الشرق الأوسط: المخاطر الاستثنائية لاستهداف الأصول الطاقوية الإقليمية
يمن فيوتشر - معهد الشرق الأوسط- كولبي كونلي- ترجمة غير رسمية: الجمعة, 11 أكتوبر, 2024 - 01:09 صباحاً
الشرق الأوسط: المخاطر الاستثنائية لاستهداف الأصول الطاقوية الإقليمية

على مدى ما يقارب العام، يبدو أن الصراع الإقليمي المستمر، الذي بدأ كحرب بين إسرائيل وحماس، يناقض المعادلة القديمة التي طالما اعتُبرت من الحقائق المؤكدة في أسواق النفط العالمية: "الحرب + الشرق الأوسط = ارتفاع أسعار النفط".
ورغم أن هذا الصراع قد تسبب في خسائر بشرية كبيرة وأثر سلبًا على اقتصادات جميع الأطراف المعنية، فإن قطاع الطاقة في المنطقة ظل محصنًا إلى حد كبير.
كانت هناك حوادث معزولة استهدفت على ما يبدو إنتاج الغاز الطبيعي الإسرائيلي، لكن أطراف هذا الصراع لم تظهر بعد اهتمامًا أو قدرة على شن هجمات كبرى ناجحة على أي من هذه المنشآت الطاقوية.
وما زالت مشكلة تعطيل حركة المرور البحري في البحر الأحمر من قبل الحوثيين المدعومين من إيران مستمرة دون حل واضح، لكنها لا تشكل تهديدًا كبيرًا لتوافر إمدادات الطاقة من المنطقة، وأصبح السوق يتعامل معها كأمر واقع.
لكن الأسبوع الماضي شهد تبلورًا واضحًا لمخاطر متزايدة تهدد قطاع الطاقة الإقليمي. أُخذت تصريحات إسرائيلية تشير إلى أن قطاع النفط الإيراني قد يصبح هدفًا انتقاميًا بعد هجوم صاروخي باليستي إيراني على الأراضي الإسرائيلية على محمل الجد، حيث ارتفعت الأسعار بشكل ملحوظ بنحو 10 دولارات للبرميل في غضون أسبوع واحد. 
هددت إيران بدورها باستهداف إنتاج الطاقة الإسرائيلي، كما تم اقتراح أن طهران أو وكلاءها قد يشنون هجمات على منشآت الطاقة في دول الخليج العربية. مجرد احتمال حدوث هذا السيناريو يثير شبح دورة من الانتقام قد تؤدي إلى أضرار لا توصف في إنتاج الطاقة الإقليمي إذا خرجت عن السيطرة.

التداعيات على الخليج تم تقديم خيار استهداف قطاع التكرير الإيراني، الذي ينتج 2.5 مليون برميل يوميًا، كخيار قد يكون له تأثير محدود على الأسواق العالمية، حيث يخدم هذا القطاع بشكل أساسي الطلب المحلي. 
ويُفترض أن المنطق وراء هذا الخيار هو تجنب هجوم مباشر على إنتاج النفط الإيراني أو على محطات التصدير التي تحتاجها مصافي النفط لإنتاج الوقود والمنتجات الأخرى.
ورغم أن إلحاق الضرر أو تدمير البنية التحتية للتصدير سيكون بلا شك الطريقة الأكثر مباشرة للحد من إيرادات إيران النفطية، إلا أن تجنب ارتفاع كبير في الأسعار يبدو غير ممكن. 
من المؤكد أن واشنطن تسعى لتجنب قفزة كبيرة في أسعار النفط، خصوصًا مع اقتراب الانتخابات الرئاسية. 
الصين، التي تعتبر المشتري الحقيقي الوحيد لصادرات النفط الإيراني الخاضع للعقوبات، استوردت حوالي 1.4 مليون برميل يوميًا من إيران في سبتمبر. 
حرمان المشترين الصينيين من هذه الإمدادات سيجبر بكين على البحث عن بدائل في مكان آخر، رغم أن هذا لن يكون له تأثير كبير على سوق النفط المليء بالإمدادات حاليًا.

ورغم أن فقدان الإمدادات الإيرانية وحده لن يكون كارثيًا نظرًا لتوافر العرض وتراجع الطلب العام في 2024، فإن أي تأثير لاحق على الإنتاج أو الشحن في منطقة الخليج يعتبر مسألة مختلفة تمامًا. 
يمكن لأوبك+ بسهولة تعويض الإمدادات الإيرانية المفقودة نظرًا لامتلاكها قدرة إنتاج فائضة تبلغ حوالي 5 إلى 6 ملايين برميل يوميًا بسبب التخفيضات المستمرة في الإنتاج. لكن إذا تطورت الأحداث بطريقة تجعل من الصعب أو المستحيل الوصول إلى تلك القدرات، خاصة إذا نفذت إيران أو وكلاؤها هجومًا انتقاميًا على قطاع الطاقة في الخليج، فإن احتمالية حدوث صدمة إمداد كبيرة ستصبح شبه مؤكدة، وستنعكس آثارها على الأسواق العالمية.

