اجرى الصحفي مايكل يونغ، حوارا مع الباحث غير المقيم في مركز "مالكولم إتش كير كارنيغي للشرق الأوسط، احمد ناجي، حول هدنة اليمن وقرار الرئيس عبد ربه منصور هادي الأسبوع الماضي بالتنحي وتسليم السلطة لمجلس رئاسي. فماذا تعني هذه الخطوات، وهل يمكن أن تشير إلى بداية نهاية الصراع في اليمن؟..اليكم ترجمة خاصة للحوار.
مايكل يونغ: ما سبب استقالة الرئيس عبد ربه منصور هادي في 8 نيسان وتشكيل مجلس رئاسي؟
-أحمد ناجي: هناك عدة أسباب. أصبح التحالف الذي تقوده السعودية والمعارض لأنصار الله، المعروفين باسم الحوثيين، مقتنعا بأن هناك حاجة إلى نهج مختلف للصراع اليمني، يركز أكثر على إيجاد حلول سياسية، بدلا من الاعتماد على استراتيجية عسكرية أولاً.
وقد تعززت هذه القناعة من خلال هجمات الحوثيين الأخيرة على أراضي الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، التي أظهرت كيف أن ديناميات الصراع كانت تنتشر خارج حدود اليمن وأصبحت تشكل تهديدًا حقيقيًا لكلا البلدين، لذلك أصبح فصل الصراع من أولويات التحالف على الأقل في الوقت الحالي.
سبب آخر هو أن هادي كان ضعيفًا جدًا في إدارة كوارث اليمن المتعددة أثناء الحرب. كان في المنفى منذ بدء الحملة العسكرية للتحالف الذي تقوده السعودية في مارس 2015 ولم يُظهر قدرته على تحمل مسؤولياته.
في السنوات الأخيرة وبسبب مشاكل صحية لم يتمكن هادي من أداء مهامه. وبدلاً من ذلك، ملأ أبناؤه الفراغ. لم يكن ضعف هادي مشكلة للسعوديين في بداية الحرب. لقد سمح لهم بدفع أجندتهم إلى الأمام وتشكيل الوضع في اليمن كما يريدون.
لكن التغيير الأخير في استراتيجية التحالف يعني أن هادي لم يعد الشخص المناسب لأن هذا يتطلب قيادة يمنية جديدة.
على المستوى المحلي أنتجت الحرب عدة مجموعات عسكرية. والكثير منهم ليسوا تحت سيطرة هادي لكن لهم علاقات مباشرة مع التحالف. كان هناك جهد لدمج هذه القوات تحت إشراف المؤسسات الرئاسية. لقد رأينا لأول مرة مثل هذه المحاولة من خلال اتفاق الرياض في نوفمبر 2019، والذي يهدف إلى وضع إحدى هذه المجموعات، المجلس الانتقالي الجنوبي، في حكومة موحدة.
ومع ذلك، تعثرت هذه الخطوة بسبب خلافات كبيرة حول الترتيبات العسكرية والأمنية.
لذلك شكل التحالف الأسبوع الماضي مؤسسة جديدة هي المجلس الرئاسي، التي من شأنها أن تستوعب الجهات الفاعلة الحكومية وغير الحكومية في هيئة واحدة.
يتألف المجلس من ثمانية أعضاء كل منهم يمثل القوات العسكرية أو شبه العسكرية على الأرض. كما تضم شخصيات موالية للإمارات والسعودية.
بالإضافة إلى ذلك تم تشكيل المجلس الرئاسي واللجان والهيئات التابعة له بطريقة مرنة لاستيعاب المزيد من الأعضاء في المستقبل إذا تم التوصل إلى تسوية سياسية مع الحوثيين.
بمعنى آخر يمهد هيكل المجلس الأرضية لأي تفاهم محتمل بين الأطراف في الصراع اليمني.
يشار إلى أنه بعد أن نفذ الحوثيون انقلابهم العسكري وحل البرلمان في فبراير 2015، اقترحوا تشكيل مجلس رئاسي من خمسة أعضاء.
لذلك، يمكن اعتبار المجلس الجديد إشارة إيجابية للحوثيين حيث يوجد مكان لهم إذا قرروا الانضمام.
يونغ: هل تشكيل المجلس الرئاسي هو نتيجة المباحثات اليمنية التي جرت في الرياض الأسبوع الماضي؟
احمد ناجي: على الرغم من رفض الحوثيين الحضور، إلا أن المحادثات اليمنية البينية عقدت بالفعل في موعدها برعاية مجلس التعاون الخليجي.
استهدف ذلك إحياء دور مجلس التعاون الخليجي كوسيط في اليمن، خاصة بعد الإعلان عن استمرار هذه المحادثات في المستقبل.
وعلى الرغم من النقاشات حول اتساق هذه الخطوة مع الدستور اليمني كانت مظلة دول مجلس التعاون الخليجي خطوة مهمة لإضفاء الشرعية على المجلس الرئاسي مع العلم أن هادي أصبح رئيسًا بناءً على مبادرة خليجية توسط فيها المجلس بين الرئيس السابق علي عبد الله صلاح وأحزاب المعارضة عام 2011.
لذلك، فإن دول مجلس التعاون الخليجي، التي دبرت نقل السلطة من صالح إلى هادي تقوم الآن بنقل السلطة من هادي إلى قيادة جديدة.
