[ تعبيرية ]
فقدت الشابة اليمنية فرح قائد قبل عامين جنينها الأول، عندما ظلت عشر ساعات تتنقل بين مستشفيات العاصمة صنعاء التي رفضت استقبالها خوفا من جائحة كورونا، في بلد تموت فيه امرأة كل ساعتين أثناء الولادة، وفق صندوق الأمم المتحدة للسكان.
وبحسب إحصائيات حديثة للصندوق فأن8.1 مليون فتاة وامرأة في سن الأنجاب يعانون من صعوبة الوصول إلى خدمات الصحة الإنجابية، من بينهن 1.3 مليون امرأة سيضعن مواليدهن هذا العام، فيما يتوقع احتياج 195 ألف امرأة لتدخلات طبية طارئة عبر عمليات قيصرية لإنقاذ حياتهن وحياة أطفالهن.
وفي بداية عام 2020، أقرت السلطات في عدن وصنعاء، حزمة من الإجراءات الوقائية للحد من تفشي الفيروس، لكن هذه السلطات تركت الالتزام بباقي الإجراءات، بما في ذلك الحجز المنزلي خيارا مفتوحا أمام المواطنين.
•"معاناة لا تنسى"
تقول قائد (21 عامًا)، هذا اسم مستعار، إنها ظلت من الساعة السادسة مساء حتى الرابعة صباح اليوم الثاني في السيارة تحتضر، حيث رفضت جميع المستشفيات والمراكز الخاصة استقبالها، ما ضاعف معاناتها وعرضها لنزيف أدى إلى فقدان مولودها.
وتضيف أن أحد المستشفيات الخاصة طلب منها مبلغ باهظ لقبول إدخالها وإجراء عملية قيصرية بعد تعسر ولادتها في المنزل، لكن أسرتها عجزت على توفير المبلغ المطلوب من المشفى، الأمر الذي جعلها تستأنف رحلة البحث عن مرفق صحي، وتتابع" أنها عاشت معاناة لا تنسى، حتى مضاعفات النزيف لأتزال ترافقها للان".
وتشير والحزن طاغ على وجهها إلى أنها حصلت على سرير في مستشفى السبعين الحكومي، عند خروج إحدى الحالات، لكنها خضعت قبلها لعملية قيصرية لإخراج جنينها المتوفي التي ظلت تنتظره لسنوات.
وتعد فرح واحدة من ملايين النساء الحوامل اللواتي تعرضن لفصول مختلفة من المعاناة مع الحظر الذي فرض بسبب تفشي فيروس كورونا في بلد لا تعمل فيه 45 بالمائة من المرافق الصحية سوى بنصف طاقتها الاستيعابية؛ بسبب شحة المستلزمات الطبية وتضرر المرفق صحية جراء النزاع الدامي منذ ثماني سنوات.
•خوفا من الإصابة
وقررت دعاء محمد (35 عاما)، وضع مولودها الثالث في منزلها، خوفا من إصابتها وجنينها بالفيروس في المرافق الصحية التي تفتقد لرعاية صحية كاملة، لكنها استمرت ساعات في محاض الولادة المنزلية حتى وضعت مولودها دون أي مضاعفات.
تضيف: "عندما تفشي كورونا، كنت على وشك وضع طفلي، لكن مع الخوف الذي كان حاصل قررت عدم الذهاب للولادة في المركز الصحي، خوفا من الإصابة"، حيث أحضرت قابلة لتولدها في المنزل المحصن بكافة الإجراءات الوقائية من الوباء، بما في ذلك التباعد البدني بين أفراد العائلة.
تعاني أكثر من مليون امرأة حامل ومرضعة حاليًا من سوء التغذية، ومن المحتمل وفاة امرأة واحدة من 60 امرأة أثناء الحمل أو الولادة، وفق المعلومات الأممية، بينما هناك 4 نساء من كل 10 لا يتلقين رعاية ما قبل الولادة، فضلا عن إجراء 6 ولادات من أصل 10 بدون قابلة ماهرة.
•تدخلات إيجابية
رصدت الجمعية الوطنية للقابلات في عدن 690 امرأة حامل وضعت مولودها أثناء الجائحة كورونا في المنزل تحت إشراف قابلات مؤهلات ضمن برنامج مدعوم من صندوق الأمم المتحدة للسكان عام 2020، مؤكدة أن هؤلاء النساء لم يتعرضن لمضاعفات خطيرة بسبب تطبيق القابلات جميع إجراءات الحماية والوقاية من الفيروس.
