تحليل: تعدد الجبهات أمام أمريكا ونظرية الردع
يمن فيوتشر - Foreign Affairs- ترجمة : ناهد عبدالعليم الثلاثاء, 24 سبتمبر, 2024 - 08:32 صباحاً
تحليل: تعدد الجبهات أمام أمريكا ونظرية الردع

[ رويترز ]

تواجه الولايات المتحدة وحلفائها أزمة في تعدد الجبهات وكيفية ردعها، حيث تقوم الصين بتهديد سفن الفلبين في بحر الصين الجنوبي وتبدو على استعداد لاحتمال غزو تايوان عسكريًا. بينما لا تظهر روسيا أي علاماتٍ على التخلي عن حربها في أوكرانيا. وفي الشرق الأوسط، تهدد إيران بالانتقام ضد إسرائيل بسبب اغتيال زعيم حماس (إسماعيل هنية) في طهران، ويتصاعد نشاط حزب الله في قصفه لإسرائيل بالصواريخ، بينما يستمر الحوثيون في هجماتهم وأحيانًا يغرقون سفنًا تجارية في البحر الأحمر. و تتزايد المخاطر المتراكمة من صواريخ إيرانية تقتل العسكريين الأمريكيين، أو من هجوم حوثي على سفينة بحرية أمريكية، أو من غرق آخر لسفينة تجارية مع مرور الوقت. 
وستضطر واشنطن في حال حدوث أي من هذه الأحداث إما للانخراط في حرب أكبر أو التراجع، وسيعكس أيًا من الخيارين فشلًا في الردع.
و قد تأسست نظرية الردع خلال فترة الحرب الباردة من قبل فلاسفة مثل( توماس شيلينج)، الذين سعوا لوضع استراتيجية لصد هجماتٍ نووية من الاتحاد السوفيتي. وقد أثبتت مبادئها الأساسية -مثل الاستقرار الذي ينتجه التدمير المتبادل المؤكد، ومخاطر التصعيد والدور الذي تلعبه الهزيمة المفاجئة، وأهمية إظهار الالتزام والإصرار- فائدتها في ردع الخصوم الذين يمتلكون أسلحة نووية عن تنفيذ هجمات نووية وتقليدية على القوى النووية الأخرى.
و قد تكون نظرية الردع أقل فعالية في منع هجمات القوى غير النووية، وفيما يتعلق بالجهات غير الحكومية، فإن نظرية الردع قد أظهرت عجزًا تامًا.
و لم يكن ذلك واضحًا أكثر من الشرق الأوسط في الأشهر الأخيرة، حيث بدأت إيران وشبكتها من الوكلاء تبدي استعدادًا لشن هجمات على قواعد وجنود أمريكيين، وغرق السفن التجارية، والهجمات المباشرة على إسرائيل، وربما إشعال حرب إقليمية أوسع. و إذا أرادت واشنطن الحفاظ على الردع في المنطقة من التدهور المتزايد، عليها أن تظهر استعدادًا أكبر للرد. 
التركيز على حزب الله والحوثيين لن يكون كافيًا، فالسبيل الوحيد لاستعادة الردع هو الرد على إيران. و ينبغي على القوات الأمريكية الرد بقوة على الضربات الصاروخية الإيرانية التي تستهدف العسكريين والمدنيين الأمريكيين. كما ينبغي لواشنطن أن تعلن لطهران بأن إلحاق الضرر بالسفن الأمريكية أو السفن الأخرى في البحر الأحمر سيتم الرد عليه بضربات على الأصول الإيرانية أو الأراضي. و ينبغي للجيش الأمريكي أيضًا توجيه أصوله بطريقة تمكنه من الاستمرار في صد الهجمات الجوية الإيرانية، كما فعل عندما قامت إيران بإطلاق موجة من الطائرات المُسيّرة و الصواريخ على إسرائيل في شهر أبريل/ نيسان.
