 هذه الجهود. وتُعد الرافال أكثر من مجرد مقاتلة؛ فهي منصة تكنولوجية متقدمة مصممة لاختراق الأجواء المعقدة وتنفيذ ضرباتٍ دقيقة على الأهداف ذات الأولوية العالية.
و بفضل صواريخ SCALP-EG طويلة المدى، والقنابل الموجهة بالليزر، وأنظمة الحرب الإلكترونية المتطورة، تُعد الرافال مثالية للمهام التي تتطلب دقة قصوى وأقل قدر ممكن من الأضرار الجانبية.
و عندما تعمل الرافال جنبًا إلى جنب مع طائرات F-16، يُخلق مزيج فريد من القوة الهجومية والمرونة الاستراتيجية؛ حيث تتولى الرافال تدمير الأهداف بدقة شديدة، بينما تضمن F-16 التفوق الجوي وتتعامل مع الخصوم الأكثر صلابة.
و هذا التآزر لا يضمن النجاح العملياتي فحسب، بل يبعث أيضًا برسالة واضحة إلى كل من يراقب تحركات مصر في المنطقة.
كما تمتلك مصر عددًا من المقاتلات الأخرى التي يمكن نظريًا استخدامها في العمليات الجوية ضد الحوثيين في اليمن، لكن دورها سيكون أكثر محدودية مقارنة بالرافال وF-16.
حيث تُعتبر مقاتلات ميغ-29M/M2 متعددة المهام وقابلة للتكيف مع مجموعة واسعة من العمليات، لكنها تفتقر إلى القدرات المتقدمة التي توفرها الرافال. و بمدى محدود وأنظمة إلكترونيات طيران أقل تقدمًا مقارنة بالنماذج الغربية والروسية الأحدث، ستواجه هذه الطائرة تحديات كبيرة عند مواجهة أنظمة دفاع جوي حديثة، مما يجعلها أقل فاعلية في الضربات الدقيقة أو التعاون مع منصات متطورة أخرى. قد تكون مناسبة لمهام الاستطلاع أو الهجمات البسيطة على أهداف ثابتة، لكنها لن تكون الخيار الأول لعملية تتطلب هيمنة جوية كاملة.
وبالمثل، فإن طائرة F-4 فانتوم II، التي لا تزال في الخدمة لدى القوات الجوية المصرية، تُستخدم في مهام مثل الاستطلاع والضربات العميقة. ومع ذلك، في سيناريوهات تتطلب سرعة وقدرة عالية على المناورة، تتضاءل قدراتها مقارنة بالطائرات الأكثر حداثة. فأنظمتها الإلكترونية وتسليحها أقل تطورًا من مقاتلات مثل الرافال وF-16، مما يضعها في دور "الخط الثاني" لمهام أقل تعقيدًا.
وبالنسبة للطائرات ذات مدى العمليات الأقصر، مثل T-50 أو ميغ-21 القديمة، فمن المرجح أن تقتصر أدوارها على الدعم أو الاحتياط في عمليات محدودة النطاق، نظرًا لقيودها التشغيلية مقارنة بالمنصات الأكثر تطورًا.
و من دون أنظمة قتالية حديثة، وقدرة عالية على المناورة، ومدى عمليات طويل يناسب المهام البعيدة، لا ترقى هذه الطائرات إلى مستوى الرافال وF-16 لتنفيذ مثل هذه المهمات.
و رغم التنوع الكبير في ترسانة مصر الجوية، فإن الطائرات التي لا تشمل الرافال أو F-16 تفتقر إلى التكنولوجيا المتقدمة والمرونة التشغيلية اللازمة لإجراء عملياتٍ جوية معقدة في سياق صراع مثل الحرب في اليمن.
و يمكن للطائرات الموجودة أن تساهم بدور تكميلي في الجهود الرئيسية، لكن من المرجح أن يبقى دورها محدودًا، حيث تأتي القوة القتالية الحقيقية من المنصات الأكثر تقدمًا وتعددًا في الطبقات التشغيلية.
و مع تصاعد التوترات في المنطقة وتزايد التهديدات لمصالح مصر الاقتصادية، فإن استخدام طائرات الرافال وF-16 في العمليات ضد الحوثيين لا يبدو محتملًا فحسب، بل استراتيجيًا ضروريًا أيضًا.
و ستحتاج مصر إلى الاعتماد على قوتها الجوية لاستعادة السيطرة على الممرات المائية الحيوية والرد على التهديدات الإقليمية التي قد تؤدي إلى زعزعة استقرار البلاد.
