تحليل: لماذا ينبغي على أوروبا أن تفعل المزيد لردع الحوثيين
يمن فيوتشر - ناشيونال إنترست- ترجمة خاصة: الإثنين, 14 أبريل, 2025 - 04:03 مساءً
تحليل: لماذا ينبغي على أوروبا أن تفعل المزيد لردع الحوثيين

لقد أتى "يوم التحرير" ورحل، حيث كشف الرئيس دونالد ترامب عن تعريفات جمركية واسعة ضد شركاء تجاريين حول العالم (ثم تراجع عنها لاحقاً). هذه الخطوة المثيرة والتي وُصفت بأنها "تحول تجاري جذري" أدخلت التجارة العالمية في حالة من الاضطراب، بعدما وعد الرئيس بأن هذه الخطوة ستمنح أمريكا "استقلالاً اقتصادياً" جديداً.

ورغم أن كثيرين سيركزون على الجوانب المالية لهذه السياسة التجارية المتبادلة، إلا أنه من المهم أيضاً الإشارة إلى التناقض الصارخ الذي تكشفه أجندة إدارة ترامب: لماذا تهدد الإدارة بتفجير التجارة العالمية في الداخل، بينما تقصف في الخارج دعماً لتلك التجارة نفسها؟
الرئيس مستمر في مطالبته للحوثيين بالتوقف عن مهاجمة التجارة الدولية وسفن البحرية الأمريكية في البحر الأحمر، كما يطالب إيران بوقف دعمها للجماعة المتمردة.
هذا الموقف يتكرر على لسان أعضاء حكومته، حيث أكد وزير الدفاع بيت هيغسث أن الحملة العسكرية ستستمر حتى يوافق الحوثيون على وقف هجماتهم.
وقد شدد بيان البيت الأبيض على أن هدف الإدارة هو حماية التجارة العالمية.
لكن على الرئيس ترامب أن ينظر في اتباع نهج بديل، إذ إن إدارته تقود حالياً استجابة عسكرية قد لا تكون مستدامة أو ناجحة في نهاية المطاف، من أجل قضية لا تتماشى مع أولوياته الأخرى.
ما يزال الرئيس ترامب ملتزماً بتصحيح ما يراه أخطاءً ليس فقط لسلفه، بل لسياسة الخارجية الأمريكية خلال معظم القرن العشرين والحادي والعشرين، بدءاً من التجارة والهجرة ووصولاً إلى قناة بنما وحلف الناتو. فهو يسعى لقلب السياسات التي كانت تعتبر في السابق من ثوابت السياسة الأمريكية.
لكن الضربات الجوية في اليمن تكشف حدود هذا النهج، لأنها تبقي الولايات المتحدة متورطة في صراعات الشرق الأوسط، بدلاً من مواصلة التراجع عنها كما يفعل في مناطق أخرى.
رغبة ترامب في فصل روسيا عن علاقتها المتنامية مع الصين وُصفت بأنها "كسينجر العكسي". ففي عام 1956، ضغط الرئيس دوايت أيزنهاور على القوى الأوروبية للانسحاب من أزمة السويس لتجنب صراع مع الاتحاد السوفيتي، ما أدى إلى تآكل ما تبقى من النفوذ البريطاني والفرنسي في المنطقة، وأدى إلى "عقيدة أيزنهاور"، التي هدفت إلى زيادة الوجود الأمريكي في الشرق الأوسط لمواجهة النفوذ السوفيتي. أما الآن، فإن "أيزنهاور العكسي" سيتطلب دعوة الأوروبيين للعودة—لكن هذه المرة ليتحملوا مسؤولية تأمين طرق التجارة التي يعتمدون عليها.
حتى الآن، كان رد فعل أوروبا على أزمة البحر الأحمر متواضعاً، رغم أنها تعتمد على هذا الممر البحري في الحصول على موارد حيوية، حيث يمر عبره 40% من تجارتها مع آسيا. وبالمثل، يجب أن تتحرك القوى العربية المحلية مثل مصر، التي تعتمد على قناة السويس للبقاء، قبل أن تستمر في خسارة التحويلات المالية الناتجة عن انخفاض حركة المرور.