وفي حال اعتبر المسؤولون الأمريكيون أن ممارسة الضغط على إيران بهذه الطرق أمر مُكلّف للغاية، فيمكنهم محاولة تجاوز الأزمة، وانتظار انتهاء الحرب في قطاع غزة والأزمة الإقليمية الحالية، وتحويل انتباههم بدلاً من ذلك إلى الصين وروسيا. و قد أوضحت استراتيجية الدفاع الوطني لإدارة بايدن أن الجيش الأمريكي يحتاج إلى التركيز في المقام الأول على الصين. ومع ذلك، فإن مثل هذا الخيار سيواجه مشاكل خاصة به: استمرار الهجمات على إسرائيل، وتقييد التجارة الدولية، وتقليص موقع الولايات المتحدة في الشرق الأوسط.
و من خلال فهم متطلبات الردع، سيكون القادة الأمريكيون في موقف أفضل لتقييم ما إذا كانت هذه التضحية تستحق العناء.
 قبل عام 1945، لم يكُن الردع موضوعًا رئيسيًا في دراسة الحروب. و من الصعب العثور على مبادئه في كتابات الفلاسفة مثل نيكولو مكيافيلي و كارل فون كلاوزفيتس. ولكن ابتداءً من أواخر الأربعينيات، مع بزوغ عصر الطاقة النووية، بدأت الاستراتيجيات مثل استراتيجية شيلينج، و رنارد برودي، وألبرت فولستيتر في صياغة أسس نظرية الردع.
يقوم أساس الردع النووي على القدرة على الضربة الثانوية، مما يعني أن كلا الجانبين يستطيعان شن ضربة ثانوية مدمرة ردًا على هجوم من خصمه، وهذه الديناميكية تعرف باسم "الدمار المتبادل المؤكد". و تمتلك الصين وفرنسا وروسيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة هذه القدرة.
الصواريخ الباليستية بين القارات، و الغواصات، و الأنفاق، وحاملات الصواريخ المتنقلة تجعل من المستحيل على أي من هذه القوى تدمير خصمها دون أن تدمر نفسها.
و تصاعد الأمور يعتبر قلق أساسي عندما يمتلك كِلا الجانبين أسلحة نووية.
في كتابه عام 1966 "الأسلحة والتأثير،" أوضح شيلينج بأن أي إجراء عسكري قد يؤدي إلى سلسلة من الإجراءات والردود التي يمكن أن تؤدي عرضيًا إلى كارثة كاملة. و كتب: "ما سيحدث بالضبط هو مسألة تنبؤ، أو تخمين. و المقاومة العسكرية تميل إلى تطوير زخمها الخاص." و بالتالي الجانبان يتحملان المخاطر.
الولايات المتحدة لا يمكنها اتخاذ إجراء ضد الصين أو روسيا دون أن تجلب لنفسها خطر فقدان السيطرة.
 كما كتب الزعيم السوفيتي نيكيتا خروشوف إلى الرئيس الأمريكي جون كينيدي في ذروة أزمة الصواريخ الكوبية: "نحن وأنت لا ينبغي لنا الآن أن نشد أطراف الحبل الذي ربطنا فيه عقدة الحرب، لأن كلما زاد سحبنا، كلما اشتدت تلك العقدة. وقد يحين الوقت الذي تشتد فيه تلك العقدة، لدرجة أنه حتى من ربطها لن يكون لديه القدرة على فكها، وسيصبح من الضروري حينها قطعها. وما يعني ذلك ليس من واجبي أن أوضحه لك، لأنك تدرك تمامًا قوى بلادنا وقدراتها الهائلة."
و بالتالي فإن الردع تحت مبدأ الدمار المتبادل المؤكد يتطلب استعدادًا لتحمل المخاطر وإظهار هذا الاستعداد. 
و يمكن أن تكون الإشارات التي تتضمن إجراءً أو تكلفة مؤشرًا على مصداقية الالتزام. و الإجراء والتصرف يعبر بشكل أفضل من الكلمات عن الثمن الذي تضعه الولايات المتحدة في القضية المعنية. 
و بسبب خطر التصعيد، من الممكن أن تكون حتى الخطوة الصغيرة خطيرة للغاية ويمكن أن تعبر عن عزمٍ كبير. و توجيه القوات البرية بالقرب من قوات الخصم، أو تحليق طائرة حربية بجوار سفينة حربية، أو مرور السفن البحرية بالقرب من مياه الخصم كلها تحمل خطرًا من التصعيد. و القادة الأمريكيون والسوفيتيون كانوا يولون اهتمامًا كبيرًا لمثل هذه الإجراءات لأنهم كانوا على علم بالمخاطر المترتبة.