و يُعد الصراع في اليمن واحدًا من أطول وأشد النزاعات تدميرًا في تاريخ الشرق الأوسط الحديث. بفضل موقعه الاستراتيجي على الطرف الجنوبي الغربي من شبه الجزيرة العربية، يتحكم اليمن في مضيق باب المندب الحيوي الذي يربط البحر الأحمر بخليج عدن والمحيط الهندي، و تعتبر المنطقة ذات أهمية حاسمة للتجارة العالمية، مما يضفي على اليمن أهمية جيوسياسية كبيرة.
و جذور الصراع في اليمن تمتد عميقًا في التاريخ، حيث كان البلد منقسمًا إلى دولتين: اليمن الشمالي واليمن الجنوبي، قبل أن يتحدا في عام 1990. و تركت هذه الوحدة آثارًا دائمة على البنية الاجتماعية والسياسية للبلاد. فبعد التوحيد، حكم اليمن الرئيس (علي عبدالله صالح)، الذي أدى حكمه الطويل والمستبد إلى زعزعة الاستقرار.
ورغم الأزمات السياسية المتعددة التي مرت بها البلاد على مر السنين، إلا أن العامل الأساسي الذي فجّر الصراع الحالي كان إعادة تشكيل مراكز القوى بعد الانتقال السياسي في عام 2011.
و في ذلك العام، وفي خضم احتجاجات الربيع العربي، أُجبر صالح على التنحي، وتولى نائبه (عبدربه منصور هادي) السلطة. لكن الحكومة الجديدة واجهت تحديات هائلة، بما في ذلك حالة من السخط الواسع بين الفئات الاجتماعية والقبلية المختلفة، مما أدى إلى صعود جماعات متطرفة مثل الحوثيين.
و الحوثيون، وهم جماعة شيعية من شمال اليمن، بدأوا في تعزيز قوتهم، وفي عام 2014 سيطروا على العاصمة صنعاء. و لم يكتفوا بإعلان الحرب على حكومة هادي، بل تلقوا أيضًا دعمًا من إيران، التي زودتهم بالأسلحة الحديثة.
و تصاعد الصراع سريعًا ليصبح أكثر من مجرد نزاع داخلي، ففي عام 2015 بدأت السعودية، في محاولة لمنع توسع النفوذ الإيراني في المنطقة، و شن غارات جوية على مواقع الحوثيين، مما شكل بداية التدخل الدولي في اليمن.
و يشمل التحالف الذي تقوده السعودية دولًا عربية عدة وبدعم من الولايات المتحدة ودول غربية أخرى، حيث توحدت هذه الدول ضد الحوثيين. ومع ذلك، فإن الصراع لم يكن أحادي الجانب، إذ لا يزال النفوذ الإيراني قويًا بين الحوثيين الذين يعتمدون على دعم طهران.
و في الوقت نفسه، استغلت جماعات إرهابية مثل تنظيم القاعدة في جزيرة العرب (AQAP) وتنظيم الدولة الإسلامية (داعش) حالة الفراغ الأمني في البلاد، مما جعل اليمن بؤرة لعدم الاستقرار الإقليمي والدولي.
و شهدت المنطقة رقمًا قياسيًا في أعداد النازحين داخليًا، بالإضافة إلى نقصٍ حاد في السلع الإنسانية الأساسية مثل الغذاء والدواء، وتدمير البنية التحتية، مما أدى إلى أزمة إنسانية غير مسبوقة في نطاقها.
و في السنوات الأخيرة، أسفرت جهود السلام عن نتائج محدودة رغم العديد من المفاوضات التي قادتها الأمم المتحدة. 
و على الرغم من التوصل إلى اتفاقات، إلا أنه لم يتم تنفيذها بشكلٍ فعال، وتستمر المعارك في بعض المناطق الرئيسية، بما في ذلك مدينة الحديدة الساحلية وفي جنوب البلاد.
و لا يزال الحوثيون يسيطرون على أراضٍ واسعة، في حين تواصل حكومة هادي، المدعومة من التحالف، القتال من أجل السيطرة.
اليوم، يبقى الصراع في اليمن واحدًا من أكثر الصراعات تعقيدًا وتدميرًا في العالم، حيث يجمع بين الانقسامات السياسية الداخلية والتنافس الجيوسياسي والتدخلات الإقليمية. وتترتب على ذلك عواقب إنسانية ضخمة، إذ يعاني الملايين من الجوع والأمراض والعنف.


التعليقات