تقرير: واشنطن تدرس أكثر من أي وقت مضى توجيه ضربة عسكرية ضد الحوثيين بعيد رفضهم التوقف عن مهاجمة السفن في البحر الأحمر
يمن فيوتشر - بلومبيرج- ترجمة ناهد عبدالعليم: الجمعة, 05 يناير, 2024 - 10:52 مساءً
تقرير: واشنطن تدرس أكثر من أي وقت مضى توجيه ضربة عسكرية ضد الحوثيين بعيد رفضهم التوقف عن مهاجمة السفن في البحر الأحمر

باتت الولايات المتحدة أكثر من أي وقت مضى تناقش إمكانية قيامها وحلفائها بشنّ ضرباتٍ عسكرية على مُقاتلي الحوثيين في اليمن بعد رفضهم إيقاف هجماتهم على السفن في البحر الأحمر رغم المطالبات الدولية.
وكانت واشنطن وعديد دول، حذرت هذا الأسبوع أن الحوثيين المدعومين من إيران سيتحملون "مسؤولية العواقب" إذا ما استمروا في هجماتهم على هذا الشريان البحري الحيوي للتجارة. 
وفسّر عديد الخُبراء، عسكريين وبحريين، في تصريحات لـ(بلومبرغ) هذا التحذير على أنه تهديد بشن ضربات قريبة المدى ضد الجماعة، على الرغم من أن مثل هذا الإجراء ينطوي على مخاطر قد تؤدي إلى تفاقم الأوضاع.
وتشمل التحديات القدرة على استقرار الإقليم الأكثر تأزمًا، مع تصاعد التوترات بالفعل جراء حرب إسرائيل ضد حماس المدعومة هي الأخرى أيضًا من إيران.
وسيأخذ الرئيس (بايدن) تأثير الصراع خلال عام الانتخابات الرئاسية الأمريكية بعين الاعتبار، ما قد تضطر معه الولايات المتحدة وحلفاؤها إلى اختيار "خياراتٍ يمكن الدفاع عنها بوضوح" والتي تستهدف قدرة الحوثيين على مواصلة عرقلة الملاحة في البحر الأحمر مع "تجنب الانخراط في صراع إقليمي"، وفقًا لـ(نيك تشايلدز)، الزميل الكبير للقوات البحرية والأمن البحري في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية.
وتشمل الخيارات المطروحة - وفقًا لأكثر من عشرين شخصًا تمت مقابلتهم من قبل (بلومبرغ) بما في ذلك خبراء اليمن والشحن والدفاع والأمن- ضربات مستهدفة تتمحور حول القضاء على/أو تقليل قُدرة الحوثيين على إطلاق الصواريخ الباليستية على السُفن وممرات الشحن عن طريق استهداف مواقع الإطلاق وأجهزة الرادار ومستودعات الصواريخ والبُنية التحتية الأخرى المدعومة والخدمات اللوجستية.
ووفقًا لوزارة الدفاع الأمريكية، قام الحوثيون بإطلاق أكثر من 100 طائرة مُسيّرة وصاروخ باليستي في أكثر من عشرين هجومًا منفصلًا منذ منتصف نوفمبر/ تشرين الثاني، مستهدفين أكثر من 15 سفينة.
ومع ذلك، يقوم هذا النهج بترك وسائل أخرى للحوثيين مثل الطائرات المُسيّرة والألغام البحرية وقوارب الهجوم السريعة، مما يزيد من خطر تصعيد الوضع بشكلٍ أكبر مع المقاتلين اليمنيين والتي يمكن أن تستدعي دور إيران.
زعيم الحوثيين (عبدالملك الحوثي) كان قال في خطاب: "ما كنا نتوقعه منذ اليوم الأول هو أن تكون الحرب مباشرة بيننا وبين العدو الأمريكي والإسرائيلي".