لكن شيلينج وزملاؤه لم يطوروا نظرية الردع لشرح كيفية التعامل مع الدول غير النووية، وعندما حاول المسؤولون تطبيقها بهذه الطريقة، كانت النتائج سيئة. ففي عام 1964 وأوائل عام 1965، حاولت إدارة جونسون تطبيق تفكير شيلينج على شمال فيتنام، من خلال تنفيذ سلسلة من الضربات الجوية التدريجية لإظهار أنه سيكون هناك خسائر أكبر إذا لم تتراجع هانوي. ولكن الأمور لم تسر كما أملت واشنطن. و لم يقتنع كبار القادة في شمال فيتنام بأن الولايات المتحدة ستطيح بهم، و كانوا على استعداد لتحمل خسائر متزايدة لتوحيد بلادهم وقاموا بمواصلة الحرب في جنوب فيتنام.
و عند مواجهة قوة غير نووية، يتم تقليل تهديد الدمار المتبادل المضمون بشكل كبير، و تواجه الدولة النووية خطرًا ضئيلًا من كارثة نووية. و مع ذلك فإن هذا لا يعني، أن القوة النووية حرة لتطبيق القوة كما تشاء. ففي بعض الحالات، مثل غزو الولايات المتحدة للعراق في عام 2003، يظهر غياب الدمار المتبادل المؤكد للقوة النووية، مثل الولايات المتحدة، بتوجيه مستويات عالية من القوة دون القلق كثيرًا بشأن التصعيد. ولكن في حالات أخرى، يمكن أن يحفز الخوف من حرب تقليدية شاملة ضد دولة غير نووية الخصم النووي على المشاركة، كما خشيت الإدارات الأمريكية أن يحدث في حرب كوريا وحرب فيتنام. وفي بعض الحالات، قد تكون تكاليف الحرب والخسائر مرتفعة جدًا. و الردع لقوة غير نووية أمر صعب لأن الخصم غير النووي قد يفترض أن الولايات المتحدة غير مستعدة لتحمل تكاليف حرب تقليدية شاملة.
و من المرجح أن تكون الأدوات المستخدمة لردع الصين أو روسيا غير فعالة بالمثل على إيران أو دولة غير نووية أخرى لأن الولايات المتحدة في مثل تلك السيناريوهات تواجه خطرًا أقل بكثير من الانتقام النووي. و الخطوة التي قد تبدو عالية المخاطر إذا اتخذتها واشنطن ضد الصين أو روسيا قد تبدو خطوة حذرة إذا اُتخذت ضد إيران. و من المرجح أن تنظر بكين أو موسكو إلى إشارة مثل نشر سفينة بحرية أمريكية بالقرب من مياهها على أنها تصعيدية للغاية، إشارة إلى أن الولايات المتحدة مستعدة للقتال وتحمل المخاطر التي يمكن أن تؤدي إلى إطلاق النار والنظر في الأمور النووية. 
ولكن عند تطبيق نفس التكتيك ضد إيران، لا تواجه الولايات المتحدة أي خطر من كارثة نووية.
لهذا السبب من المرجح أن تفسر طهران ذلك على أنه إشارة للحذر. و عند التعامل مع دولة غير نووية، تشير الخطوة الصغيرة إلى أن تكاليف أو فوائد الحرب الكاملة لا تستحق العناء، ولا تعبر عن العزم.
لهذا السبب، يجب على الولايات المتحدة اتخاذ خطوات أكبر عند مواجهة الخصوم غير النوويين مثل إيران. و بالطبع، لا يضمن ذلك الخطوة الكبيرة، مثل الضربة الجوية ضد هدف حيوي للنظام أو القضاء على أسطول عدو، و ردع دولة غير نووية مثل إيران.  وإذا كانت الدولة غير النووية واثقة من أن الولايات المتحدة ليست ملتزمة بالانتصار العسكري، فقد يُنظر إلى الخطوة الكبيرة على أنها مجرد تخويف أو كضربة أخرى في حرب استنزاف متواصلة. وإذا نظر إلى الخطوة الكبيرة على أنها إشارة لنية عدوانية، مثل تغيير النظام، فقد تختار دولة غير نووية يائسة، من أجل القلق على بقاءها، تصعيد الوضع بدلاً من تقديم تنازلات. 
