تحليل: أربعة سيناريوهات لمرحلة ما بعد الحرب في غزة.. إحداها "لجان حماية قبلية"
يمن فيوتشر - CARNEGIE ENDOWMENT FOR INTERNATIONAL PEACE- ترجمة: ناهد عبدالعليم الاربعاء, 07 فبراير, 2024 - 12:39 صباحاً
تحليل: أربعة سيناريوهات لمرحلة ما بعد الحرب في غزة.. إحداها

على الرغم من التأكيد الأمريكي على ضرورة التخطيط للحكم ما بعد الحرب في قطاع غزة، يستمر رئيس الوزراء الإسرائيلي (بنيامين نتنياهو) في رفض تحديد أي استراتيجية لمرحلة ما بعد الحرب أو التخلي عن السيطرة للسُلطة الفلسطينية، فيما رفضت الأخيرة من جانبها أيضًا فكرة إعادة دخولها للقطاع بدعمٍ من دبابة إسرائيلية. 
وفي ظل هذه الظروف، أحد السيناريوهات التالية سيكون الأكثر احتمالية:

1- الإدارة المحلية تحت السيطرة الأمنية الإسرائيلية:
في حين أعرب نتنياهو عن رغبتهِ في نقلِ السيطرة على قطاع غزة إلى حكومة مدنية تحت السيطرة الأمنية الإسرائيلية، يبدو أن إمكانية إجراء مثل هذا الانتقال غير مرجحة.
جميع أفراد المجتمع المدني، بما في ذلك القادة المحليين ورجال الأعمال، مترددون في التعاون مع إسرائيل؛ طالما استمرت الحرب المدمرة، وفي الوقت نفسه يخشون من توجيه اتهامات الخيانة الوطنية إليهم. ومع ذلك، في ظل غياب بنية أمنية فعالة ومعونة إنسانية موثوقة، هناك احتمالية لأن يختار سكان غزة إنشاء هيئة محلية للإشراف على الشؤون الإنسانية والعمليات الطارئة، بهدف منع الفوضى الكلية. وقد يتيح هذا الترتيب للجيش الإسرائيلي الاحتفاظ بالسيطرة على حدود القطاع وتنفيذ غاراتٍ برية محدودة وقصف جوي.

2- لجان الحماية القبلية:
أشارت وسائل إعلام إسرائيلية إلى تنسيقٍ مع قبائل فلسطينية في غزة لجلب المساعدات الإنسانية إلى القطاع. وفي ردة فعله، أصدر المجلس القبلي بيانًا رسميًا يرفض التعاون مع إسرائيل في مرحلة ما بعد الحرب. لكن على الرغم من هذا الموقف، قد تدفع الفوضى المتوقعة بعد الحرب القبائل إلى التصرف لحماية أسرهم الموسعة. ويمكن أن يتم ذلك عن طريق إنشاء لجان حماية تتكون من شباب كل عائلة؛ للدفاع عن الممتلكات من السرقة وتسهيل الوصول إلى المساعدات الإنسانية بالتنسيق مع المنظمات الدولية، وليس مع إسرائيل. وقد لا تكون لدى هذه اللجان أي دور سياسي، بل التركيز بدلًا من ذلك على مراقبة رفاهية العشائر العامة، بينما يستمر الوجود الأمني الإسرائيلي في القطاع بشكل ما.

3- إدارة تحالف دولي:
نظرًا لتعقيد الوضع في غزة، قد يكون تشكيل تحالف دولي -بالتعاون مع حلف شمال الأطلسي (ناتو) أو أي كيان عالمي آخر- هو الحل الأكثر واقعية لتقليل مخاطر الأمن. كما سيساعد ذلك أيضًا السلطة الفلسطينية على تجنب الإحراج الناجم عن العودة المباشرة إلى غزة بالتعاون مع إسرائيل. 
تشير زيارة وزير الخارجية الأمريكي (أنتوني بلينكن) لتركيا مؤخرًا إلى وجود شراكةٍ محتملة بين البلدين، نظرًا للدور الهام الذي تلعبه تركيا في حلف شمال الأطلسي وعلاقتها الإيجابية مع الفلسطينيين. وإذا تم قبولها من قبل الجمهور الفلسطيني، يمكن لهذه القوات الدولية أن تركز على أدوارٍ محدودة مثل الحفاظ على الأمن وتسهيل المساعدات الإنسانية والإشراف على إعادة إعمار غزة. وفيما بعد، قد يتم إنشاء لجنةٍ وطنية للتعامل مع السلطة الفلسطينية ونقل السيطرة إلى غزة تدريجيًا، أو للتحضير للانتخابات البرلمانية والرئاسية المستقبلية لافتتاح مرحلةٍ جديدة في الحكم.

4- حكم الميليشيات المسلحة:
إذا تعذّر على السلطة الفلسطينية العودة إلى غزة، وتعذر على القوات الدولية دخول القطاع، فقد يقوم ما تبقى من أعضاء حماس وفصائل أخرى بتشكيل ميليشيات مسلحة. كما يمكن لهذه الجماعات أن تتولى دورًا غير رسمي في حكم القطاع، لكن من المحتمل أن تندلع أعمال عنف داخلية بالتصادم مع المتعاونين المفترضين لإسرائيل. وإذا استمر الجيش الإسرائيلي في تنفيذ عمليات أرضية وجوية متقطعة في غزة، فإن التصادم مع هذه الميليشيات سيكون أمرًا لا مفر منه. وبناءً على ذلك، من المحتمل أن يستمر الحصار الإسرائيلي، مع إغلاق معبر رفح وتأجيل إعادة إعمار غزة حتى يتم التوصل إلى حلٍّ شامل يضمن تشكيل حكومة وطنية تمتلك سلطة رسمية على القطاع.
وفي النهاية، يجب التأكيد على أنه ينبغي أن يُحدد الفلسطينيون أنفسهم، بدعم من الدول العربية وأعضاء المجتمع الدولي، شكل حكومتهم؛ إذ لا يمكن للقوى الخارجية، بما في ذلك إسرائيل، أن تفرض هذه القرارات. 
ومع ذلك، وفي مواجهة تأثير الاحتلال المطول والحرب المدمرة، قد يجد الفلسطينيون أنفسهم مضطرين لقبول أي سيناريو يعد بنهاية سريعة للصراع الشديد والعودة إلى الديار التي نزحوا منها.


التعليقات