طوفان الاقصى: مئات الصحفيين يوقعون رسالة احتجاج على تغطية الأحداث في إسرائيل
يمن فيوتشر - واشنطن بوست- ترجمة ناهد عبدالعليم: الجمعة, 10 نوفمبر, 2023 - 10:47 مساءً
طوفان الاقصى: مئات الصحفيين يوقعون رسالة احتجاج على تغطية الأحداث في إسرائيل

الرسالة- التي قالت إن غرف الأخبار "مسؤولة عن الخطاب اللاإنساني الذي برر التطهير العرقي للفلسطينيين" -هي الأحدث في سلسلةٍ من التصريحات الجماعية الحماسية التي ترتكز على ردّ الفعل من جانب الولايات المُتحدة على الحرب بين إسرائيل وغزة.
 ولكن في حين انتقد كُتّاب وفنانون وباحثون وأكاديميون آخرون التغطية الإعلامية للصراع، فإن الرسالة الأخيرة -التي ضمّت موقعين من رويترز، ولوس أنجلوس تايمز، وبوسطن غلوب، وواشنطن بوست- تتميز بكشفها للانقسامات والإحباطات داخل غرف الأخبار.
أما بالنسبة لبعض الصحفيين، كان التوقيع على الرسالة خطوةً جريئة أو حتى محفوفة بالمخاطر. وقد تم طرد صحفيين من بعض غرف الأخبار بسبب تبنيهم مواقف سياسية عامة قد تعرضهم لاتهامات بالتحيز.
 لكن أولئك الذين نظّموا الرسالة الأحدث يزعمون أنها دعوة لإعادة الالتزام بالعدالة، وليس التخلي عنها.
حيث قال (عبد الله فياض) -الذي وصل إلى نهائيات جائزة بوليتزر لعام 2022 وعضو سابق في هيئة التحرير في صحيفة بوسطن غلوب- والذي وقّع على الرسالة: “آمل في هذه الرسالة هو التراجع عن ثقافة الخوف حول هذه القضية، واتخاذ القرار". 
و تجد أن صانعو الأفلام والمراسلون والمحررون يفكرون أكثر من مرة بشأن اللغة التي يستخدمونها.
 وقالت (سوهانا حسين) أيضاً، وهي مُراسلة عمالية في صحيفة لوس أنجلوس تايمز و قامت بالتوقيع على الرسالة: "إن الأمر يتعلق فقط بمطالبة الصحفيين بالقيام بعملهم لمُحاسبة السُلطة."
 والأمر الأكثر إثارةً للدهشة هو أن الرسالة تقول إنه يجب على الصحفيين استخدام كلمات مثل "الفصل العنصري" و"التطهير العرقي" و"الإبادة الجماعية" و ذلك لوصف معاملة إسرائيل للفلسطينيين.
 في حين يؤكد الموقعّون على الرسالة أن هذه "مصطلحاتٌ دقيقة تم تعريفها جيداً من قِبل المنظمات الدولية لحقوق الإنسان"، فقد كانت هناك مناقشات تاريخياً بين الدبلوماسيين ومجموعات الإغاثة والمشاركين حول متى يتناسب حادث أو صراع معين مع تعريف هذه المصطلحات.
 وقال (فياض): "إنه لم يكُن يدعو غرف الأخبار إلى اعتماد هذه المصطلحات لأوصافها الخاصة، لكن من الحقائق المرتبطة بما يحدث يجب أن نقول إن جماعات حقوق الإنسان الرائدة وصفت إسرائيل بنظام الفصل العنصري،  كما تُشير العديد من القصص الإخبارية إلى ذلك."
 وصنّفت الولايات المُتحدة حماس على أنها منظمة إرهابية.  "و هذا يُعد نوع من المعايير المزدوجة الذي آمل أن تُسلِّط عليه هذه الرسالة الضوء."
 كما يُركز جزءٌ كبير من النص على الصحفيين الذين قُتِلوا في الصراع الذي دام شهراً والذي اندلع بعد أن عبر مسلحو حماس الحدود الإسرائيلية في 7 أكتوبر/ تشرين الأول. مما أسفر عن مقتل أكثر من 1400 شخص واحتجاز حوالي 240 رهينة.
 و وفقاً لآخر إحصاء صادر عن لجنة حماية الصحفيين، فقد قُتل حتى الآن 39 من العاملين في وسائل الإعلام، مُعظمهم في هجماتٍ انتقامية شنّتها إسرائيل.
و توصَل تحقيقٌ أجرته منظمة مراسلون بلا حدود إلى أن إسرائيل استهدفت الصحفيين في غارة جوية يوم 13 أكتوبر/تشرين الأول أدت إلى مقتل صحفي رويترز (عصام عبد الله) وإصابة ستة آخرين. (و نفى المسؤولون الإسرائيليون أنهم استهدفوا الصحفيين). وفي أواخر أكتوبر/تشرين الأول، أبلغ مسؤولون عسكريون إسرائيليون وكالة رويترز ووكالة الأنباء الفرنسية بأنهم لا يستطيعون ضمان سلامة موظفيهم العاملين في قطاع غزة.
و قام (جو ريفانو باروس) -المحرر في منظمة Mission Local غير الربحية في سان فرانسيسكو والذي وقع على الرسالة- بالتأكيد لم تكن هناك "إدانات واسعة النطاق لقتل الصحفيين من غُرف الأخبار الغربية".
 وقال أيضاً: "يبدو أن هذا الصراع على وجهِ التحديد يجلب الكثير من المُراوغة بطريقة لا تحدثها الصراعات الأخرى".