لهذا تفضل أوكرانيا مواجهة روسيا بدلاً من تقديم تنازلات، معتقدة أن التنازلات ستقوي فقط يد موسكو وتؤدي إلى الاستيلاء.
و في سياق لعبة الاستنزاف ضد دولة غير نووية، يجب على الولايات المتحدة إرسال إشاراتٍ مكلفة تظهر الالتزام والقدرة،  مثل الضربات الانتقامية أو نشر حاملات الطائرات والغواصات لفترات طويلة. على سبيل المثال، يمكن للولايات المتحدة إسقاط طائرات الخصم أو إغراق سفنه، كما حدث في سوريا في عام 2017 وفي "حرب الناقلات" في الخليج الفارسي في الثمانينيات.
فعندما يشن الخصم هجومًا، يمكن للولايات المتحدة إرسال إشارة قوية عن طريق الثبات وصد الهجوم. و دفاع إسرائيل ضد نحو 300 صاروخ إيراني وطائرات مُسيّرة مسلحة في أبريل/ نيسان أظهر التزام الولايات المتحدة تجاه حليفتها. و اعترضت إسرائيل والولايات المتحدة معظم صواريخ وطائرات إيران، مما كشف عن أن قدرة طهران على الرد على تصعيد الولايات المتحدة أضعف من المتوقع. و على مدى أكثر من عقد، اعتمدت إيران على صواريخها الباليستية لردع الضربات الجوية الأمريكية والإسرائيلية. كما يشير فرانك ماكنزي، الذي كان قائدًا للقيادة الوسطى الأمريكية من عام 2019 إلى 2022، في كتابه "نقطة الانصهار"، إن ضربة أمريكية أو إسرائيلية على منشآت إيران النووية "ستثير بالتأكيد ردًا كبيرًا من الإيرانيين" في "حرب نارية وعنيفة حيث ستكون قواعدنا ومدن أصدقائنا الإقليميين أهدافًا."
 ومع ذلك، أثارت الاعتراضات في أبريل/ نيسان شكوكًا حول قوة الردع الإيراني المعروف.
نظرية الردع لا تكون مفيدة عند التعامل مع الجهات غير الدولية مثل حزب الله والحوثيين. حيث يفتقر المقاتلون المتمردون إلى الأهداف العسكرية ذات القيمة العالية التي تتوفر في الدول. ونظرًا لأن وحدات المقاتلين الحربيين متنقلة وتستطيع إخفاء أنفسها بشكل جيد، فإن أنظمة الصواريخ التي يستخدمونها تكون صعبة الاستهداف. كما أن لدى قادتهم  تحملًا عاليًا للمخاطر الشخصية، حيث يتوقع العديد منهم أو حتى يتمنون أن يصبحوا شهداء، مما يجعل التهديد بالقتل في ضربة جوية أمريكية ردعًا ضعيفًا.
و لدى الولايات المتحدة تاريخ في سحق المنظمات المقاتلة والإرهابية من خلال مزيج من المراقبة الكثيفة، والضربات الجوية والصاروخية، والعمليات الخاصة، والغارات المنسقة مع القوات الشريكة. هكذا هزمت تنظيم الدولة الإسلامية (المعروف أيضًا باسم داعش) وتنظيم القاعدة وصدت حركة طالبان لعقد من الزمان، و حزب الله والحوثيين عرضة لنفس الأساليب، ونظرًا لقربهم من البحر، ستقل الحاجة للولايات المتحدة لبناء قواعد باهظة الثمن على اليابسة. ومع ذلك، هذا النهج يتطلب وقتًا، ويحتاج إلى كمية كبيرة من الموارد، وينطوي على درجة كبيرة من التدمير.
