اليمن: ارواح مفقودة بكورونا..و قيود من صنع البشر
يمن فيوتشر - إسماعيل الاغبري: السبت, 17 يوليو, 2021 - 01:11 صباحاً
اليمن: ارواح مفقودة بكورونا..و قيود من صنع البشر

[ أطباء بلا حدود ]

بين وضع صحي متدن وواقع معيشي مثقل بالأزمات يموت المئات من اليمنين جراء طائفة واسعة من الأوبئة والأمراض، آخرها فيروس كورونا المستجد، الذي كان الأشد فتكا بين سكان البلد المحترب منذ نحو سبع سنوات.
وتعرض عديد المصابين بكورونا إلى الحرمان من حقهم في الحصول على رعاية طبية، بفعل النظام الصحي المتهالك اصلا، و رفض المستشفيات الخاصة استقبال المصابين بالوباء.
في الموجة الجديدة من الجائحة لفظت صفية محمد (70 عاما)، أنفاسها الأخيرة، بعيدا عن الرعاية الطبية، بعدما رفضت 6 مستشفيات استقبالها في مدينة القاعدة محافظة إب وسط اليمن. وصفية هي واحدة فقط من الاف اليمنيين الاخرين الذين اجبروا على مواجهة المرض بين جدران منازلهم.
يقول نجلها محمد الحاج، ان المرافق الصحية في المدينة الثانوية، كانت تعتذر عن استقبال حالات كورونا، لكنه استمر في التنقل بين مشافى المدينة حتى فارقت امه الحياة.
يتابع:"سافرت إلى مدينة تعز المجاورة للحصول على أسطوانة أكسجين لإنقاذ أمي، حيث لا تتوفر مشافي أو مراكز عزل هنا لاستقبال حالات كورونا".
اضاف بصوت شاحب: بعد مضي أسبوعين نقلت أمي إلى إب، لكنها لم تستطع مقاومة المرض"، وبذات الطريقة يقول نجل صفية، توفي ابن جاره البالغ 25 عاما.
وتشير الاحصائيات الأممية، الى ان 45 بالمائة فقط من المرافق الصحية اليمنية لا تعمل سوى بنصف طاقتها الاستيعابية؛ مع شحة المستلزمات الطبية وتضرر نحو 275 مرفقًا جراء النزاع، ما حرم حوالي 16.4 مليون شخص من خدمات الرعاية الصحية الأساسية.
ًوحصد فيروس كورونا حتى الان في مناطق نفوذ الحكومة المعترف بها، نحو 1366 شخصا، في حين تماثلت للشفاء4151 حالة من بين 6964 حالة اصيبت  خلال موجتين، غير ان الحصيلة الحقيقية هي اعلى من ذلك بكثير.  
اما في مناطق سيطرة الحوثيين الكثيفة السكان، تستمر السلطات الصحية هناك بنهج "مناعة القطيع" غير المعلن، مع عدم مشاركة اي معلومات بشأن مستجدات الوباء الفتاك، او اجراءات وقائية منه خلال الموجة الثانية المستمرة منذ بداية العام الجاري.

شحة الأكسجين
عادل 55 عاما من أبناء مدينة الحديدة على البحر الاحمر، أصيب بفيروس كورونا، وخوفا من الحجر الصحي وتدني الخدمات الطبية في مستشفيات المدينة عادت به زوجته إلى المنزل، الا انها لم  تجد أطباء لمتابعة حالته. 
تدهورت حالة عادل الصحية يوما بعد يوم(...)قرر أقرباؤه نقله إلى صنعاء بعد أن رفضت مستشفيات المدينة استقباله لتزداد حالته الصحية تدهورا،  وصعب عليهم انعاشه بتوفير اسطوانة أكسجين من مستشفيات المدينة، فتوفي مخنوقا بأزمة التنفس.

مزاد لسرير واحد 
مثل عادل، فضل أحمد الاستشفاء في المنزل، لكن هذه المرة هروبا من التكاليف الباهظة. فقد طلب منه مليوني ريال مقابل الحصول على سرير عزل عندما أسعف ذات ليلة إلى أقرب مستشفى في العاصمة صنعاء.
يقول أحمد: "بعد أن تدهورت حالتي الصحية نقلني الأقارب إلى مستشفى خاص وفي الطوارئ ازدحمت حالات الاشتباه بكوفيد 19، فكان الامر أشبه بمزاد على سرير واحد، يتطلب الحصول عليه حوالى مليوني ريال".
"يعود السبب الرئيسي لعدم استقبال المستشفيات حالات كوفيد- 19، الى شحة الامكانات، اضافة الى المبالاة المحتملة، وربما التعمد احيانا في عدم استقبال المصابين"، وفق صادق السماوي من جمعية الصحة الإنجابية.
يقول السماوي، ان الالتهابات التنفسية، "تحتاج بشكل عام إلى عناية مركزة وأجهزة تنفس اصطناعي، وهي شحيحة، ومحدودة في المستشفيات اليمنية الحكومية والخاصة". 
اضاف: "السلطات الصحية الحكومية لديها حوالي 142 مستشفى في جميع المحافظات اليمنية، رغم أن نصفها غير مؤهل لاستقبال هكذا حالات". 
وتابع: "لدينا 30 مليون مواطن وامراض متعددة بسبب الحرب والأوبئة المتفشية، فالمستشفيات مزدحمة سواء خاصة أو حكومية، و لا تملك دعما أساسيا من وزارة الصحة بل تعتمد على المنظمات الدولية أو الدعم الشعبي".

الحق في العلاج
ينفي نجيب القباطي المتحدث باسم وزارة الصحة في حكومة الحوثيين بصنعاء، أن تكون الوزارة قد عممت عدم استقبال حالات الاشتباه بكوفيد 19 ويقول: "خصصتْ مستشفيات لاستقبال حالات الالتهابات وضيق التنفس الا ان رفض استقبال المرضى، قد يكون بسبب الازدحام، لكن في كل الأحوال للمواطن الحق في العلاج سواء من التهابات تنفسية أو كوفيد 19، أو غيرها".
اضاف: "كورونا عصف بدول من العالم الأول فكيف الحال بدولة مثل اليمن.. دولة شبه هشة وتعاني أسوء أزمة إنسانية في العالم وما يقارب 80 بالمائة من المواطنين بحاجة إلى خدمات الرعاية الصحية".

*تم نشر هذا التقرير بدعم من JHR/JDH– صحفيون من أجل حقوق الإنسان و الشؤون العالمية في كندا.


التعليقات