يتم شحن حوالي 30% من إجمالي إنتاج النفط الخام العالمي و20% من المنتجات المكررة (مثل البنزين والديزل) من الخليج. قبل أن تمر ناقلات النفط الممتلئة بالكامل عبر مضيق هرمز، الذي يُعتبر نقطة اختناق محتملة لتجارة الطاقة في حالة نشوب صراع، تأخذ هذه السفن شحناتها من عدد قليل من محطات التصدير في المنطقة. 
هذه المنشآت قد تشكل نفسها عائقًا أمام تدفق الإمدادات من الخليج. صدّرت محطات التصدير مثل جُعيمة أو رأس تنورة في السعودية وجزيرتي داس أو زيركو في أبوظبي مجتمعين 6.2 مليون برميل يوميًا من النفط الخام والمكثفات في سبتمبر، مما يبرز حجم الصادرات الكبيرة من هذه المنشآت الأساسية. 
ورغم أن النفط يمكن تصديره من الخليج عبر طرق بديلة للمضيق، مثل خط الأنابيب السعودي شرق-غرب أو خط أنابيب أدنوك الذي يمتد من أبوظبي إلى الفجيرة، إلا أن البنية التحتية التي تجعل هذه الطرق البديلة ممكنة لا تقل تعرضًا للصراع. 
بالإضافة إلى أن سعتها الإجمالية أقل بكثير من سعة المنشآت الرئيسية. بالنسبة للسعودية، فإن خط الأنابيب شرق-غرب الذي ينقل 5 ملايين برميل يوميًا يربط الإنتاج بمحطات التصدير على البحر الأحمر، مما سيؤدي إلى تقليل صادراتها، وسيتطلب من الناقلات السعودية تحمل عدم الاستقرار المستمر حول باب المندب، حيث يتجه حوالي 70% من صادرات النفط الخام والمكثفات السعودية إلى الأسواق الآسيوية.
التأثير على إسرائيل رغم أن إنتاج الغاز الطبيعي فيها ليس مرتبطًا بشكل كبير بالأسواق العالمية للغاز الطبيعي المسال (LNG)، فإنها تصدر كميات كبيرة عبر خطوط الأنابيب إلى مصر والأردن، مما يجعل تهديد هجوم كبير على الإنتاج خطرًا كبيرًا على مستهلكي الطاقة في كلا البلدين. 
يجب التعامل مع تهديدات إيران بالانتقام ضد قطاع الطاقة الإسرائيلي بأقصى درجات الجدية. صدّر حقل ليفياثان، أكبر حقل منتج في إسرائيل، أقل بقليل من 90% من إجمالي إنتاجه إلى مصر والأردن في النصف الأول من عام 2024.

وفي حالته الحالية، تعد مصر في وضع ضعيف للغاية. خلال إغلاق حقل غاز إسرائيلي لمدة شهر في أكتوبر الماضي، في بداية الصراع، اضطرت القاهرة إلى فرض انقطاعات كهربائية لإدارة النقص في واردات الغاز الإسرائيلي التي تعتمد عليها بشكل كبير في توليد الطاقة. 
مع استمرار النمو السريع في الطلب الذي يتجاوز قدرتها على زيادة الإنتاج المحلي، سيكون لدى مصر بدائل قليلة سوى اللجوء إلى استيراد الغاز الطبيعي المسال في حال فقدت الوصول إلى إمدادات خطوط الأنابيب من إسرائيل. 
بالإضافة إلى ذلك، فإن الحاجة إلى استيراد هذه الكميات قد تؤدي إلى تشديد أسواق الغاز الطبيعي المسال، مما يزيد من تكاليف واردات الطاقة للأسواق الأوروبية وكذلك لمصر في وقت لا يمكنها تحمل هذه التكاليف.

الخلاصة في حين أن الهجوم على قطاع التكرير الإيراني يبدو مدروسًا بهدف تجنب صدمة إمداد أوسع في الأسواق العالمية، فإنه لا توجد أي ضمانة لتحقيق هذا الهدف. وفي الواقع، إذا دخل هذا الصراع في مرحلة يصبح فيها استهداف الأصول الطاقوية أمرًا شائعًا، فسيكون من الصعب تجنب تداعيات هذا الأمر في جميع أنحاء المنطقة.


التعليقات