تحليل: الحوثيون يجمّدون هجماتهم على إسرائيل… مؤشرات على تغيير استراتيجي في صنعاء 
يمن فيوتشر - The Arab Weekly- ترجمة خاصة الجمعة, 14 نوفمبر, 2025 - 11:50 صباحاً
تحليل: الحوثيون يجمّدون هجماتهم على إسرائيل… مؤشرات على تغيير استراتيجي في صنعاء 

أبلغت جماعة الحوثي في اليمن، التي تسيطر على العاصمة صنعاء ومناطق شاسعة من البلاد، كتائب القسام – الجناح العسكري لحركة حماس الفلسطينية – بأنها ستوقف هجماتها ضد إسرائيل وضد السفن في البحر الأحمر.

وبرّرت الجماعة هذه الخطوة بالهدنة الهشّة السارية في قطاع غزة. غير أن مراقبين يمنيين اعتبروا الرسالة بمثابة إعلان غير مباشر عن انسحابٍ هادئ من مواجهةٍ خاضتها الجماعة تحت شعار “الجهاد” تضامناً مع غزة وسكانها، موضحين أن هذا التحول يعكس تفاقم الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي تعصف بالمناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، بما يقوّض قدرتهم على الحكم وتقديم الخدمات الأساسية وتلبية احتياجات المواطنين.

وأضاف محللون أن هذا القرار يبدو أيضاً محاولة استباقية لتفادي تصعيدٍ إسرائيلي محتمل ضد الحوثيين، على غرار الحملة التي شنّتها إسرائيل مجدداً في لبنان، حيث استأنفت هجماتها الأحادية على حزب الله وكثّفت قصفها لما تعتبره أصولاً ومواقع تابعة للجماعة بعد اختتام عملياتها العسكرية في غزة.

وقد تعامل الحوثيون بجدّية مع التهديدات الإسرائيلية، إذ سبق أن تعرّضوا لغاراتٍ جوية مميتة أسفرت عن مقتل شخصيات بارزة، من بينهم رئيس وزرائهم أحمد الرهوي، ورئيس أركانهم محمد عبدالكريم الغماري.

كما تسببت الضربات الإسرائيلية في دمارٍ واسع لمنشآت حيوية وبنى تحتية مدنية واقعة تحت سيطرة الحوثيين، بما في ذلك مطار صنعاء الدولي وميناء الحديدة على البحر الأحمر، وهما مركزان أساسيان للحكم والتجارة.

وتلوح في الأفق أيضاً أوضاع إيران وراء رسالة الحوثيين الداعية إلى التهدئة، إذ تواجه طهران – الداعم الرئيسي للجماعة – ضغوطاً دولية متزايدة وعقوبات واضطرابات داخلية، وهي ظروف يُرجّح أنها حدّت من قدرتها على مواصلة تسليح الحوثيين ودعمهم كما في السابق. كما أصبحت طرق تهريب الأسلحة تخضع لرقابة غير مسبوقة من جانب الولايات المتحدة وحلفائها، ما دفع إلى تشديد العقوبات وتعزيز مراقبة الشبكات الإيرانية.

وفي ظل هذه المعطيات، يخشى الحوثيون أن يُترَكوا لمواجهة أزمتهم المتفاقمة بمفردهم، وأن يتعرّضوا لردّ إسرائيلي محتمل، ولا سيما إذا ما استُهدفت إسرائيل مجدداً بطائراتٍ مُسيّرة أو صواريخ باليستية حوثية كما حدث خلال العامين الماضيين.

وقد مثّلت الرسالة التي أُعلن عنها يوم الاثنين أوضح إشارة حتى الآن إلى أن الحوثيين أوقفوا هجماتهم على الأهداف الإسرائيلية وخطوط الملاحة في البحر الأحمر.

وجاء في نصها أن الجماعة “تتابع التطورات عن كثب” وستقوم “باستئناف عملياتها في عمق الأراضي الإسرائيلية” إذا جدّدت إسرائيل عدوانها على غزة، مضيفةً أنها قد تعيد فرض الحصار على السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر وبحر العرب.

