تحليل: توترات البحر الأحمر..أربعة خبراء يوضحون المخاطر التي تهدد التجارة العالمية والأمن الدولي
يمن فيوتشر - The Conversation- ترجمة ناهد عبدالعليم: الأحد, 15 ديسمبر, 2024 - 06:16 مساءً
تحليل: توترات البحر الأحمر..أربعة خبراء يوضحون المخاطر التي تهدد التجارة العالمية والأمن الدولي

منطقة البحر الأحمر تعتبر نقطة ساخنة جيوسياسية ذات أهمية استراتيجية في حركة التجارة العالمية، حيث تمثل ممرًا بحريًا حيويًا يؤثر بشكل كبير على الأمن والاستقرار الاقتصادي في المنطقة.
و تتنافس العديد من القوى على النفوذ في هذه المنطقة الحيوية، بما في ذلك تركيا، والإمارات العربية المتحدة، والسعودية، والصين، والولايات المتحدة، وإيطاليا، التي أنشأت قواعد عسكرية فيها. وتؤدي حالة عدم الاستقرار في منطقة البحر الأحمر إلى تأثيراتٍ واسعة على تكلفة التجارة العالمية، حيث تهدف هذه القواعد العسكرية إلى حماية شحنات النفط والتجارة.
و نظرًا لتضارب المصالح في المنطقة، تحول البحر الأحمر إلى ساحة لعلاقاتٍ دولية معقدة. وقد تجلى ذلك بشكل خاص بعد اتفاقية تم توقيعها في أوائل عام 2024 بين إثيوبيا، الدولة الحبيسة، وولاية أرض الصومال التي أعلنت استقلالها، مما منح أديس أبابا وصولاً إلى البحر الأحمر. وقد اعتبرت الصومال هذه الاتفاقية إهانةً لها، مما أدى إلى تداعياتٍ كبيرة لا تزال مستمرة. و أشعلت الاتفاقية سلسلة من التحالفات الجديدة، لكنها في الوقت ذاته اختبرت قوة التحالفات القديمة.
ومع تصادم المصالح المحلية والدولية، تتشكل ديناميكيات جديدة تعيد صياغة المشهد السياسي في المنطقة. وقد عملت "The Conversation Africa" على مدى السنوات الماضية مع مجموعة من الأكاديميين لتوفير رؤى تساعد القُراء على فهم تأثير هذه التحالفات المتغيرة، وفيما يلي بعض هذه الرؤى:

 

• اتفاقية إثيوبيا وأرض الصومال:
في الأول من يناير/ تشرين الثاني 2024، أعلن رئيس الوزراء الإثيوبي (آبي أحمد) ورئيس أرض الصومال (موسى بيحي عبدي) عن خطة تمنح إثيوبيا، الدولة الحبيسة، حق الوصول إلى ساحل أرض الصومال لمدة 50 عامًا. وفي المقابل، ستدرس إثيوبيا دعم مساعي أرض الصومال للحصول على الاعتراف الدولي كدولة ذات سيادة.
و من جهتها، اعتبرت الصومال، التي تطالب بالسيادة على أرض الصومال، هذا الاتفاق عملاً عدوانيًا. و يعكس الاتفاق -وما أعقبه من معارضة دولية- مدى تعقيد شبكة التحالفات والتنافسات التي تشكل السياسة الإقليمية في المنطقة، كما يوضح (أليكسي يلونن).

 

• التهديد الحوثي:
برزت في أوائل يناير/ كانون الثتني تداعيات انعدام الأمن في منطقة البحر الأحمر على الساحة الدولية. فقد أصبحت ميليشيا الحوثي -المتمردون المتمركزون في اليمن- واحدة من أخطر التهديدات الأمنية في البحر الأحمر. وادعى الحوثيون أنهم يستهدفون سُفنًا مرتبطة بإسرائيل احتجاجًا على الحرب الإسرائيلية ضد حركة حماس في غزة، إلا أن السفن السعودية كانت الأكثر تضررًا من هجماتهم.
و سلطت هذه الهجمات الضوء على استمرار حالة انعدام الأمن في أحد أهم الممرات المائية الاستراتيجية في العالم. ويقترح المحلل الأمني (بوراك شاكر) أن التصدي لهذا التهديد يتطلب استجابة دولية منسقة.

 

• تركيا في المياه الصومالية:
ردًا على التهديد الحوثي وغيره من التهديدات الأمنية في المنطقة، عززت تركيا وجودها في الصومال. ففي فبراير/ شباط 2024، أعلنت أنقرة عن اتفاقية دفاع جديدة مع مقديشو. بموجب هذه الاتفاقية، ستقدم تركيا مساعدات عسكرية وتدريبات لدعم الصومال في حماية مياهه من القرصنة والصيد غير القانوني.
لكن، كما يوضح أستاذ العلاقات الدولية (فيديريكو دونيلي)، فإن هذه الاتفاقية تمثل جزءًا من استثمار تركيا الاستراتيجي طويل الأمد في المنطقة. ويعد هذا الانخراط في الدفاع البحري جزءًا من استراتيجية أنقرة الأوسع في سياستها الخارجية لتعزيز استقلالها في السياسة الدولية.

 

• توازن دقيق:
أدى تعمق انخراط تركيا في الصومال إلى توتر علاقاتها التاريخية مع إثيوبيا. فإثيوبيا، التي تواجه بالفعل تداعيات اتفاقها مع أرض الصومال، تنظر إلى التطورات البحرية بين تركيا ومقديشو كتهديد محتمل. ورغم أن العلاقات بين إثيوبيا وتركيا كانت ودية منذ أوائل القرن العشرين، إلا أنها تعززت في السنوات الأخيرة بسبب مواجهتهما انتقادات غربية بشأن سياساتهما الداخلية.
وكما يوضح المؤرخ (مايكل بيشكو)، فإن علاقات تركيا مع إثيوبيا تتسم بالطابع الاقتصادي، في حين أن علاقاتها مع الصومال تتسم بالطابع العاطفي. و التعامل مع المصالح المختلفة في المنطقة يتطلب توازناً دقيقاً.
و تعكس هذه التحركات المحلية والدولية أهمية البحر الأحمر الجيوسياسية، حيث تساهم المصالح الاقتصادية والسياسية في تعزيز التعاون أو تأجيج التوترات. وفي النهاية، فإن استقرار المنطقة -أو غيابه- يحمل تداعيات واسعة على التجارة العالمية والأمن والسياسة الدولية.


التعليقات