معظم الفصائل اليمنية التي كانت تُحارب الحوثيين منذ استيلائهم على العاصمة صنعاء منذ عشر سنوات تقريبًا، جنبًا إلى جنب مع بعض الداعمين الإقليميين مثل الإمارات، تفضّل ردًا حازمًا، يشمل إعادة تصنيف الحوثيين كجماعة إرهابية، واستهداف تمويلهم وشن عملياتٍ عسكرية أوسع إن لزم الأمر، فيما يقول البعض منها إن طرد الحوثيين من مدينة الحديدة الساحلية، غربي البلاد، هو الطريقة الوحيدة لاستعادة الهدوء في البحر الأحمر.
ويعزو الكثيرون وجود الحوثيين على الساحل إلى الضغوط التي مارستها الولايات المتحدة وغيرها من القوى الغربية على خصوم الحوثيين، بالإضافة إلى المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، لوقف هجوم كبير عام 2018 لاستعادة المحافظة الاستراتيجية على البحر الأحمر؛ لأسباب إنسانية.
ووفقًا لمجلس القيادة الرئاسي، الذي يمثل الحكومة المعترف بها دوليًا، فـ"العدوان الحوثي الإرهابي هو نتيجة طبيعية لتخلي المجتمع الدولي عن مسؤولياته في تعزيز القُدرات الدفاعية لحكومة اليمن المُعترف بها دوليًا".
وسيضطر أي عمل عسكري كبير ضد الحوثيين إلى إشراك الداعمين الإقليميين الرئيسيين للمجلس الرئاسي، وهما السعودية والإمارات. وفي الوقت الحالي، لا يرغب كلاهما، خاصة الرياض، في إشعال صراع بذلا جهدهما للقيام بإخماده.
وسيكون توسيع ولاية عملية "حارس الازدهار" - وهي عملية عسكرية بقيادة الولايات المتحدة أُنشئت ديسمبر/كانون الأول الماضي – خيارًا آخر لتشمل مرافقة السفن في المنطقة بين خليج عدن والجزء الجنوبي من البحر الأحمر، على غرار ما فعله حلف شمال الأطلسي قبل 15 عامًا في ذروة أزمة القراصنة الصوماليين.
ولكن على عكس أولئك القراصنة، فإن الحوثيين يمتلكون موارد عسكرية كبيرة فيما يسيطرون على منطقة واسعة نسبيًا، وهو ما يتطلب عددًا كبيرًا من السفن الحربية التي تحمل أنظمة دفاع جوي متقدمة. 
ووفقًا للباحث في معهد الدراسات الدولية والاستراتيجية (IISS)، هناك العديد من البلدان، خاصة العربية الإقليمية، تتردد في الانضمام؛ نظرًا لادعاءات الحوثيين بأن هجماتهم تتضامن مع الفلسطينيين في غزة.
ويُشكل التنظيم والتنسيق اللوجستي تحديًا هائلًا أيضًا، فيما سيتم تحويل حوالي 250 سفينة عبر البحر الأحمر في أي لحظة، كما ستضطر شركات الشحن إلى التخطيط والتنسيق بشكل كبير للانضمام إلى قوافل المرافقة، وفقًت لـ(آمي دانيال)، الرئيس التنفيذي لشركة وينورد للذكاء الاصطناعي البحري.
ويمكن للولايات المتحدة وحلفائها أن يتبعوا مثال السعودية، التي عملت بجد لإقناع الحوثيين بالتزام وقف إطلاق النار الدائم وخطة سلام تُشرف عليها الأمم المتحدة من خلال تقديم حوافز مالية.
وتتمثل المشكلة في أن أعمال الحوثيين في البحر الأحمر كشفت عن القيود الشديدة لـ"مفهوم الاستقرار" الذي سعت الرياض لتحقيقه مع هذا الفصيل، وفقًا لما يقوله (ماجد المذحجي)، رئيس مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية.
وعلى عكس السعودية، فإن الولايات المتحدة كدولة عظمى تخضع لاعتبارات أخرى.
كما تمثل هجمات الحوثيين "ضربة نسبية لنظام الولايات المتحدة الذي يسعى للحفاظ على البحار المفتوحة لعقود من الزمن"، وفقًا لـ(توربيورن سولتفيدت)، كبير محللي الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مابلكروفت بلندن.


التعليقات