تقرير: إيران ترى فرصة للتوصل إلى اتفاق نووي مع الولايات المتحدة رغم الهجمات ذا واشنطن بوست- ترجمة خاصة
يمن فيوتشر - واشنطن بوست- ترجمة خاصة الأحد, 13 يوليو, 2025 - 02:47 مساءً
تقرير: إيران ترى فرصة للتوصل إلى اتفاق نووي مع الولايات المتحدة رغم الهجمات  ذا واشنطن بوست- ترجمة خاصة

 

يتبلور توافق داخل المشهد السياسي الإيراني المتشظي حول ضرورة استئناف المفاوضات بشأن البرنامج النووي مع الولايات المتحدة، رغم استمرار حالة عدم الثقة إزاء ما إذا كانت هذه المحادثات قد تشكّل مجرد تمهيد لهجوم إسرائيلي جديد، وفقاً لمحللين ومراقبين سياسيين من داخل إيران وخارجها.

وقد أطلق الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، ووزير الخارجية، عباس عراقجي، حملة إعلامية مكثفة خلال الأسابيع الماضية سعياً إلى التمييز بين الولايات المتحدة وإسرائيل، مؤكدَين أن من الممكن التوصل إلى تسوية تفاوضية مع واشنطن، على الرغم من العداء الإسرائيلي.

وفي مقابلة نُشرت الأسبوع الماضي مع الإعلامي المحافظ تاكر كارلسون، اتّهم بزشكيان رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بزرع فكرة في الأذهان الأميركية مفادها أن إيران تسعى لامتلاك سلاح نووي، لكنه شدد، في المقابل، على أن بلاده “قادرة جداً وبسهولة على حل الخلافات والنزاعات مع الولايات المتحدة من خلال الحوار والمحادثات”.

وفي مقال رأي نُشر في صحيفة فاينانشال تايمز، أشار عراقجي إلى أن إيران والولايات المتحدة “كانتا على وشك تحقيق اختراق تاريخي” قبل أن تبدأ الضربات الإسرائيلية.

ويرى بعض المراقبين أن الزخم المتصاعد نحو استئناف المفاوضات يعكس صراعاً على النفوذ داخل طهران، تفاقم بعد الهجمات الإسرائيلية والأميركية الشهر الماضي، حيث بات التيار الداعي إلى نهج أكثر تصالحاً يكتسب مزيداً من التأثير على حساب من يفضّلون المواجهة.

ومع ذلك، لا تزال هناك أصوات معارضة. فقد أقر هادي معصومي زارع، الخبير في شؤون المنطقة، والذي سبق أن ظهر في وسائل إعلام مرتبطة بالحرس الثوري الإيراني، بوجود هذا الصراع، ووجّه انتقادات لصنّاع القرار الذين قال إنهم يستغلون الضربات التي وجهتها إسرائيل للدفع نحو التفاوض مع الولايات المتحدة.

وفي حلقة بودكاست نُشرت الأسبوع الماضي، قال معصومي زارع: “اليوم، وفي ظل غياب العديد من هؤلاء القادة، ومع الشعور بأن هذه الطبقة الأيديولوجية والثورية قد أُضعفت وتآكلت بفعل إسرائيل، يحاول البعض تسويق أنفسهم ونموذجهم الفكري بوصفهم المنقذ للشعب الإيراني”. واعتبر أن هذه الحملة تأتي في إطار مساعٍ أوسع للهيمنة على مراكز السلطة في إيران.

وبالنسبة لكبار المسؤولين في إيران، فإن هجوماً مستمراً كالذي شنّته إسرائيل على أراضيها الشهر الماضي، إلى جانب القصف الأميركي لثلاث منشآت نووية، كان في السابق أمراً لا يُمكن تصوره.

ومع ذلك، لم تؤدِّ تلك الهجمات الدراماتيكية إلى تغيّر كبير في المواقف العلنية لإيران. إذ لم تُظهر طهران اهتماماً متزايداً بالسعي لامتلاك سلاح نووي، كما لم تُبدِ استعداداً للتخلي الكامل عن برنامجها النووي. ولا تزال تُصرّ على حقها في إنتاج الوقود النووي داخل أراضيها، مع تأكيدها المتكرر أنها لا تنوي تطوير سلاح نووي. وربما ما هو لافت أكثر، أن الضربات الأميركية لم تدفع إيران إلى قطع التواصل مع واشنطن.

وقال حميد رضا عزيزي، الزميل الزائر في المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية: “كنت أتوقع، بعد كل ما حدث والحرب وما إلى ذلك، أن أسمع موقفاً موحداً يرفض أي انخراط مع الولايات المتحدة، لكن، في الواقع، يبدو أن العكس هو ما يحدث”. وأضاف: “العنصر الأساسي هنا هو أن نقاط الضعف باتت مكشوفة تماماً، وهذا ما دفع إلى تبنّي نهجٍ أكثر واقعية”.

وتجد إيران نفسها في موقفٍ صعب. فقد كشفت الهجمات الأخيرة أن أنظمة الدفاع الجوي والصاروخي لديها — التي طالما تفاخر بها القادة العسكريون والسياسيون في السابق — لم تكن ندًّا لهجمات شنتها قوتان عسكريتان متقدّمتان.

