شهد عام 2023 ولا يزال يشهد الكثير من الحروب والصراعات المسلحة في قارات العالم المختلفة ما يهدد باحتمال توسعها وتحولها لنزاعات إقليمية وربما في أسوأ الأحوال لحروب دولية.
من الحرب بين إسرائيل وحماس إلى المعارك الطاحنة التي تخوضها روسيا ضد أوكرانيا، يواجه العالم صراعا في بلدان تمتد على نطاق واسع يمتد من أفغانستان إلى اليمن، وفقا لوكالة "أسوشيتد برس".
وسلطت الوكالة الضوء على أبرز الحروب والصراعات التي بدأت وتلك التي لا تزال قائمة خلال هذا العام ويتوقع لها أن تستمر لفترات اطول.
وكان الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، قال، في يوليو الماضي، إن المجالات الجديدة المحتملة للصراع وأسلحة الحرب تخلق طرقا جديدة يمكن للإنسانية من خلالها إبادة نفسها".
وأضاف أن "الصراعات أصبحت أكثر تعقيدا وفتكا وأصعب في الحل، بينما عادت المخاوف بشأن احتمال نشوب حرب نووية إلى الظهور".
بدأت الحرب الأكثر دموية على الإطلاق بين إسرائيل وحماس، في السابع من أكتوبر، عندما اخترق مسلحو الحركة الجدران المحيطة بقطاع غزة.
قتل مسلحو حماس نحو 1200 شخص في إسرائيل واحتجزوا أكثر من 200 آخرين كرهائن واقتادوهم إلى غزة.
فاجأ الهجوم، الذي وصف بأنه أسوأ عملية قتل جماعي لليهود في يوم واحد منذ المحرقة، إسرائيل التي كانت تعتقد أن جدارها الحدودي، والأجهزة العسكرية والمخابرات المتقدمة تكنولوجيا تحميهم على نطاق واسع من جميع الهجمات الصاروخية التي ينفذها المسلحون الفلسطينيون.
على إثر ذلك، أطلقت إسرائيل حملة عسكرية واسعة النطاق من الضربات الجوية الانتقامية، ودخلت القوات الإسرائيلية قطاع غزة للمرة الأولى منذ سنوات، وخاضت قتالا عنيفا من شارع إلى شارع.
أدى الهجوم إلى مقتل أكثر من 18,800 شخص في قطاع غزة، الذي يسكنه أكثر من مليوني شخص يواجهون أيضا حصارا إسرائيليا يمنع إلى حد كبير شحنات الغذاء والوقود والمياه والأدوية.
وفي الوقت ذاته، شنت الميليشيات المدعومة من إيران، بما في ذلك حزب الله اللبناني، هجمات على إسرائيل وقواعد تضم قوات أميركية في العراق وسوريا.
أرسلت الولايات المتحدة حاملتي طائرات وقوات وأسلحة أخرى إلى المنطقة لمحاولة منع اندلاع حرب إقليمية أوسع.
ولكن هدف إسرائيل المُعلَن المتمثل بتدمير حماس قد يعني استمرار الصراع المسلح لفترة طويلة، الأمر الذي يزيد من المخاطر على المنطقة في المستقبل.
وطغت الوتيرة السريعة للحرب بين إسرائيل وحماس على حرب روسيا على أوكرانيا، في أواخر عام 2023، لكن الأشهر القليلة الماضية لم تشهد حصول أي تغيير جذري في ساحة المعركة لأي من الجانبين.
حصلت أوكرانيا على دبابات وأسلحة وتلقت قواتها تدريبا غربيا قبل شن هجوم مضاد يعتقد أنه كان يهدف إلى الوصول إلى بحر آزوف وتقسيم الخطوط الروسية في جنوب البلاد.
لكن أوكرانيا واجهت قوات روسية متحصنة وخطوط دفاع متعددة وحقول ألغام ومخاطر أخرى، وحققت مكاسب إما ببطء أو لم تحققها على الإطلاق.
