«العلاقات العلنية مع أرض الصومال تتيح لسلاح الجو مزيدًا من الخيارات العملياتية. وبصورة لا لبس فيها، يُعدّ هذا التحرك ذا أهمية كبيرة لما يُعرف بالذراع الطويلة لإسرائيل»، يقول مصدر عسكري تعليقًا على خطوة إسرائيل للاعتراف بأرض الصومال.
وفي إسرائيل، قال مسؤولون صباح اليوم (الأحد) إن نموذج العلاقات مع أرض الصومال سيكون مماثلًا لنمط العلاقات التي تقيمها إسرائيل منذ سنوات مع تشاد. وعلى مدى عدة أعوام، قاد جهاز الموساد منظومة الاتصالات مع أرض الصومال، فيما أصبح رئيس الموساد (دادي برنيع) خلال السنوات الأخيرة أحد أقرب الشخصيات إلى رئيس الدولة الإفريقية (عبد الرحمن محمد عبد الله).
ويضيف مصدر إسرائيلي: «دادي برنيع أقام معه علاقات شخصية عميقة، تقوم على ثقة مهنية وشخصية متبادلة، وهو ما أتاح قيام أكثر أشكال التعاون العسكري والسياسي متانة بين البلدين».
وتُعدّ أرض الصومال دولة فتية، يبلغ عمرها نحو 30 عامًا، وقد انفصلت عن الصومال. ورغم حداثة نشأتها، فإنها — بحسب توصيف المصدر — «أكثر تطورًا بآلاف المرات مقارنة بالصومال والدول المجاورة. فهي دولة تقع في القرن الإفريقي، على أحد أهم مسارات الملاحة التجارية في العالم. وقد أحسنوا استثمار موقعهم الجغرافي على نحو مكّنهم من تطوير الاقتصاد المحلي»، بحسب مصدر مطّلع جيدًا على أوضاع الدولة والقارة الإفريقية.
«هناك عدد من الدول الساحلية المطلة على البحر الأحمر، من بينها إريتريا والصومال وجيبوتي وغيرها، حيث عززت القوى الكبرى — وفي مقدمتها الولايات المتحدة والصين — حضورها، وأقامت قواعد بحرية وجوية باعتبارها نقاطًا استراتيجية في إطار الصراع بين واشنطن وبكين. وتبلغ ذروة هذا التنافس حاليًا في جيبوتي، حيث أُقيمت قاعدتان عملاقتان، إحداهما أمريكية والأخرى صينية. ووفق ما يُنشر في إفريقيا، فإن لإسرائيل أشكالًا مختلفة من العلاقات مع القواعد الأمريكية المنتشرة على طول دول الساحل، بما يتيح لها العمل انطلاقًا منها»، بحسب ما قاله المصدر.
ووفقًا للمصدر الإسرائيلي، فإن رئيس جهاز الموساد، دادي برنيع، عمل خلال السنوات الأخيرة على إنشاء بنى تحتية في أرض الصومال تتيح تطوير علاقات أمنية بين الجانبين. وتمتلك أرض الصومال أصولًا استراتيجية قابلة للاستخدام، من بينها الميناء البحري والمطار، الذي يضم أحد أطول مدارج الإقلاع والهبوط في إفريقيا.
أما الخطوة التي كُشف عنها في نهاية الأسبوع، فتهدف بالدرجة الأولى إلى توجيه رسالة إلى تركيا مفادها أن إسرائيل لا تقف مكتوفة الأيدي إزاء محاولات أنقرة التحول إلى قوة عالمية، عبر ترسيخ نفوذها في الشرق الأوسط وإفريقيا، بل وحتى في شرق آسيا. فقد أقامت تركيا قاعدة متقدمة في الصومال، وتدعم الحكومة المحلية هناك، في حين أن أرض الصومال كانت قد انفصلت عنها منذ تسعينيات القرن الماضي، ومنذ ذلك الحين حققت تطورًا اقتصاديًا واستقرارًا على مستوى الحكم.
وقبل نحو عامين، وخلال حرب «السيوف الحديدية»، اضطرت إسرائيل إلى مواجهة تهديد جديد لم يكن يحظى بأولوية في رقابة وتقديرات أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية. فقد تحوّل الحوثيون في اليمن، بوصفهم وكيلاً بعيد المدى لإيران، إلى عامل إزعاج خطير للجبهة الداخلية الإسرائيلية.
وبُعدهم الجغرافي — إذ يبعدون قرابة ألفي كيلومتر عن مدينة إيلات — صعّب على إسرائيل إدارة قتال متواصل ومكثف ضد الحوثيين. وإلى جانب ذلك، أسهم نقص المعلومات الاستخبارية وغياب «أهداف جاهزة» في تعقيد الخطط العسكرية لمواجهتهم. وفي هذا السياق، انطلقت عملية سلاح الجو المسماة «اليد الطويلة» في 20 تموز/يوليو 2024، ردًا على هجوم بطائرة مُسيّرة أصابت وسط تل أبيب، وأسفر عن مقتل مواطن إسرائيلي وإصابة آخرين.
وعندما صادق قائد سلاح الجو، اللواء (تومر بار)، على تنفيذ العملية، قرر أن تُزوَّد جميع الطائرات المشاركة بالوقود جوًا، على نحو يضمن في أي مرحلة — عند الحاجة — امتلاكها كمية كافية من الوقود للعودة إلى قاعدة رامون. ويُقدَّر اليوم أن إقامة صلة مع دولة مجاورة لليمن من شأنها تسهيل التخطيط العملياتي للضربات، بما في ذلك العمليات التي تُنفَّذ في عمق الأراضي اليمنية.
وفي المؤسسة الأمنية، يرفض المسؤولون الكشف عن حجم العلاقات العسكرية بين الدول المعنية. ويؤكد سلاح الجو أن الضربات في اليمن نُفِّذت بواسطة طائرات مقاتلة، ولم يُستخدم سلاح الطائرات المُسيّرة إلا في حالة واحدة فقط. ويقول مصدر عسكري: «في جميع الحالات، أقلعت الطائرات من إسرائيل وعادت للهبوط فيها».
وبعد النشاط العسكري في إيران، كشفت صحيفة معاريف أن سلاح الجو نفّذ ضربات داخل إيران باستخدام طائرات مُسيّرة، كما امتلك قدرات ميدانية لمعالجة الطيارين في حال اضطرارهم إلى القفز الاضطراري.