ينبغي على أمريكا أن تواصل دعم حلفائها وشركائها، لكن دون أن تلعب الدور القيادي في المنطقة، لأن هذا الدور كان مكلفاً جداً للولايات المتحدة.
رغم أن أمريكا أنفقت نحو 4.86 مليار دولار في عملياتها في البحر الأحمر لحماية السفن التجارية والعسكرية من الهجمات، والرد على الحوثيين بضربات جوية، إلا أنها فشلت خلال إدارة الرئيس جو بايدن في "استعادة الردع". علاوة على ذلك، فإن هذه العمليات تستنزف الذخائر باهظة الثمن والمحدودة، والتي تُعتبر ضرورية في مناطق أكثر أهمية للمصالح الأمريكية، وعلى رأسها منطقة المحيطين الهندي والهادئ.
في الوقت الذي يستخدم فيه الحوثيون طائرات مسيرة وصواريخ رخيصة وفعالة، تخاطر الولايات المتحدة بخسارة طائرات "ريبر MQ-9" التي تكلف الواحدة منها 30 مليون دولار. وقد أثبت الحوثيون أنهم خصم شديد الصلابة أمام الحملات الجوية. وإذا لم تكن وزارة الدفاع في إدارة ترامب قد وجدت حلاً للتحديات التي أضعفت العمليات السابقة ضد الحوثيين—وهو أمر مشكوك فيه استناداً إلى شهادات مسؤولين دفاعيين مؤخراً—فقد تكرر الإدارة النتائج الفاشلة ذاتها.
وقد يؤدي ذلك إلى تآكل إضافي في مصداقية الولايات المتحدة إذا لم يتحقق الهدف المطلوب بسرعة. وحتى إن نجحت هذه الحملة مؤقتاً في إجبار الحوثيين على وقف هجماتهم ضد السفن الأمريكية، فقد لا يدوم ذلك. وإذا ظلت الجماعة قائمة، كما تشير بعض تصريحات إدارة ترامب، فلا يوجد ما يضمن عدم تجدد الهجمات بمجرد أن تستعيد الجماعة قدرتها أو ترى أن الولايات المتحدة منشغلة بقضية أخرى.
ما لم يتم شن ضربات مستمرة على مواقع الحوثيين أو تحقيق انفراجة دبلوماسية في الشرق الأوسط، فإن الضمان طويل الأمد لوقف هذه الهجمات سيتطلب إما حملة دائمة لاعتراض الأسلحة حول اليمن، أو القضاء الكامل على الحوثيين.
في النهاية، يجب أن تتحمل الدول التي تعتمد على التجارة عبر البحر الأحمر وقناة السويس العبء الأكبر في تأمين هذه الممرات، وعلى رأسها الدول الأوروبية ودول الشرق الأوسط. وكما أشار نائب الرئيس جي دي فانس في محادثة مسرّبة، فإن الولايات المتحدة قد حذرت حلفاءها الأوروبيين من الاعتماد المفرط على أمريكا في سياق حرب روسيا-أوكرانيا. ويجب أن يمتد هذا الموقف ليشمل مناطق أخرى، حيث ينبغي على الأوروبيين أن يكونوا أكثر فاعلية في حماية مصالحهم.
كما يبدو من غير المنطقي أن تقود أمريكا حملة عسكرية لتأمين طرق تجارية لصالح دول قد تدخل معها في حرب تجارية.
إن حملة ترامب ضد الحوثيين تتناقض مع أجندته الأشمل، وقد تعرقل محاولات الولايات المتحدة لتقليص انتشارها العسكري في منطقة أصبحت ذات أهمية متناقصة لها. إن تشجيع القوى المجاورة ذات المصالح الأكبر في البحر الأحمر وقناة السويس على أن تكون أكثر اعتماداً على نفسها، سيتماشى مع هدف ترامب في تصحيح أخطاء الإدارات السابقة.
ويجب أن يكون "يوم التحرير" القادم، هو اليوم الذي تتحرر فيه أمريكا من صراعات الشرق الأوسط.


التعليقات