تحليل: خطة ترامب لنقل سكان غزة تعيد إشعال القلق بشأن شحنات البحر الأحمر
يمن فيوتشر - Y net news- ترجمة ناهد عبدالعليم: الاربعاء, 19 فبراير, 2025 - 05:04 مساءً
تحليل: خطة ترامب لنقل سكان غزة تعيد إشعال القلق بشأن شحنات البحر الأحمر

توقعت مصر وقف إطلاق النار في غزة لعدة أسباب، كان أحد أبرزها اقتصاديًا: فقد تعرضت قناة السويس، أحد المصادر الحيوية للإيرادات في البلاد، لانتكاسات كبيرة منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول بسبب تهديدات الحوثيين.
ومع اتفاق وقف إطلاق النار في غزة وتوقف الهجمات الحوثية، كان القادة في القاهرة يأملون في أن يبدأ النشاط في القناة بالعودة إلى طبيعته. ومع ذلك، جاءت تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لتقوض هذه التوقعات.
وأثارت مقترحات ترامب بشأن السيطرة على قطاع غزة ونقل سكانه إلى دول أخرى حالة من الغضب في العالم العربي، لا سيما في مصر والأردن، اللتين رفضتا منذ بداية الحرب أي مخططات لنقل الفلسطينيين إلى أراضيهما. كما كانت لهذه التصريحات تبعات غير مباشرة، مثل تعطل طرق الشحن العالمية.
وفي ظل معارضة الحوثيين لتصريحات ترامب، جددوا تهديداتهم بالتدخل، مؤكدين أنهم سيدعمون غزة ضد التهجير من خلال إطلاق الطائرات المسيّرة والصواريخ تجاه إسرائيل.
أما شركات الشحن، التي كانت قد بدأت تستعيد ثقتها في استئناف مساراتها عبر قناة السويس، فقد تراجعت مرة أخرى، مما ترك مصر تواجه تحديات مستمرة كانت تأمل في تجاوزها.
وفي مقابلة أجراها الأسبوع الماضي عبر برنامج "الكلمة الأخيرة" على قناة ONtv المصرية، صرّح رئيس هيئة قناة السويس، أسامة ربيع، قائلاً: "تصريحات ترامب وحالة عدم اليقين التي تسببت فيها بشأن المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار أثرت على حركة الملاحة البحرية في البحر الأحمر." وأضاف أن هناك توقعات بتحسن كبير في المنطقة بعد توقف الهجمات القادمة من اليمن.
ووفقًا له، كانت هناك مؤشرات على التحسن، مثل عبور ست سفن أمريكية وبريطانية عبر البحر الأحمر في يناير/ كانون الثاني. كما ذكر أن ناقلة نفط هاجمها الحوثيون في يوليو/ تموز تمكنت من عبور الممر بأمان في أوائل فبراير/ شباط. وأعرب عن تفاؤله بأن المنطقة تسير نحو الهدوء، لكنه أشار إلى أن شركات الشحن لا تزال تفضّل تجنب المخاطر، مختارةً مسار رأس الرجاء الصالح بدلاً من ذلك.
وعندما سألته المذيعة لميس الحديدي عمّا إذا كانت تصريحات ترامب الأخيرة قد زادت التوترات الإقليمية وربما تسببت في مشاكل إضافية لقناة السويس، أجاب ربيع: "هذه التصريحات دقيقة. وجميع الإشارات تشير إلى أن السفن من المفترض أن تعود إلى البحر الأحمر وقناة السويس."
وأضافت الحديدي أنه لا توجد ضمانات بأن وقف إطلاق النار في غزة سيصمد، وسألت: "هل تدعو هذه التصريحات إلى القلق؟" فردّ ربيع: "بالطبع، ستزيد من القلق." وتوقع أن يبدأ النشاط البحري في المنطقة بالتعافي تدريجيًا بحلول نهاية مارس/ آذار، مع احتمال عودة العمليات إلى طبيعتها بحلول منتصف العام.
منذ بداية الحرب، استهدف الحوثيون طرق الشحن عبر مضيق باب المندب والبحر الأحمر وبحر العرب، حيث أعلنوا استهداف السفن المرتبطة بإسرائيل أو التابعة لشركات تتعامل معها أو المتجهة إلى الموانئ الإسرائيلية. وقد خلق ذلك تهديدًا كبيرًا في المنطقة، مما أدى إلى انخفاض حاد في عدد السفن التي تختار الإبحار عبر البحر الأحمر.