وقد أظهرت الحملة الإسرائيلية، على وجه الخصوص، مدى اختراق أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية للمؤسسات الأمنية الإيرانية، وهو ما من المرجّح أن يدفع طهران إلى إعادة النظر في كيفية إعادة بناء قدراتها العسكرية والنووية، إن قررت المضي في ذلك. إذ تمكنت إسرائيل من تهريب أسلحة إلى داخل البلاد مسبقاً، كما كانت على دراية بموقع مخبأ يستخدمه كبار ضباط سلاح الجو الإيراني، فقصفته وقتلت القادة الموجودين فيه.

وقال بهنام بن طالبلو، المدير البارز لبرنامج إيران في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات في واشنطن: “هذه أول حرب تُشن على الأراضي الإيرانية منذ الحرب العراقية الإيرانية في الثمانينيات، وقد أخفقت القيادة الإيرانية في إدارتها تماماً”.

وفاقمت حالة الاقتصاد الإيراني من تعقيد الموقف، في ظل معاناة مستمرة من التضخم المرتفع والبطالة المتفشية.

وقد تزداد هذه الضغوط سوءاً إذا قررت الدول الأوروبية، خلال الأسابيع المقبلة، تفعيل آلية إعادة فرض العقوبات الأممية من خلال إعلان أن إيران لا تمتثل لبنود الاتفاق النووي الموقّع عام 2015 مع القوى العالمية.
وكان وزير الخارجية البريطاني، ديفيد لامي، قد صرّح الأسبوع الماضي بأن أوروبا قد تفرض “عقوبات صارمة” ما لم تُظهر إيران جدية تجاه “الرغبة الدولية في تراجعها عن طموحاتها النووية”.

وبحسب مسؤول أميركي مطّلع تحدّث بشرط عدم الكشف عن هويته نظراً لحساسية الملف، فإن مسؤولين سابقين في إدارة ترامب يعتقدون أن إيران لا تزال منفتحة على اتفاق دبلوماسي بشأن برنامجها النووي، حتى بعد أن نسفت الضربات الأميركية والإسرائيلية المحادثات القائمة. وقد تعزّز هذا الانطباع خلال المناقشات الدبلوماسية الأخيرة. وفي هذا السياق، قال مبعوث الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، يوم الإثنين إن المحادثات “ستُعقد بسرعة كبيرة، في غضون أسبوع تقريباً”.

مع ذلك، أوضحت إيران لعدة دول مجاورة تلعب دور الوسيط، أنه “لا توجد عملياً أي فرصة للتفاوض” في ظل ظروف تنطوي على التهديد، بحسب ما أفاد به مصطفى نجفي، المحلل المقيم في طهران والمقرّب من دوائر صنع القرار الأمني في البلاد. وأضاف أن إيران تحتاج أيضاً إلى نوع من الضمانات بعدم تعرّضها لهجوم إسرائيلي جديد خلال جولة مفاوضات محتملة.
وقال نجفي: “قبل أن تدخل إيران مساراً دبلوماسياً جديداً مع الأميركيين، فهي تريد الحصول على هذا الضمان، سواء عبر وسطاء أو من خلال إطار قانوني، أياً كان الشكل”.

ومن جانبه، قال علي أصغر شفيعيان، المستشار السابق في حملة بزشكيان ومدير موقع إخباري إصلاحي في طهران، إن الرئيس بزشكيان، وخلال عامه الأول في المنصب، نجح في بناء توافق داخل مراكز النفوذ الإيرانية بشأن خيار الدبلوماسية، وإن اللحظة الحالية تُعد “فرصة ذهبية” لإجراء محادثات مع الولايات المتحدة. وأضاف: “إيران تمتلك الإرادة للتفاوض”.

ولم يُدلِ آية الله علي خامنئي، أعلى سلطة في النظام الإيراني القائم على ولاية الفقيه، برأيه بعد بشأن احتمال إجراء مفاوضات جديدة مع الولايات المتحدة، وهو احتمال لطالما نظر إليه في السابق بعين الريبة الشديدة.

وفي أعقاب الهجمات، صوّت البرلمان الإيراني لصالح تعليق التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، الجهة الرقابية التابعة للأمم المتحدة في الشأن النووي، وقد صادق الرئيس بزشكيان على القانون وأدخله حيّز التنفيذ. ومع ذلك، يسمح القانون بمواصلة التعاون في ظل شرطين: احترام السيادة الوطنية ووحدة الأراضي الإيرانية، وضمان حق إيران في تخصيب اليورانيوم. وقد كُلِّف المجلس الأعلى للأمن القومي بمسؤولية تقييم ما إذا كانت هذه الشروط قد تحققت.

ويرى محللون، من بينهم شفيعيان، أن هذا القانون لا يُشكّل عائقاً جدّياً أمام التوصل إلى تسوية مستقبلية. فيما قال نجفي إن تصويت البرلمان كان “الحد الأدنى من الرد” على قصف المنشآت النووية الإيرانية، وأنه أقل حدة بكثير من خيارات أخرى كانت مطروحة، كخروج إيران من معاهدة عدم الانتشار النووي.

وبحسب نجفي، فإن إقرار القانون بعث برسالتين: أن إيران منفتحة على الدبلوماسية ولا تسعى إلى تصعيد التوتر، لكنها في الوقت ذاته مستعدة لاتخاذ خطوات إضافية إذا ما صعّدت الولايات المتحدة ضغوطها.
وختم بالقول: “إيران لم تُغلق باب الدبلوماسية”.


التعليقات