الرئيس الأمريكي (دونالد ترامب) يقلل من شأن فضيحة متصاعدة يوم الثلاثاء بعد أن أُضيف صحفي عن طريق الخطأ إلى محادثة جماعية حول الضربات الجوية في اليمن، نافياً مشاركة أي معلومات سرية، ومدافعاً عن أحد كبار مساعديه بشأن هذا الخرق.
وقال ترامب إنه سيقوم "بالتحقق" من استخدام تطبيق Signal، بينما أظهر جبهة موحدة خلال اجتماعه مع مستشار الأمن القومي الأمريكي (مايك والتز)، الذي أدرج بالخطأ الصحفي (جيفري غولدبرغ) من مجلة The Atlantic في المحادثة التي جمعت كبار مسؤولي الأمن القومي.
ومع استشعار الديمقراطيين الفرصة لأول مرة منذ عودة الجمهوريين إلى السلطة في يناير/ كانون الثاني، صعّد ترامب موقفه بمهاجمة غولدبرغ ووصفه بـ"الدنيء"، مضيفاً أن "لا أحد يكترث" بالقصة التي تهز واشنطن.
وقال الصحفي غولدبرغ إن وزير الدفاع (بيت هيغسيث) أرسل في دردشة Signal معلومات تتعلق بالأهداف والأسلحة وتوقيت الضربات التي نُفذت في 15 مارس/ آذار. كما كشف غولدبرغ عن تعليقات شديدة الانتقاد من كبار المسؤولين الأمريكيين تجاه الحلفاء الأوروبيين.
وقال ترامب: "لم تكن هناك أي معلومات سرية"
كما قال للصحفيين، عند سؤاله عن المحادثة، إنه لم يتم تبادل أي معلومات سريّة، مشيراً إلى أن التطبيق التجاري Signal يُستخدم من قبل "الكثير من الأشخاص في الحكومة".
و من جهته، قال مستشار الأمن القومي مايك والتز إن الخبراء القانونيين والتقنيين الأمريكيين يحققون في الخرق، لكنه شدد على أنه "لم يلتقِ قط، ولا يعرف، ولم يتواصل أبداً" مع الصحفي جيفري غولدبرغ.
وفي وقتٍ لاحق، خلال مقابلة مع مقدمة البرامج في فوكس نيوز (لورا إنغراهام)، أعلن والتز تحمله "المسؤولية الكاملة" عن الخرق، قائلاً: "أنا من أنشأ المجموعة، ومن واجبي ضمان تنسيق كل شيء".
ورجّح والتز أن يكون التسريب ناتجاً عن خطأ غير مقصود، حيث حفظ رقم غولدبرغ تحت اسم شخص آخر. وقال موضحاً: "هل سبق لك أن كان لديك جهة اتصال يظهر اسمها بينما يكون الرقم لشخص آخر؟"
في المقابل، قال ترامب في مقابلة مع نيوزماكس في وقتٍ لاحق من يوم الثلاثاء، إن شخصاً يعمل "على مستوى أدنى" لدى والتز قد يكون هو من كان يمتلك رقم غولدبرغ، مما أدى بطريقة ما إلى إضافته إلى المحادثة.
جاءت هذه التصريحات ضمن جهود إدارة ترامب للرد بقوة على الفضيحة.
في غضون ذلك، واجهت مديرة الاستخبارات الوطنية الأمريكية (تولسي غابارد)، ومدير وكالة الاستخبارات المركزية (CIA) (جون راتكليف) -اللذان أُفيد بأنهما كانا ضمن المحادثة- جلسة استماع عاصفة أمام لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ بشأن هذا الخرق الأمني.
وقالت تولسي غابارد، مديرة الاستخبارات الوطنية الأمريكية، التي أثارت الجدل سابقاً بتصريحات وُصفت بأنها متعاطفة مع روسيا وسوريا، أمام اللجنة: "لم يتم تبادل أي مواد سرية".
و من جهته، أكد مدير وكالة الاستخبارات المركزية (CIA) جون راتكليف أنه كان ضمن المجموعة على تطبيق Signal، لكنه شدد على أن الاتصالات التي جرت كانت "قانونية تماماً ومسموح بها".
أما بيت هيغسيث، وزير الدفاع الأمريكي ومقدم البرامج السابق في فوكس نيوز، الذي لا يمتلك خبرة في إدارة مؤسسة بحجم البنتاغون، فقد صرح يوم الإثنين بأن "لا أحد كان يرسل خطط حرب عبر الرسائل النصية".
لكن الديمقراطيين في اللجنة طالبوا كلًّا من مايك والتز وبيت هيغسيث بتقديم استقالتيهما.
وانتقد السيناتور (مارك وارنر) ما وصفه بـ "السلوك الفوضوي، المهمل، وغير الكفؤ".
و في المقابل، شن مسؤولون آخرون في البيت الأبيض هجوماً مضاداً ضد الرواية الديمقراطية بشأن الفضيحة.
صرّح (ستيفن تشيونغ)، مدير الاتصالات في البيت الأبيض، عبر منصة X، واصفاً الجدل بأنه "حملة اضطهاد سياسي".
وقد استخدم ترامب مراراً هذا المصطلح نفسه للتقليل من شأن التحقيقات حول ما إذا كانت حملته الانتخابية لعام 2016 قد تواطأت مع موسكو.
وأثار التقرير الصادم الذي نشرته مجلة The Atlantic مخاوف بشأن استخدام تطبيق تجاري بدلاً من قنوات الاتصال الحكومية الآمنة، وكذلك بشأن احتمال تمكن خصوم الولايات المتحدة من اختراق المحادثات.
ذكرت CBS News أن ستيف ويتكوف، المبعوث الخاص للرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى أوكرانيا والشرق الأوسط، كان في موسكو للقاء الرئيس الروسي (فلاديمير بوتين) عندما تم ضمه إلى المحادثة الجماعية.
كما كشف التقرير عن تفاصيل قد تكون محرجة بشأن مواقف كبار مسؤولي البيت الأبيض تجاه حلفاء رئيسيين.
و قال ترامب إنه يتفق مع التعليقات المنسوبة إلى وزير الدفاع بيت هيغسيث في المحادثة، والتي وصف فيها الدول الأوروبية بأنها "تستغل الولايات المتحدة مجاناً".
وقال ترامب للصحفيين: "نعم، أعتقد أنهم يستغلوننا"، مضيفاً: "الاتحاد الأوروبي كان فظيعاً معنا في التجارة".
وفي المحادثة، عارض مستخدم تم التعريف به على أنه جي دي ڤانس، نائب الرئيس الأمريكي، الضربات الجوية قائلاً: "أنا فقط أكره أن نقوم بإنقاذ أوروبا مجدداً"، مشيراً إلى أن الدول الأوروبية تضررت من هجمات الحوثيين على السفن أكثر من الولايات المتحدة.
ورد عليه هيغسيث قائلاً: "أتفق تماماً مع كراهيتك لاستغلال أوروبا لنا. إنه أمر مثير للشفقة!"
و يسيطر الحوثيون على أجزاء واسعة من اليمن منذ أكثر من عقد، وهم جزء من "محور المقاومة" الذي يضم جماعات موالية لإيران تعارض بشدة إسرائيل والولايات المتحدة.
وقد شن الحوثيون عشرات الهجمات بالطائرات المُسيّرة والصواريخ على السفن التي تعبر البحر الأحمر وخليج عدن خلال حرب غزة، قائلين إن هذه الهجمات تأتي "تضامناً مع الفلسطينيين".