وفيما يبدو أنه تحرّك يثير الحرج داخل صفوفهم، تجنّب الحوثيون إصدار إعلانٍ رسمي بشأن القرار، مكتفين بأن تتحدث الرسالة عن نفسها، دون أن يصدر حتى الآن أي بيان رسمي يؤكد تعليق الحملة الإقليمية للجماعة.

وقد حظي الحوثيون باهتمامٍ عالمي واسع خلال حرب إسرائيل وحماس، من خلال هجماتهم على السفن والضربات المباشرة ضد إسرائيل، بزعم أن هدفهم كان الضغط على إسرائيل لوقف عملياتها العسكرية.

إلا أنه منذ وقف إطلاق النار في 10 أكتوبر/ تشرين الأول، لم تعلن الجماعة مسؤوليتها عن أي هجمات جديدة. وكانت الهجمات الحوثية السابقة على السفن قد أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن تسعة بحّارة، وإغراق أربع سفن، وتعطيل حركة التجارة العالمية عبر البحر الأحمر، وهو ممر كانت تمرّ عبره سنوياً سلع تُقدّر قيمتها بنحو تريليون دولار قبل اندلاع الصراع.

أما آخر هجوم معروف، فقد استهدف سفينة الشحن “مينيرفاغراخت” التي ترفع العلم الهولندي في 29 سبتمبر/ أيلول، وأسفر عن مقتل أحد أفراد الطاقم وإصابة آخر.

وفي الوقت الذي يسعى فيه الحوثيون إلى تخفيف التوتر مع إسرائيل، حوّلوا خطابهم باتجاه المملكة العربية السعودية، متّهمين إياها بالتجسس، واعتقلوا عشرات الموظفين العاملين في وكالاتٍ تابعة للأمم المتحدة ومنظمات إغاثية أخرى، بزعمٍ – من دون أي أدلة – أنهم جواسيس. وقد رفضت الأمم المتحدة وهيئات دولية أخرى هذه الاتهامات بشدّة.

كما أدّت سياسات الجماعة وتشابكاتها الخارجية إلى تدهورٍ إضافي في الأوضاع المعيشية داخل مناطق سيطرتها، حيث يعاني السكان من أوضاع قاسية في ظل انهيار الخدمات العامة، والنقص المزمن في السلع الأساسية، وارتفاع الأسعار، وانتشار الفقر والبطالة على نطاق واسع.

وتشير تقارير دولية وأممية إلى أن سلاسل الإمداد عبر موانئ البحر الأحمر اليمنية، وخاصة ميناء الحديدة، تعرّضت لاضطرابات شديدة نتيجة الغارات الجوية الإسرائيلية المتكررة وتشديد إجراءات التفتيش والرقابة على السفن، ما أدى إلى تأخير وصول السفن التجارية وتقليص واردات الغذاء. 

كما أدّت مواجهات الحوثيين مع الأمم المتحدة والمنظمات الإغاثية الدولية إلى فقدان مساعداتٍ حيوية ومنقذة للحياة كانت تُقدَّم في السابق للسكان الخاضعين لسيطرتهم.

وبسبب تزايد انعدام الأمن بالنسبة للعاملين في المجال الإنساني داخل مناطق الحوثيين، قامت منظمة الصحة العالمية ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) مؤخراً بتعليق دعمها الصحي لنحو ثلثي تلك المناطق، في قرارٍ سيؤدي إلى إغلاق أكثر من 2000 وحدة صحية و72 مستشفى.

ووفقاً لبيانٍ صادر عن الحوثيين أنفسهم، توقفت إمدادات الوقود والأوكسجين والأدوية والمستلزمات الطبية عن الوصول إلى المرافق الصحية، كما توقفت برامج التغذية العلاجية التي كانت تُقدَّم لمئات الآلاف من النساء والأطفال، إلى جانب تعليق جهود مكافحة الأوبئة.

لقراءة المادة من موقعها الاصلي:

https://thearabweekly.com/under-strain-yemens-houthis-quietly-step-back-fight-israel


التعليقات