ونتيجة لذلك، اختارت العديد من الشركات المسار البديل حول أفريقيا عبر رأس الرجاء الصالح، ورغم أن هذا المسار أطول، إلا أنه يُعتبر أكثر أمانًا. ومع ذلك، في مارس/ آذار 2024، توسع نطاق التهديد الحوثي ليشمل هذا المسار أيضًا، حيث هدد زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي والمتحدث العسكري يحيى سريع باستهداف السفن الإسرائيلية المتجهة إلى المحيط الهندي ورأس الرجاء الصالح.
ونشرت صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية مؤخرًا مقالًا بعنوان "اقتراح ترامب بشأن غزة يحطم الآمال في تعافي شحنات البحر الأحمر". وتضمّن المقال مقابلات مع كبار المسؤولين في صناعة الشحن، الذين أكدوا أن خطة ترامب زادت التوترات الإقليمية ورفعت احتمالية تجدد التدخل الحوثي.
وأشار المقال إلى أن إعلان الحوثيين في يناير/ كانون الثاني، الذي قالوا فيه إنهم سيهاجمون السفن المرتبطة بإسرائيل فقط، قد أدى إلى زيادة طفيفة في عدد السفن التي تعبر عبر اليمن، لكن العديد من السفن ما زالت تنتظر تأكيد استقرار المنطقة قبل استئناف مساراتها.
ونقل المقال عن لارس جنسن، الرئيس التنفيذي لشركة استشارية لمالكي السفن والتجار، قوله: "كانت هناك آمال مبكرة في استئناف حركة الشحن عبر البحر الأحمر، لكنها تحطمت. قبل أسبوع، كان هناك ضوء في نهاية النفق، لكن الآن تقل احتمالية استئناف الملاحة البحرية في البحر الأحمر."
كما تحدث فينسنت كليرك، الرئيس التنفيذي لشركة "ميرسك" العملاقة للشحن، لصحيفة "فاينانشال تايمز"، قائلاً: "العودة إلى قناة السويس عملية معقدة، وعلينا ضمان أنها لن تكون لفترة قصيرة فقط. طالما أن هناك حالة من عدم اليقين بشأن الوضع في الأسابيع المقبلة، سننتظر."
ووفقًا لتقديرات شركة "ميرسك"، يمكن استئناف التجارة في البحر الأحمر بحلول منتصف عام 2025 في أفضل سيناريو، لكن في أسوأ السيناريوهات، قد يبقى الوضع محدودًا حتى نهاية العام.
وقد أثر الصراع بشكل كبير على إيرادات قناة السويس. ووفقًا لأحدث تقرير لأسامة ربيع، تقدر الخسائر بنحو 61-62% من الإيرادات المتوقعة للقناة للسنة المالية التي تنتهي في يونيو/ حزيران 2025. وعلى مدار الـ 15 شهرًا الماضية، بلغ إجمالي الخسائر نحو 6.8 مليار دولار، ومن المحتمل أن ترتفع إذا استمر الوضع الحالي.
وأشار ربيع إلى أن العدد اليومي للسفن العابرة للقناة حاليًا يتراوح بين 30 و32 سفينة، مقارنة بـ 72 إلى 75 سفينة سابقًا. كما لفت إلى أنه منذ 19 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023، اختارت 10,517 سفينة المسار البديل عبر رأس الرجاء الصالح، مضيفًا: "كان من الممكن أن تعبر جميع هذه السفن قناة السويس لولا التهديدات الأمنية."
وعلى الرغم من التوترات والأزمة الاقتصادية والمخاوف بشأن المستقبل، أعلن ربيع الأسبوع الماضي عن تدشين "مشروع توسعة قناة السويس"، الذي يهدف إلى زيادة عدد السفن العابرة يوميًا بمقدار 6 إلى 8 سفن. ويتضمن المشروع توسيع القناة وإنشاء قسم مزدوج بطول 6 أميال، في إطار خطة أوسع لتطوير القطاع الجنوبي للقناة.
ويأتي هذا المشروع استجابةً لحادث السفينة "إيفر غيفن" في مارس/ آذار 2021، الذي أدى إلى توقف حركة الملاحة لمدة أسبوع. وتأمل مصر أن يسهم التوسيع في زيادة إيرادات القناة، إلا أن تحقيق ذلك يعتمد على عودة السفن إلى المسار.
وقد كثفت هيئة قناة السويس جهودها للترويج للقناة عبر وسائل التواصل الاجتماعي لجذب المزيد من شركات الشحن لاستئناف استخدامها لهذا الممر الملاحي الاستراتيجي.


التعليقات