 

•حصة هذه المادة:
تأتي رسالة الصحفيين في أعقاب عدة رسائل مفتوحة أُخرى في الأسابيع الأخيرة، و يُعبّر معظمها عن التضامن مع الفلسطينيين.  حيث نشرت (مجلة نيويورك ريفيو أوف بوكس) ​​كتاباً قام بتوقيعه كُتّابٌ مشهورون، من بينهم (تا نيهيسي كوتس)، و الذي يدعو "المجتمع الدولي إلى الالتزام بإنهاء الكارثة التي تتكشف في غزة". 
كما جاء في رسالةٍ موقعة من مئات الكُتّاب اليهود وتم نشرها في مجلة N+1: "نشعر بالرعب عندما نرى المعركة ضد معاداة السامية تُستخدم كذريعة لارتكاب جرائم حرب بنية الإبادة الجماعية المعلنة".
 ومع ذلك، أدت رسالة نشرتها Artforum ووقعها آلاف الفنانين والأكاديميين إلى إقالة مُحررها.  وقال ناشرو المجلة في بيان "إن الرسالة لا تتفق مع عملية التحرير في Artforum و أسيء تفسيرها بشكلٍ كبير على أنها بيان من المجلة حول ظروف جيوسياسية حساسة للغاية ومُعقدة".
 وأدانت رسالة تم توزيعها على نطاقٍ واسع بعنوان "كُتّاب ضد الحرب على غزة"، ووقعها أكثر من 8000 كاتب، مما ادى ذلك إلى إسكات المعارضة و الدورات الإعلامية العُنصرية والتحريفية".  و وقع الكاتبان في نيويورك تايمز (جازمين هيوز وجيمي لورين كيليز) على الرسالة. وبعد أيام، استقال (هيوز) تحت ضغط من الإدارة، وترك (كيليز) الصحيفة، وكَتب على وسائل التواصل الاجتماعي أن قراره كان "قراراً شخصياً بشأن نوع العمل الذي أريد أن أكون قادراً على القيام به".
و قال (تي في ريد)، أستاذ الدراسات الإنجليزية والأمريكية في جامعة ولاية واشنطن، الذي درس الحركات الاحتجاجية وألف كتاب “فن الاحتجاج”، "إن الرسائل المفتوحة لها تاريخ طويل في الاحتجاج المدني، وتلعب دوراً استراتيجياً. كما تكمن قوة الرسائل المفتوحة في تقديم أسماء للقراء يعرفونها ويحترمونها لكي يتماثلوا معها.  أو للمهن التي يحترمونها ويتعاطفون معها في عصر وسائل التواصل الاجتماعي هذا، حيث غالبًا ما تكون التعليقات الفردية مفرطة وقاسية، و يمكن للرسالة الجماعية المصممة بعناية أن تكون أكثر قوة."
 و أثارت الرسالة التي وقعها الصحفي مخاوف علماء الصحافة ومحرري الأخبار المخضرمين.
 في حين قال (بيل جروسكين) -أستاذ الصحافة بجامعة كولومبيا- إن الصحفيين قد يكون لديهم حريةً أكبر للتعليق على الأمور المُتعلقة بالإعلام مثل قتل الصحفيين. لكنّه حذّر من أن الصحفيين الذين يوقعون رسائل مفتوحة حول مواضيع سياسية يخاطرون بإلحاق الضرر بمنافذهم وقدرتهم على جمع المعلومات.
 و أضاف (جروسكين)، و الذي يكون أيضاً نائب مدير التحرير السابق لصحيفة وول ستريت جورنال: "أعتقد أن الأمر يستحق إجراء مناقشة صادقة حقيقية فيما يتعلق بسمعة المؤسسة التي يعملون بها".
  قال (ريفانو باروس) : "إن الصحفيين يُمكنُهم انتقاد الحكومات عندما تنتهك حريات الصحافة، مثل الحكومة السعودية و ذلك بسبب مقتل الكاتب (جمال خاشقجي)، والحكومة الروسية بسبب احتجاز مراسل المجلة (إيفان غيرشكوفيتش).
 وقال: "يواجه الصحفيون في غزة عدداً متزايداً وغير مسبوق من القتلى، وتستفيد غرف الأخبار الغربية بشكل مباشر من عملهم على البلاد، وإذا لم نتمكن من المطالبة بحمايتهم، فهذا أمر سيء".
و قال (ستيف كول) -مدير التحرير السابق في صحيفة واشنطن بوست والعميد السابق لكلية الصحافة بجامعة كولومبيا- إن الصحفيين الذين يوقعون على رسائل مفتوحة قد يواجهون رد فعل عنيف من الإدارة، خاصة إذا كانت غرف الأخبار هذه لديها قواعد ضد النشاط.
 كما أشار إلى الانقسام الأخير بين الأجيال في بعض غرف الأخبار، حيث يشعر الموظفون الأصغر سناً بالقدرة على التحدث علناً عن القضايا السياسية، مما يضعهم هذا في صراع في بعض الأحيان مع أعراف الصحفيين الأكبر سناً، الذين يفضلون البقاء هادئين.
وأضاف: "إنها مشكلة يجب حلها بطريقة أو بأخرى".


التعليقات