عندما يزور الرئيس الأمريكي جو بايدن المملكة العربية السعودية الشهر المقبل، ستتوفر لديه فرصة لتعزيز هدفه المتمثل في إنهاء الحرب في اليمن.
قال بايدن في وقت مبكر من إدارته إن إنهاء الحرب يمثل أولوية قصوى، وهو تحول رئيسي وصحيح في السياسة عن أسلافه.
و في جدة، يمكنه الضغط على العاهل السعودي الملك سلمان وولي العهد الأمير محمد بن سلمان لفعل المزيد من خلال رفع ما تبقى من الحصار المفروض على شمال اليمن وجعل الهدنة دائمة.
و كان فريق بايدن نشطاً للغاية بالفعل في إيصال الحرب إلى هدنة، وهي الأولى منذ عام 2016.
ودخلت قيد التنفيذ في أبريل وتم تجديدها حتى أغسطس. و يجب الآن تجديدها بدون حد زمني.
يعتبر وقف إطلاق النار أكثر عرضة للخطر بسبب استمرار حصار المتمردين الحوثيين على تعز، ثالث أكبر مدينة في البلاد.
حيث عرض الحوثيون فتح طرق خلفية إلى المدينة لكن ليس الطرق الرئيسية.
وكان الحوثيون الشيعة الزيديون قد رفضوا الأسبوع الماضي اقتراح تسوية من الأمم المتحدة في محادثات في عمان بالأردن.
و يمكن أن يشجع بايدن السعوديين على تقديم حوافز للحصول على صفقة لفتح تعز بالكامل.
أكبر الحوافز على هذا ستكون متمثلة من تخفيف الحصار السعودي على الشمال الذي يسيطر عليه الحوثيون.
و يجب السماح بدخول المزيد من الوقود إلى الحديدة، الميناء الرئيسي ، بالإضافة إلى كميات غير محدودة من الغذاء والدواء والإمدادات الإنسانية الأخرى. كما فتح وقف إطلاق النار مطار صنعاء أمام الرحلات الجوية التجارية إلى عمان والقاهرة بمصر و يجب فتحه إلى وجهات أخرى وتسهيل المزيد من الرحلات الجوية لليمنيين الباحثين عن المساعدة الطبية حيث قد دمرت الحرب البنية التحتية الصحية في اليمن.
تُعد الحرب كارثة إنسانية حيث يموت مئات الآلاف من المدنيين اليمنيين بسبب سوء التغذية والأمراض ذات الصلة. ويعتبر أطفال اليمن هم الأكثر ضعفاً.
و إنهاء الحرب حرفياً سينقذ عشرات الآلاف من الأرواح، وهو إنجاز كبير في مجال حقوق الإنسان.
ولأن اليمن تحصل على الكثير من طعامها من روسيا وأوكرانيا، فقد أدت حربهما إلى ارتفاع أسعار الحبوب بنسبة تصل إلى 35٪.
وسيلتقي بايدن بقادة من مجلس التعاون الخليجي في المملكة كلهم - باستثناء عمان - الذين انضموا إلى التدخل بقيادة السعودية في اليمن قبل سبع سنوات.
ويمكن للرئيس أن يشجعهم على بذل المزيد من الجهد لإعادة بناء البنية التحتية لليمن للمساعدة في اصلاح أضرار الحرب.
كما يجب أن يركز مشروع كبير على تحديث الميناء في عدن الخارج عن سيطرة الحوثيين.
و سيتم تمثيل العراق في جدة، ويستضيف العراقيون محادثات بين السعودية وإيران لتخفيف التوترات في المنطقة واستعادة العلاقات الدبلوماسية التي قطعها السعوديون.
ولأن عمان تعد جزء من العملية في بغداد، هذه العملية في مصلحة أمريكا إلى حد كبير ويجب أن يشجعها بايدن.
يعد الحوثيون جزء صعب للغاية من المشكلة كونهم معادون بشدة لأمريكا، ويرجع تاريخهم إلى غزو العراق، ويرتبطون ارتباطاً وثيقاً بإيران وحزب الله، وغالباً ما يكونون عنيدين في المفاوضات التي ستساعد في إعادة فتح الاقتصاد اليمني على العالم في تشجيع نظام حوثي أكثر مرونة في أجزاء اليمن التي يسيطر عليها المتمردون ، والتي تضم 80٪ من سكان اليمن.
يتمتع بايدن بنفوذ هائل على السعوديين، الذين يتوقون إلى استعادة سمعتهم المشوهة التي تضررت من الحرب ومقتل الصحفي جمال خاشقجي.
و كما صاغت مجلة الإيكونوميست مؤخراً قائلة: "إن أفضل طريقة لتحسين صورتك هي تحسين سياستك".
وكون الولايات المتحدة هي أمر حاسم في المجهود الحربي السعودي وستظل كذلك لسنوات قادمة لذا لا يمكن للصين أن تقوم بدورها أو تحل محل قطع الغيار الأمريكية للطائرات المقاتلة من طراز F-15 ، ولأنها ليست مهتمة بمواجهة الأذى الإيراني في المنطقة.
لذا يجب على بايدن استخدام النفوذ الذي توفره علاقاته الأمنية لإخراج السعوديين من اليمن.
و لقد أدرك السعوديون متأخراً أن الحرب في اليمن مستنقع باهظ الثمن بالنسبة لهم ولا يكلف إيران شيئاً تقريباً، كما انها شوهت سمعتهم في العالم الإسلامي وكذلك عند الغرب. ومن هنا جاءت فرصة بايدن لمساعدتهم على الخروج من الفوضى التي أوصلهم بها ولي العهد بتهور قبل سبع سنوات.
كما أعلن برنامج الغذاء العالمي للتو عن خفض كبير في المساعدات الغذائية لليمن لأن التبرعات العالمية للبرنامج منخفضة للغاية ، لذا فإن الحاجة إلى المساعدة من الخليج أمر حتمي.