مع تصاعد التوترات داخل صفوف قيادة المتمردين الحوثيين في اليمن، أطلقت القوات البحرية الملكية السعودية (الأسطول الغربي) تمرين “الموجة الحمراء 8”.
ومن خلال الأعلام التي رُفعت في حفل الافتتاح بمدينة جدة، يتضح أن كلاً من جيبوتي والأردن وباكستان والسودان والحكومة اليمنية المعترف بها دولياً (IRG) من بين الدول المشاركة في هذا التمرين.
ويتركّز الجانب العملي للتدريبات على مكافحة القرصنة والتصدي للتهديد الحوثي، سواء في البحر الأحمر أو المناطق الحدودية.
ويُجرى هذا التمرين في وقتٍ تتزايد فيه حالة القلق داخل القيادة الحوثية، وربما يشكّل ردّاً مباشراً على تلك التوترات المتصاعدة، لما تحمله من مخاطر تحوّلها إلى مواجهات أو تصعيد عسكري جديد.
ويكمن خطر التصعيد في اليمن ذاته، حيث تراجعت حدة الاشتباكات بين الحكومة المعترف بها دولياً والحوثيين منذ اتفاق وقف إطلاق النار الذي رعته الأمم المتحدة في أبريل/ نيسان 2022، وكذلك في مياه البحر الأحمر وخليج عدن، حيث تضاءلت الهجمات الحوثية على السفن منذ اتفاق وقف إطلاق النار الثنائي بين الولايات المتحدة والحوثيين في مايو/ أيار 2025.
ومع ذلك، لا يزال الحوثيون يحتفظون بقدراتٍ كبيرة في استهداف السفن عبر زوارق هجومية صغيرة وطائرات مُسيّرة وصواريخ، ما يعني أن أيّ تجددٍ للأعمال العدائية سيُشكّل تهديداً إضافياً للملاحة البحرية في البحر الأحمر وخليج عدن.
وقد أدّت الضربات الجوية الإسرائيلية والأمريكية بلا شك إلى إضعاف القدرات الحوثية في استهداف السفن.
ومع ذلك، من الواضح أن الحوثيين ما زالوا يحتفظون بقدرةٍ على شنّ هجمات، كما فعلوا خلال الأشهر الأخيرة، سواء ضد السفن التجارية أو أهدافٍ داخل إسرائيل.
لكن العامل الذي يبدو أنه أثّر بصورةٍ أعمق في فاعلية العمليات الحوثية هو الاستهداف الانتقائي لأعضاء بارزين في القيادة الحوثية. فقد تعرّض مجلس وزراء الحوثيين لتدميرٍ شبه كامل في غارةٍ استهدفت اجتماعهم في 28 أغسطس/ آب، وكان من بين القتلى رئيس الوزراء (أحمد الرهوي).
إلا أن الضربة التي هزّت القيادة الحوثية فعلياً كانت مقتل رئيس أركان القوات المسلحة، اللواء (محمد الغماري)، أحد أبرز القادة المقرّبين من زعيم الجماعة.
كما تبيّن لاحقاً – بعد أن كانت تقارير @BashaReport قد لمّحت إلى ذلك قبل أسابيع – أن وزير الداخلية (عبدالكريم الحوثي)، وهو عمّ زعيم الجماعة (عبدالملك الحوثي) وأحد عناصر الدائرة الضيّقة، كان على أجهزة دعمٍ حياتي منذ تعرّضه لهجومٍ جوي في منطقة الجراف بتاريخ 15 مارس/ آذار.
ويُعتبر عبدالكريم الحوثي شخصيةً محورية في جهاز الأمن الداخلي للجماعة، وبسبب الادعاءات حول نسبٍ ديني مباشر، يؤمن بعض اليمنيين بخرافاتٍ تزعم أن مثل هذه الشخصيات الحوثية تتمتع بحمايةٍ سماوية من الموت.
والخسائر التي طالت شخصياتٍ مقرّبة من القيادة الحوثية أدّت إلى تراجع المعنويات داخل الصفوف العليا للجماعة وأشعلت موجةً من اللوم المتبادل والانقسامات الداخلية.
فقد برزت إلى العلن خلافاتٌ سياسية داخل التحالف الحوثي، وجرى اعتقال المنتقدين. كما تم اعتقال موظفين محليين ودوليين يعملون في وكالات الإغاثة، ووجّهت إلى 21 متهماً – في اتهاماتٍ وُصفت بأنها غير منطقية – تهمٌ بالتجسس وتزويد خصوم الحوثيين بمعلوماتٍ استهدافية.
واتّهم المتشدد الحوثي (محمد البخيتي) المملكةَ العربية السعودية بأنها تغذّي الانقسامات الداخلية وتنكّرت لبنود اتفاق وقف إطلاق النار. وفي الوقت ذاته، نُقلت وحداتٌ من القوات الحوثية إلى المناطق الحدودية مع السعودية.
ولتعزيز الولاء الداخلي، جرى توسيع نطاق الشعار المعروف «الموت لإسرائيل، الموت لأمريكا» ليصبح أكثر شمولاً وتحريضاً، إذ أُضيفت إليه الإشارة إلى «تحالفٍ من 17 دولة معادٍ للحوثيين»، وهو تحالفٌ خيالي بالكامل لا وجود له في الواقع.
وإذا فشلت الأمم المتحدة وسلطنة عُمان في تهدئة الموقف، مثلاً عبر العمل على إعادة فتح الرحلات الجوية الدولية عبر مطار صنعاء، فمن المرجّح أن يلجأ الحوثيون إلى خطوةٍ تصعيديةٍ معتادة سبق أن استخدموها، وهي تكثيف الهجمات على السفن التجارية، وهو خيارٌ لا يزالون يمتلكون القدرة العسكرية على تنفيذه.
لقراءة المادة من موقعها الاصلى عبر الرابط التالي: