استرعى انتباه كثيرين داخل اليمن وفي المنطقة "التغيير" الذي أعلنه الرئيس اليمني، عبدربه منصور هادي، في قمة هرم الرئاسة وتخلى بموجبه عن سلطاته لمجلس رئاسي لإدارة البلاد.
ليس ذلك بسبب توقيت هذا التحول الذي كان متوقعاً، ولكن بسبب تشكيلة هذا المجلس بعد أن راجت شائعات بأن مداولات تجري لتعيين نائبين أو ثلاثة لهادي بينما سيظل في منصبه الذي تمسك به لنحو أحد عشر عاماً شهد عهده خلالها كثيرا من الإخفاقات السياسية والعسكرية، والانتقادات لتواضع أدائه وسوء إدارته.
أبرز المآخذ على قرار هادي جاء من قبل خبير القانون الدولي والدستوري، د. محمد على السقاف، الذي إعتبر أن "الاعلان الرئاسي الصادر بتاريخ 7 ابريل 2022 لاعلاقة له بالدستور اليمني الذي لم يخول لرئيس الجمهورية أي صلاحيات للتنازل عن سلطاته لأي طرف آخر إلا بموجب ما هو منصوص عليه في الدستور.
وبينما تحتدم النقاشات حول مقدمات وطبيعة ما جرى، يعتبر الكاتب والباحث السياسي، ياسين التميمي، أن "أفضل ما في هذا التغيير الذي يحمل بصمات الانقلاب أنه أعاد منصب رئيس الجمهورية إلى واجهة الأحداث بعد ان اختفى أحد عشر عاماً، وأنه نص على توحيد القوات والتشكيلات المسلحة ووضعها تحت قيادة موحدة وعقيدة عسكرية واحدة".
لكن التميمي يرى في الوقت نفسه أن هذا التغيير "عطل الدستور الدائم للجمهورية اليمنية تقريباً".
•الدور السعودي
كان من اللافت أنه بُعيد وقت قصير من إعلان هادي قراراته، استقبل ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، رئيس وأعضاء المجلس الرئاسي بحفاوة بالغة، وحرص على معانقتهم جميعاً بدون (كمامات) رغم المخاوف القائمة من فيروس كورونا.
كذلك فإن الهبة السعودية الإماراتية المقدرة بثلاثة مليارات دولار تؤكد في نظر كثير من المحللين أن الرياض وأبوظبي كانتا وراء تشكيل هذا المجلس أكثر من مئات الساسة اليمنيين الذين كانوا يجتمعون للتشاور في العاصمة السعودية، وأن تلك الهبة كما يقول الباحث السياسي، عبدالناصر المودع، لبي بي سي "ليست سوى محاولة لتسويق هذا المجلس، والإيحاء بأنه هو من بتلك الأموال سينقذ الاقتصاد اليمني ويخفف معاناة المواطنين التي تكاد تصل حد المجاعة".
•موقف الحوثيين
وبالنظر إلى إعلان هادي انيط بالمجلس الرئاسي الجديد مهمة التفاوض مع حركة أنصار الله الحوثية فإن محمد عبدالسلام كبير مفاوضي الحركة علق في تغريدة له على حسابه بموقع تويتر على هذه التطورات بقوله:" هذه الإجراءات التي عملها تحالف العدوان لا علاقة لها باليمن، ولا بمصالحة ولا تمت للسلام بأي صلة، وإنما تدفع نحو التصعيد من خلال إعادة تجميع ميليشيا متناثرة متصارعة في إطار واحد يخدم مصالح الخارج ودول العدوان".
لابد أن تحديات كبيرة ستكون ماثلة أمام المجلس الرئاسي الجديد سياسياً وعسكرياً وعلى رأسها كيفية تعامله مع حركة أنصار الله الحوثية التي تتمسك بمطالب وشروط يراها البعض عائقاً أمام أي مفوضات سلام مقبله كما أن من المتوقع أنه سيكون لدى المجلس من جانبه شروطا لن تقبلها الحركة وبالتالي فإن أي مفاوضات سلام لابد أن تكون شاقة وطويلة ومعقدة وغير مضمونة النتائج.