تحليل: اندفاع نتنياهو يهدد إرثه السياسي واتفاقات أبراهام
يمن فيوتشر - Ynet News- ترجمة خاصة: الإثنين, 15 سبتمبر, 2025 - 04:48 مساءً
تحليل: اندفاع نتنياهو يهدد إرثه السياسي واتفاقات أبراهام

قبل خمس سنوات، حقق (بنيامين نتنياهو) أبرز اختراق دبلوماسي في مسيرته: توقيع اتفاقيات سلام مع الإمارات العربية المتحدة والبحرين. فقد تمكن بصفته رئيساً للوزراء من كسر القاعدة التي طالما اعتُبرت راسخة، وهي أن إحراز تقدم في المسار الفلسطيني يشكّل الشرط الوحيد للتطبيع مع العالم العربي.

ويُظهر ما أورده الصحفي (باراك رافيد) في كتابه حول “اتفاقات أبراهام” أن الإعداد لهذه الاتفاقيات كان محدوداً، خصوصاً من الجانب الإسرائيلي. ففي تلك الفترة، كان نتنياهو يدفع نحو ضم أجزاء من الضفة الغربية، بينما طرحت إدارة ترامب ما عُرف بـ “صفقة القرن”، القائمة على صيغة “دولتين لشعبين”. أما الإمارات، فقد كانت تسعى إلى تعزيز موقعها في واشنطن، والحصول على ضمانات أمنية، ووقف أي خطوة لا رجعة فيها ضد الفلسطينيين.

انطلقت الشرارة من مقال رأي في صحيفة يديعوت أحرونوت كتبه السفير الإماراتي في واشنطن موجهاً رسالته مباشرة إلى الرأي العام الإسرائيلي وحكومته: على إسرائيل أن تختار بين الضم والتطبيع. فتخلى نتنياهو عن خيار الضم، واختار مسار السلام. ومنذ ذلك الحين، شهدت التجارة بين إسرائيل ودول الخليج نمواً مطرداً، واستمرت الرحلات الجوية المباشرة حتى في أوقات الحرب، في حين سُجل عهد حكومة بينيت–لابيد كمرحلة ذهبية بعد إرسال مساعدات أمنية إلى الإمارات إثر هجوم الحوثيين عام 2022.

لكن تلك الحقبة تبدو بعيدة الآن. فالضربة الإسرائيلية في قطر غذّت الشكوك والعداء تجاه إسرائيل وأحرجت دول الخليج الموقعة على الاتفاقيات. ومن أبوظبي إلى واشنطن، لم يفهم أحد كيف خدم هذا الهجوم هدف القبول بمقترحات ترامب الأخيرة بشأن صفقة تبادل الأسرى وإنهاء الحرب. كما تجاوز نتنياهو المؤسسة الأمنية والعسكرية التي عارضت توقيت العملية، وأقر قراراً استراتيجياً من دون العودة إلى المجلس الوزاري المصغر.

 

•ما الذي يحدث؟

بعد 7 أكتوبر/ تشرين الأول، وجدت إسرائيل نفسها بلا رادع أمام حماس في غزة، أو حزب الله في لبنان، أو الحوثيين في اليمن، أو إيران. هذه الأطراف هاجمت إسرائيل بمبادرة ذاتية ومباغتة. فردّت إسرائيل بمحاولة إعادة بناء ما سماه زئيف جابوتينسكي “الجدار الحديدي”، مؤكدة أنها لن تزول، وأن مخططات تدميرها لن تنجح.

لكن بدلاً من الاكتفاء باستعادة الردع، انتقلت إسرائيل إلى مرحلة مفرطة من العدوانية بلا حدود أو تخطيط. فقصف اجتماع قادة حماس في قطر، في وقت كانت فيه الدوحة وسيطاً مقبولاً، بدا قراراً غير منطقي ما لم يكن جزءاً من خطة لاحقة، وهو ما لم يحصل. مثال آخر على هذا النهج العشوائي، تغريدات وزير الدفاع (كاتز) المصحوبة بمشاهد دمار غزة.

هذا السلوك يعكس مأزقاً خطيراً: أن تكون “الطرف الذي لا يُستفز” شيء، وأن تبدو متهوراً بحيث يدفع الآخرين إلى الاتحاد ضدك شيء آخر. وهكذا تضيع فرص حقيقية كان يفتحها الجهاز الأمني، بينما تفضّل القيادة السياسية اللجوء إلى القوة العسكرية كخيار وحيد، مع أنها مجرد عنصر واحد من عناصر القوة الوطنية.

اليوم يقف الإرث الدبلوماسي لنتنياهو، الذي يمثل إنجازه الأبرز، على حافة الانهيار. فقد أخطأت إسرائيل في تقدير توقيت الضربة في قطر، ما منح الدوحة –التي تموّل الإرهاب باستمرار– فرصة لتقديم نفسها كضحية.

وفي الوقت نفسه، تستعد قوات الدفاع الإسرائيلية لشن عملية برية في غزة رغم معارضة كبار القادة العسكريين، بينما تحاول حماس استخدام الرهائن كدروع بشرية.

 

•إلى أين؟

الواقع يفرض الحاجة إلى اختراق سياسي. فحماس لا تريد أن تحتل إسرائيل غزة، وإسرائيل لا ترغب في احتلالها. أي تصور بأن هذا السبيل كفيل بهزيمة حماس يتجاهل الحقائق: إسرائيل تسمح بإخلاءات غير مراقبة من غزة، وحماس تستطيع المغادرة إن شاءت. وإذا استمر الوضع، ستتكرر الدورة: غزة، ثم المخيمات، ثم العودة مجدداً.

لهذا تطرح إدارة ترامب طريقاً آخر: صفقة لإنهاء الحرب، على مرحلة أو اثنتين، تُعيد الرهائن وتترك غزة بلا حكم حماس. قبل أن يفوت الأوان، حان الوقت لإنهاء مسيرة الطيش والدم.


التعليقات