وبينما ظلت الدول الغربية موحدة علنا خلف أوكرانيا، إلا أن استطلاعات الرأي، بما في ذلك المتعلقة بالانتخابات الرئاسية الأميركية المقررة العام المقبل، يمكن أن تؤثر على حجم المساعدات التي ستحصل عليها كييف في المستقبل.
وواجهت روسيا صعوبات أيضا، بما في ذلك الانقلاب الفاشل الذي نفذه زعيم ميليشيا فاغنر، يفغيني بريغوجين، في يونيو الماضي، والذي مثل التحدي الأكبر حتى الآن لحكم الرئيس، فلاديمير بوتين.
وفي أفريقيا، دخل السودان في حرب أهلية، منذ أبريل الماضي، وضعت جيش البلاد في مواجهة قوات الدعم السريع شبه العسكرية، والتي ارتبطت منذ فترة طويلة بالفظائع في دارفور.
أدى القتال إلى مقتل نحو تسعة آلاف شخص حتى الآن، في وقت سارعت فيه معظم دول العالم لإجلاء رعاياها برا وبحرا وجوا.
ومن ناحية أخرى، استمرت موجة الانقلابات العسكرية التي تعصف بأفريقيا منذ عدة أعوام.
ففي النيجر، وهي مستعمرة فرنسية سابقة ومصدر رئيسي لليورانيوم، أطاح عسكريون برئيس البلاد المنتخب ديمقراطيا، في يوليو الماضي.
وبعد شهر واحد، نفذ ضباط كبار في الجيش خطوة مماثلة في الغابون وأطاحوا برئيس البلاد الذي حكم البلاد لفترة طويلة.
أما آسيا، ففي ميانمار (بورما)، الدولة الواقعة في جنوب شرق آسيا، يقول بعض خبراء الأمم المتحدة إن حربا أهلية جارية بين المتمردين والجيش منذ أن أطاح انقلاب عسكري بالحكومة المنتخبة ديمقراطيا، في فبراير عام 2021.
كذلك تواجه أفغانستان، بعد عامين من تولي حركة طالبان السلطة، هجمات مسلحة من فرع لتنظيم الدولة الإسلامية.
وفي اليمن، لم يتوصل المتمردون الحوثيون المدعومين من إيران والتحالف الذي تقوده السعودية إلى اتفاق سلام دائم، الأمر الذي أدى إلى تصعيد الحوثيين لهجماتهم في الأسابيع الأخيرة.
كذلك لا تزال التوترات قائمة بين الهند وباكستان المسلحتان نوويا، وتستمر الترسانة النووية لكوريا الشمالية في النمو.
بالمقابل تقوم إيران الآن بتخصيب اليورانيوم بدرجة أقرب من أي وقت مضى إلى مستويات صنع الأسلحة.
وفي سبتمبر الماضي، تمكنت أذربيجان من استعادة إقليم ناغورني قره باغ المتنازع عليه من الانفصاليين الأرمن في هجوم خاطف.
وأسدل الانتصار الستار على النزاع الذي أدى إلى اندلاع حربين بين أذربيجان وأرمينيا، في عام 2020، وفي تسعينيات القرن الفائت، أسفرتا عن سقوط عشرات آلاف القتلى من الجانبين.
وتتفاوض الدولتان حاليا على معاهدة سلام شاملة، لكن المحادثات التي تتم بوساطة غربية فشلت حتى الآن في تحقيق أي تقدم.
كما شهد العام 2023 احتدام أعمال عنف عصابات المخدرات في أجزاء من المكسيك أثناء نزاعهم على النفوذ وطرق الإمداد إلى الولايات المتحدة.
لكن الصراع لم يقتصر على ذلك، حيث تصاعدت أعمال العنف في دول أخرى بأميركا الوسطى مثل هندوراس وحتى في كوستاريكا التي كانت تتمتع بالسلام ذات يوم، ويعتقد الآن أنها أصبحت نقطة تخزين وشحن رئيسية للمخدرات المتجهة إلى أوروبا.
وفي الوقت ذاته، وصلت كولومبيا إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق في إنتاج نبات الكوكا، وهي الورقة التي يصنع منها الكوكايين.