وتشير إلى أن مركز صحة الأم والطفل التابع لها في مدينة خور مكسر بعدن قدم الرعاية الصحية والاستشارات والعلاجات لقرابة 998 امرأة حامل، بما في ذلك إجراء عمليات الولادة الطبيعية، حيث كان هو المركز الوحيد الذي يستقبل النساء، بعدما أغلقت المرافق الصحية أبوابها بوجه المرضي خوفا من تفشي الفيروس داخل المستشفيات.
وتشدد الجمعية على ضرورة حصول النساء الحوامل للرعاية الصحية المنتظمة اما عبر المرافق الصحية أو بالمنزل عن طريق القابلات المؤهلات حتى لا يتعرضن للمضاعفات تعود إلى عدم الاكتشاف المبكر لأعراض بعض الأمراض، كتسمم الحمل أو الوضع غير طبيعي للجنين أو موته.
•خدمات عن بعد
وتؤكد مسؤولة الصحة الإنجابية بصندوق الأمم المتحدة للسكان في اليمن الدكتورة أفراح الاديمي أن 70 بالمائة من حالات الولادة تجرى بالمنزل ومن المتوقع زيادتها أثناء الجائحة، حيث تتعرض النساء لعدم دخولهن إلى المستشفيات، للولادة المتعسرة والإسقاط والنزيف والانتان الوليدي الذي يؤدي لزيادة وفيات الأمهات وحديثي الولادة.
وتشير إلى أن اليمن واجه جائحة كوفيد-19 بنظام صحي تم تجريفه بسبب سنوات الصراع الذي أدى إلى انخفاض كبير في صفوف القوى العاملة الصحية.
ومع وجود 10 عاملين صحيين فقط لكل عشرة ألف شخص، فإن اليمن أقل بكثير من المعيار الدولي (41 لكل عشرة ألف).
وبحسب الأمم المتحدة، فأن مرفق واحد في اليمن من بين كل 5 مرافق يقدم خدمات الأمومة والطفولة، في وقت تعاني 19 من 22 محافظة من نقص حاد في أسرة الأمومة.
ووفقا لتلك البيانات، هناك 6 أسرة فقط لكل عشرة ألف شخص، كما يعيش حوالي 42.4 بالمائة من اليمنيين على مسافة تبعد أكثر من ساعة الى أقرب مستشفى عام.
وسعى الصندوق الأممي العام الماضي، للعمل على استمرارية خدمات الصحة الإنجابية الأساسية من خلال تقديمها عن بعد وتوسيع الخط الساخن، ومواصلة الإمدادات الرئيسية للتعامل مع كورونا لقرابة 626 ألف امرأة وفتاة وتزويد 80 مرفق صحي بأجهزة التنفس الصناعي.
وتوضح المسؤولة الأممية أفراح الاديمي أن صندوق الأمم المتحدة للسكان انشاء 179 عيادة قبالة منزلية مجتمعية، كما وضع مناهج جديدة ومبتكرة لضمان إمكانية وصول الخدمات دون المخاطرة بصحة المستفيدين، بالإضافة إلى تعزيز قدرات الكوادر النسائية في المرافق لتقديم خدمات الصحة الإنجابية عالية الجودة وتوفير أدوات الوقاية من الفيروس.
وعملت السلطات الصحية في عدن أثناء كورونا على فتح عيادات منزلية وتعزيزها بالمستلزمات الطبية، بما في ذلك أدوية الطوارئ التوليدية والصحة الإنجابية، حتى استكملت إنشاء الطوارئ التوليدية في مستشفى الصداقة ومركز حاشد لاستقبال حالة الولادة، حسب الوكيل المساعد لقطاع السكان في وزارة الصحة العامة والسكان اشراق السباعي.
ووفقًا لـ"لسباعي" وهي ايضا متحدثة باسم اللجنة الوطنية العليا لمواجهة كورونا، سجلت3911 حالة إصابة مؤكدة بالفيروس بين النساء، منها 657 حالة وفاة و3227 حالة تعاف، ما يشكل حوالي 32% من إجمالي حالات الإصابة المعلنة رسميًا البالغة 11914 حالة منذ شهر إبريل/نيسان 2020، وحتى منتصف شهر أغسطس الماضي.
"تم نشر هذا التقرير بدعم من JDH / JHR - صحفيون من أجل حقوق الإنسان والشؤون العالمية في كندا".