يونغ: يضم المجلس الرئاسي الجديد شخصيات موالية للسعودية والإمارات. ما سبب ذلك في ظل الخلافات الماضية بين السعوديين والإماراتيين في اليمن؟
احمد ناجي: من الواضح أن هناك تفاهمات بين الإمارات والسعودية حول الخطوات اللازمة لتوحيد أجندتهما في اليمن. لولا هذه التفاهمات لما رأى المجلس الرئاسي النور.
يهدف المجلس إلى جمع كافة الجهات الفاعلة المدعومة من البلدين في شراكة من شأنها أن تغطي عملية صنع القرار الرئاسي وتضمن عدم تمكن أي جهة فاعلة بمفردها من السيطرة على القرارات.
أجبرت الهجمات عبر الحدود التي شنها الحوثيون على المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة كلا البلدين على إدراك أن وجود أجندات متضاربة في اليمن لن يخدم أيًا من البلدين، ولن يؤدي إلا إلى مزيد من انعدام الأمن.
لم تظهر هذه القناعة فقط من خلال تشكيل المجلس الرئاسي.
كما انعكس ذلك في أحداث أخرى في الأشهر الماضية، مثل العمليات العسكرية ضد الحوثيين في شبوة حيث كانت كتائب العمالقة المدعومة إماراتياً القوة العسكرية الرئيسية في المعركة.
بالإضافة إلى ذلك، زاد السعوديون من علاقاتهم مع الجماعات التي ترعاها الإمارات ودمجوا مطالبهم في السياسة السعودية تجاه اليمن.
يونغ: ما هي التحديات الرئيسية التي سيواجهها المجلس الرئاسي؟
احمد ناجي: حتى الآن هناك إجماع بين مختلف الأطراف المناهضة للحوثيين على دعم المجلس الرئاسي. يشعر كل طرف بأنه ممثل في الجسد. ومع ذلك، فإن نجاح المجلس أو فشله سيعتمد على كيفية تطور الوضع على الأرض وكيف سيعالج ثلاث قضايا رئيسية.
أولاً، سيتعين عليه التعامل مع العلاقات بين أعضاء المجلس. يضم المجلس شخصيات مختلفة لها أجندات سياسية متباينة.
لدينا المجلس الانتقالي الجنوبي، الذي يسعى لانفصال جنوب اليمن، وحزب الإصلاح الذي تعاني علاقته بالإمارات من إشكالية، وابن شقيق الرئيس السابق علي عبد الله صالح الذي يحمل إرث عمه الراحل الذي ثار اليمنيون ضده عام 2011.
إذن إدارة كل هذه الاختلافات بسلاسة ستكون معقدة وستكون أول اختبار عملي للمجلس.
التحدي الثاني هو معالجة العلاقة بين المجلس الرئاسي والتحالف الذي تقوده السعودية.
كان هناك قدر كبير من عدم الثقة في مرحلة ما بين السعوديين والإماراتيين من جهة وحكومة هادي من جهة أخرى.
اليوم، يضم المجلس جميع الجهات الفاعلة غير الحكومية التي تعامل معها التحالف كحلفاء موثوق بهم.
فهل ستختلف العلاقات هذه المرة وهل سيحصل المجلس على دعم أكبر مما حصل عليه هادي، وهل سيتم التعامل معه على أنه كيان سيادي؟ سيحدد هذا ما إذا كان السعوديون والإماراتيون جادين في النظر إلى القضايا اليمنية من منظور يمني، وليس من خلال عدساتهم الخاصة.
وثالثًا، يظل التحدي الأكبر هو كيفية تعامل المجلس مع الحوثيين. وكيف سيدير جولة جديدة من الحرب إذا قرر الحوثيون تصعيد عملياتهم العسكرية؟
وإذا كانت هناك محادثات سياسية فكيف سيتدخل المجلس في التسويات؟ إذا نجح المجلس الرئاسي في إدارة كل هذه التحديات، يمكن لليمن أن يبدأ في إيجاد مخرج من مأزقه. ولكن إذا فشل في ذلك، فستدخل البلاد مرحلة جديدة من الفشل.
يونغ: كانت هناك تكهنات بأننا نقترب من إمكانية التوصل إلى تسوية شاملة في اليمن. ما هي العلامات التي تدل على ذلك؟
احمد ناجي: في الآونة الأخيرة كانت هناك جهود دبلوماسية مكثفة بقيادة الأمم المتحدة ولعبت فيها عمان دورًا رئيسيًا، للتوصل إلى هدنة لمدة شهرين بين الأطراف المتصارعة.
على الرغم من الإبلاغ عن العديد من الانتهاكات على طول جبهات مأرب وتعز والساحل الغربي، إلا أن الهدنة أعطت اليمنيين بعض الأمل في احتمال وجود حل.
السؤال اليوم هو ما إذا كانت الهدنة تؤدي إلى نتائج سياسية أكثر، أم أنها مجرد مقدمة لموجة جديدة من القتال.
نحن نشهد الآن كلاهما يحدث. هناك بعض الجهود للحفاظ على الهدنة وحل بعض القضايا الإنسانية. لكن الحوثيين يستفيدون أيضًا من وقف الضربات الجوية لتعزيز قواتهم على جبهات عديدة. سنحصل قريبًا على فهم أفضل لمستوى الالتزام الذي لدى جميع الأطراف لتحويل الهدنة إلى أساس لاتفاق أكثر ديمومة.