اليمن: الفصل بين الجنسين في المدارس يعمق الذكورة السامة
يمن فيوتشر - إسماعل الأغبري - يمن فيوتشر الثلاثاء, 08 نوفمبر, 2022 - 12:06 مساءً
اليمن: الفصل بين الجنسين في المدارس يعمق الذكورة السامة

[ تلاميذ أثناء تواجدهم في فصولهم الدراسية - صنعاء- يمن فيوتشر ]

منذ نحو ثلاثة عقود من الزمان عمدت السلطات الدينية والقبلية في اليمن إلى تكريس نظام فصل البنين والبنات في المدارس، تحت ذريعة حماية النساء من الانحراف، وفق تلك النظرة الدونية المتطرفة التي يغذيها موروث ايديولوجي واجتماعي متخلف.

   على خلاف ما كان يروج له هؤلاء من ذرائع ومبرارات لفرض عملية الفصل بين الجنسين في المدارس، تبدو النتائج عكسية، حيث تدفع النساء اليوم عواقب هذه التنشئة التي تحجم بدورها الذكورة الإيجابية لصالح تعزيز الذكورة السامة المتغذية من الإيديولوجيات الدينيةٍ والقبلية المُختلفة، وفق ما تقول 

 ليمن فيوتشر الدكتورة نادية مرعي/ رئيسة قسم الارشاد النفسي والتربوي في,معهد الشوكاني و رئيسة مؤسسة كن للتنمية الثقافية .

توضح" يرى الكثير من القائمين على المدارس أن الفصل بين الجنسين في المدارس ضرورة لحماية الفتيات وهم بذلك يجتثون الذكورة الإيجابية بالتالي تنعكس هذه التنشئة لاحقا في سلوك الأطفال ويكررون النسخ السلبية للذكورة".

 منقوصة إلى الأبد

ترى مرعي ان" الفصل الجنسي في المدارس يعزز الدونية والسلطة الذكورية، فبطريقة مباشرة أو غير مباشرة يتبنى الطلاب بأن لهويتهم الجنسية حدود وسلوك معين بالتالي الطفل الذكر يتسلط على الأنثى وتظل منقوصة الحقوق مصادرة القرار إلى الأبد".

 وبالرغم من أن نظام الفصل بين الجنسين في التعليم يتركز على نطاق واسع في المدن الرئيسية وعواصم المحافظات، فإن هذا الأمر لايزال محدودا في الأرياف حيث نادرا ما تتوفر مدارس او فصول خاصة بالبنات.

 ومع ذلك يقول أستاذ علم الاجتماع  في جامعة تعز د/ محمود البكاري إن أولياء الأمور يحبذون إلحاق بناتهم في مدارس بنات غير مختلطة من منظور توفير حرية أكثر للبنات في التعامل داخل المدرسة يساعدهن على التحصيل العلمي.

ويقلل البكاري من تأثير الفصل بين الجنسين على سلوك الطلاب والطالبات ونظرة بعضهم للآخر على أساس النوع الاجتماعي،  حيث يرى أن ذلك يعتمد على عملية التنشئة  الأسرية للفتاة والولد. 

 يوضح: "إذا كانت الأسرة تحقر الفتاة مقابل تشجيع وتمييز الولد فإن ذلك سيجعل الفتاة تشعر بأنها في مرتبة أقل حتى في التعليم وأنها تمثل عبء على الأسرة والمجتمع لكونها أنثى وفرصتها بالتعليم تكون ضئيلة مقابل الولد ،أما إذا كانت التنشئة الاجتماعية تقوم على أسس سليمة فإن ذلك سيمنح الفتاة شعورا بقيمتها وكرامتها واهميه تعليمها وتفوقها شأنها شأن الولد".

 يؤكد الدكتور البكاري بأن العملية نسبية ولا يمكن تعميم الظاهرة  كقاعدة عامة.