والطريقة الأكثر كفاءة للتعامل مع مثل هذه الجماعات ستكون بممارسة الضغط على راعيهم، إيران، من خلال توضيح أنه سيكون هناك عواقب للاستمرار في هجمات الصواريخ والقذائف. و يعتبر مسار غير مثالي، حيث ستنكر طهران وجود تأثير لديها على وكلائها وستتهم الولايات المتحدة بالتصعيد، وحزب الله والحوثيين لديهما مصالحهم الخاصة وقد لا يستمعون إلى راعيهم. ومع ذلك، كلا المجموعتين تعتمدان على دعم إيران، وليس من المؤكد على الإطلاق أن طهران تتحمل الذهاب إلى الحرب نيابة عنهم، مما يمنح إيران نفوذاً فعال جدًا لإقناعهم بالتوقف.
و لكي تحدث هذه النتيجة، يجب أن تفهم طهران عواقب التصرفات التي قد تتسبب في إيذاء قوات الولايات المتحدة. و يجب على الولايات المتحدة توضيح استعدادها للرد بالأفعال بدلاً من الكلمات، والخطوات الصغيرة ليست السبيل المناسب. لذا ينبغي على واشنطن أن توضح بشكلٍ جَلي المخاطر التي  ستواجهها إيران: الحرب الشاملة والضرر لمصالح إيران الحيوية. كما ينبغي لإدارة بايدن إبلاغ طهران بأنها ستعترض أي صواريخ تستهدف إسرائيل، وأنها ستنتقم لفقدان الأرواح الأمريكية، وأن هجمات الصواريخ من قبل الحوثيين في البحر الأحمر يجب أن تتوقف.
و قبل أن يصيب صاروخ ضال سفينة، يجب أن يتم الرد على كل إطلاق صاروخ من قبل الحوثيين الموجه ضد السفن بإجراء من الولايات المتحدة ضد إيران. و يمكن أن يتضمن ذلك مراقبة في المياه الإقليمية، وإطلاق طلقات تحذيرية على السفن الإيرانية، أو تفتيش السفن التجارية الإيرانية التي قد تقوم بتهريب الأسلحة. ويجب أن تفكر وزارة الدفاع الأمريكية في طرق إحترافية لإظهار أنه يمكن تعريض الأصول العسكرية الإيرانية للضرر فورًا، سواء من خلال الحروب الإلكترونية أو العمليات الخاصة. وينبغي لواشنطن تعزيز الرسالة عن طريق إرسال قوات هجومية إلى الشرق الأوسط. وتعتبر الخطوات التي اتخذها الرئيس جو بايدن مؤخرًا، بنشر حاملتي طائرات ومدمرات موجهة ومقاتلات F-22 وغواصة صواريخ، خطوات مُرحب بها.
أخيرًا، ينبغي للولايات المتحدة أن تواصل الوقوف بحزم في دعم الدفاع الصاروخي لإسرائيل، وفعل ذلك يظهر التزامًا ويحد من خيارات إيران. و بالنظر لنجاحهم في اعتراض الصواريخ الإيرانية، فإن الولايات المتحدة وإسرائيل الآن في وضع أقوى لردع إيران.
و بالطبع، إذا بدت المخاطر المرتبطة بهذا النهج مرتفعة جدًا وكانت الموارد المطلوبة قد تشتت من الأولويات الأخرى، يمكن للولايات المتحدة التراجع. كما يمكن أن تصرح بشيء بخصوص الضربات الصاروخية على إسرائيل، وللتخفيف من مخاطر التصعيد العرضي، يمكن أن تسحب وجودها البحري وتثني عن مرور حركة التجارة عبر البحر الأحمر. و لن تكون هذه المرة الأولى التي تتعرض فيها إسرائيل لضربات صواريخ حزب الله. ولن تكون هذه المرة الأولى التي يتم فيها إغلاق البحر الأحمر أمام حركة التجارة. فقد تم إغلاق قناة السويس من عام 1967 إلى عام 1975 خلال الحروب بين مصر وإسرائيل. و يمكن للولايات المتحدة قبول وضع مماثل حتى تهدأ الأزمة في غزة. وتتضمن التكاليف المحتملة لهذا النهج المزيد من الهجمات على إسرائيل، وتقليل التجارة الدولية، وضعف مكانة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط. ومع ذلك، إذا كان الهدف السائد هو تجنب التورط في الشرق الأوسط أثناء الدفاع عن المصالح الأمريكية وإحباط العدوان في المنطقة، فيجب على واشنطن أن تدرك أن الردع يتطلب قبول المخاطر غير المريحة.


التعليقات