شكل العام الجاري محطة مهمة في الجهود السياسية والدبلوماسية لإنهاء الحرب في اليمن، وتوّج في ختامه بتنفيذ اتفاق الرياض وتشكيل حكومة كفاءات سياسية لتوحيد الجبهة ضد الانقلاب الحوثي.
شهدت الشهور الأولى من 2020 ولادة مشروع الاتفاق الشامل لوقف القتال والتدابير الإنسانية المصاحبة وهو الصيغة الشاملة لإنهاء الصراع، التي تقدمها الأمم المتحدة منذ إفشال ميليشيا الحوثي محادثات السلام في الكويت منتصف 2016 وهي المحادثات التي وضعت حينها صيغة مشابهة لاتفاق يشمل الجوانب العسكرية والسياسية.
وقدم مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة، مارتن غريفيث، وللمرة الأولى منذ توليه هذه المسؤولية صيغة المشروع إلى الجانب الحكومي وميليشيا الحوثي، حيث رحب الجانب الحكومي بتلك الرؤية وأكد تعامله الإيجابي معها بما تحمله من تفاصيل تبدأ بإعلان شامل لوقف إطلاق العمليات القتالية في البر والبحر وفي الجو، وتشكيل فرق رقابة ميدانية بمشاركة ضباط من الأمم المتحدة لتثبيت وقف إطلاق النار، مروراً بالإجراءات الإنسانية المتضمنة إعادة تشغيل مطار صنعاء وصرف رواتب الموظفين في مناطق سيطرة ميليشيا الحوثي وتوحيد إدارة البنك المركزي.
• جهود حاسمة
ورغم ظهور جائحة «كورونا» الذي رافق ولادة الإعلان الخاص بصيغة الاتفاق الشامل لوقف القتال، فقد اتخذ تحالف دعم الشرعية، خطوات عديدة لتعزيز هذا النهج، ابتداء بخطوة الوقف المؤقت لإطلاق النار بغرض إفساح المجال لتوحيد الجهود لمواجهة هذه الجائحة، رغم أن ميليشيا الحوثي قابلت هذا الإعلان ومعه أيضاً مشروع وقف إطلاق النار بمواصلة الخروقات وتصعيد من هجومها على محافظة مأرب والانقلاب على اتفاق استوكهولم بشأن وقف إطلاق النار وإعادة الانتشار في الحديدة، واستهدفت مديريات الدريهمي والتحيتا وحيس بهجمات متواصلة أوقعت العشرات من المدنين قتلى وجرحى.
التعنت الذي أظهرته ميليشيا الحوثي تجاه الخطوات التي أعلنها التحالف لمواجهة جائحة «كورونا»، عرقل المساعي الأممية المدعومة من الدول الكبرى لإبرام اتفاق للحل النهائي يقوم على أساس وقف شامل لإطلاق النار والتزام واضح من أطراف الصراع بالذهاب إلى محادثات سياسية تناقش الحل النهائي المتصور، وعلى قاعدة حكومة انتقالية تشارك فيها كل أطراف الصراع، وتولي فريق عسكري محايد وبإشراف دولي إعادة هيكلة الوحدات والتشكيلات المسلحة وإتمام الحوار حول صيغة دستور جديد وصولاً إلى انتخابات عامة.
• إعادة صياغة
لم يوقف هذا التصعيد والخروقات المتواصلة للميليشيا، الجهود التي تبذل لتهيئة اليمن للحل النهائي، حيث تولى غريفيث إعادة صياغة وتطوير مشروع الإعلان المشترك لوقف إطلاق النار، وتحركت الدول الراعية للتسوية لدى طرفي النزاع والدول التي تمتلك تأثيراً عليها، في سبيل انتزاع موافقتهما على ذلك المشروع، وتحويله إلى وثيقة دولية للحل السياسي.
وفي سبيل الوصول لهذه الصيغة جاء تنفيذ اتفاق الرياض بين الحكومة والمجلس الانتقالي ليشكل رافعة مهمة لمسار التسوية، حيث أدى الاتفاق الذي رعاه التحالف لإنهاء الانقسام، وتوحيد الأطراف استعداداً لتلك المرحلة، من جهة الوضع الميداني أو السياسي، وتجلت الجهود بانسحاب القوات من محافظتي أبين وعدن باتجاه جبهات القتال مع الحوثيين، وتشكيل حكومة كفاءات جديدة.
• أدوات ضغط
إلى جانب ذلك، أفضى اتفاق الرياض إلى إعادة إحلال السلام والاستقرار في جنوب اليمن، بما يمثله من خطوة مهمة نحو إحلال السلام، بعيداً عن التدخلات الأجنبية في المنطقة، وبما يعنيه ذلك من استكمال ترتيب جانب الحكومة الشرعية وجاهزيتها للذهاب في فريق موحد لبحث متطلبات السلام مع ميليشيا الحوثي، وهي الخطوة التي يتوقع على نطاق واسع أن تتم خلال العام الجديد بعد أن أكمل المبعوث الأممي النقاشات مع الأطراف المعنية صيغة ذلك الاتفاق.