رهاب الجنس الآخر

تلاميذ في مدارس غي مختلطة في العاصمة اليمنية صنعاء - يمن فيوتشر

غير أن  الاخصائية النفسية في مستشفى الأمل للطب النفسي  منيرة النمر، تخالف هذا الرأي، فهي تعتقد بأن الفصل الجنسي بالمدارس يؤثر  بالأفكار لدى الطلاب المفصولين أنفسهم، على المحيط بأكمله لأنهم ينشؤون ذكورا سلبيين لديهم فوبيا من الجنس الأخر.

تقول  "صحيح أن فصل الذكور عن الإناث في مراحل الدراسة يحمل ايجابية  من حيث  شعور الآباء  بالأمان على بناتهم لكونهم يعيشون في مجتمع محافظ"

((لكنها ترى في المقابل أن الفصل يحمل الكثير والكثير من السلبيات على الجنسين والتي يظهر أثرها  في المدى البعيد، منها التقاء الجنسين في مرحلة الجامعة ؛ وما يترتب على ذلك بسبب الحرمان طيلة المراحل السابقة من جوع عاطفي ، بالإضافة الى شعور الغرابة من الطرف الآخر، و الخوف من التعامل مع بعضهم  مما تلغي القواعد الاجتماعية علاقة الزمالة او الصداقة ، وتندرج أي علاقة بين الطرفين ضمن الانحطاط الأخلاقي بغض النظر عن الهدف منها)).

واظهر نتائج استبيان اجريناه لإعداد هذا التقرير أن  (69%)  من المشاركين فيه لا يؤيدون الفصل بين الجنسين في التعليم.

نتائج استبيان  حول الفصل بين الجنسين - يمن فيوتشر

 

 وتفاعل في الاستبيان الالكتروني الذي نشر  على "يمن فيوتشر" 145مشارك ومشاركة، حيث اتفق منهم (100) اشخاص على أن دمج التلاميذ في الصفوف الدراسية يساعدهم  على تقبل الآخر وتكوين علاقات سليمة في المستقبل.

وحسب نتائح الاستبيان رأى هؤلاء بأن الفصل بين الجنسين يؤثر عليهم بشكل سلبي ويولد الذكورية  السامة .

وحمل (32.5%) من المستطلعين، رجال الدين عواقب الفصل بين الجنسين ، بينما رأى (%30.3) أن القوانين والتشريعات هي المسؤولة عن الفصل بين التلاميذ وتتحمل عواقبه ، فيما القى (26.2%) من العينة المستطلعة باللائمة في ذلك على كافة الأطراف السياسية، في الوقت الذي قال فيه (%11) أن القبيلة هي التي فرضت هذا الفصل غير المبرر .

واتهم نصف المشاركون  في الدراسة (%45,5).  المورثات المجتمعية بتعزيز الفصل بين الجنسين في التعليم ، وهنا تقاربت النسب كثيرا حيث رأى (%37.9) أن القائمين على العملية التربوية في البلد أيضا مسؤولون عن هذا الفصل القائم على النوع في المدارس الأهلية والحكومية .

 وذهب (%5.5) إلى أن وسائل الاعلام تكرس الفصل الجندري أما  (%11.1) حملوا تلك الاسباب مجتمعة ،تعزيز الفصل النوعي الذي بدوره  يكرس الذكورة السامة.

 لكن  أتفق غالية الشريحة المدروسة أن المناهج تعزز الفصل بين الجنسين أيضا وبنسبة (61.1%).

ويعتقد (%65 ) عدم التميز بين الأطفال على حسب هويتهم الجندرية ما دون الصف السادس، ومن العينة التي أجابت الاستبيان(%35) رأوا أن مرحلة الثانوية لا يجب أن يفصلوا بها التلاميذ  في ذات الوقت رجح (79.6%) أن انخراط التلاميذ في مدارس مختلطة يشكل نوعا من تقبل الجنس الأخر ويخلق انسجاما مستقبلا.

شارك في الاستبيان   145  صوت، منها 58.3% ذكور، و 41.7% إناث

"تم نشر هذا التقرير بدعم من JDH / JHR - صحفيون من أجل حقوق الإنسان والشؤون العالمية في كندا.

 


التعليقات