تقرير: الهدنة الهشة في غزة تذكير مستمر بتهديد المتمردين الحوثيين المتصاعد
يمن فيوتشر - abc News- ترجمة ناهد عبدالعليم : الجمعة, 14 فبراير, 2025 - 06:00 مساءً
تقرير: الهدنة الهشة في غزة تذكير مستمر بتهديد المتمردين الحوثيين المتصاعد

وجّه الحوثيون في اليمن رسالة تحذيرية مفادها أن "أيديهم على الزناد"، وهم مستعدون لمهاجمة إسرائيل في حال انهارت الهدنة في غزة.
و قبل التوصل إلى الاتفاق، كان الحوثيون الجماعة المسلحة الوحيدة المدعومة من إيران التي تواصل شن هجمات بانتظام تضامنًا مع الفلسطينيين في غزة.
وعلى مدار أكثر من 14 شهرًا، استهدفوا السفن التجارية في البحر الأحمر، وكثفوا هجماتهم الصاروخية والجوية بطائرات مسيّرة باتجاه الأراضي الإسرائيلية.
ورغم الردود المتكررة من إسرائيل والولايات المتحدة، لم ينجح ذلك في ردعهم.
ومنذ دخول وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس حيّز التنفيذ في 19 يناير/ كانون الثاني، خفّض الحوثيون وتيرة هجماتهم.
ومع ظهور بوادر اضطراب في الاتفاق هذا الأسبوع، تعهدت الجماعة بـ"تصعيدٍ فوري" إذا انهار.
لكن حتى في حال استمرار الهدنة، يرى محللون أن الحوثيين لا يزالون يشكلون تهديدًا كبيرًا.
فقد أثبتت الجماعة أنها "تحدٍّ من نوع مختلف" لن يكون من السهل القضاء عليه.


•من هم الحوثيون؟
الحوثيون جماعة متمردة شيعية سيطرت على العاصمة اليمنية صنعاء في عام 2014، وظلت تفرض سيطرتها على أجزاء واسعة من البلاد طوال سنوات الحرب الأهلية المستمرة.
يُعتبر الحوثيون جُزءًا من ما يسمى بـ"محور المقاومة" المدعوم من إيران، والذي يضم أيضًا حركة حماس في غزة وحزب الله في لبنان.
و تم تشكيل هذا التحالف من الجماعات المسلحة المتحالفة لمواجهة النفوذ الأمريكي والإسرائيلي في الشرق الأوسط.
ووفقًا لتقريرٍ صادر عن لجنة خبراء تابعة للأمم المتحدة العام الماضي، فإن الدعم الذي تلقته الجماعة من إيران وحلفائها حوّلها من مجموعة مسلحة محلية ذات قدراتٍ محدودة إلى "تنظيم عسكري قوي".
وتقول البروفيسورة (سارة فيليبس)، المتخصصة في الصراعات والتنمية العالمية بجامعة سيدني، إن الهدف الأساسي للجماعة هو السيطرة على اليمن بأكمله، لكنها تمتلك أيضًا أجندة ذات أبعاد دولية.


•تصعيد في البحر الأحمر:
بدأ الحوثيون بشنِّ هجمات على إسرائيل والسفن التجارية في البحر الأحمر بعد وقتٍ قصير من الهجوم الذي نفذته حماس ضد إسرائيل في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
وأسفر هجوم حماس عن مقتل نحو 1,200 إسرائيلي، فيما تم أسر حوالي 250 شخصًا ونقلهم إلى غزة، وفقًا للسلطات الإسرائيلية.
وردًا على ذلك، شنت إسرائيل غاراتٍ على غزة أسفرت عن مقتل نحو 48,000 فلسطيني وإصابة مئات الآلاف، بحسب وزارة الصحة في غزة.
وخلال العام الماضي، استهدف الحوثيون أكثر من 100 سفينة تجارية باستخدام الصواريخ والطائرات المُسيّرة.
وتسببت هذه الهجمات في شلّ شبه كامل لميناء إيلات الإسرائيلي، مما أدى إلى تعطيل شحنات البضائع والطاقة التي تعدّ ضرورية للتجارة العالمية.
وأُجبرت السفن على اتخاذ طريق أطول وأكثر تكلفة عبر إفريقيا للوصول إلى الموانئ الإسرائيلية على البحر الأبيض المتوسط.


•الحوثيون وتوسيع نطاق الهجمات:
واصلت الجماعة استهداف إسرائيل بشكلٍ منتظم، وتمكنت من ضرب مناطق مأهولة في وسط البلاد، على بُعد أكثر من 2,000 كيلومتر.
وفي ديسمبر/ كانون الأول، أعلن الحوثيون مسؤوليتهم عن هجومٍ صاروخي على تل أبيب أسفر عن إصابة ما لا يقل عن 14 شخصًا.
ورغم أن هذه الهجمات لم تتسبب في أضرارٍ كبيرة، إلا أنها أدت إلى اضطراباتٍ ملحوظة في الحياة المدنية.
وتحدثت البروفيسورة (سارة فيليبس) عن التأثير الداخلي لهذه الهجمات، قائلة:
"داخل اليمن، وحتى بين الأشخاص الذين يعارضون الحوثيين منذ فترة طويلة، رأى كثيرون أن ما يقومون به أمر إيجابي لمجرد أنهم يقاتلون إسرائيل."
وفي الوقت نفسه، أدى الصراع المستمر في اليمن إلى مقتل أكثر من 150,000 شخص، من بينهم مقاتلون ومدنيون.
كما تسبب في واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، حيث أودى بحياة عشرات الآلاف الآخرين.
وأشارت البروفيسورة فيليبس إلى أن الهجمات الحوثية على إسرائيل ساعدت في تشتيت الانتباه عن "فشلهم الواضح في توفير الحد الأدنى من مقومات الحياة الآمنة والكريمة لليمنيين".


•تخفيف التصعيد من قبل الحوثيين "غير كافٍ":
مع دخول الهدنة في غزة حيّز التنفيذ، أعلن الحوثيون أنهم سيحدّون هجماتهم في ممر البحر الأحمر لتستهدف فقط السفن المرتبطة بإسرائيل.
كما أفرجوا عن طاقم سفينة "غالاكسي ليدر" المؤلف من 25 فردًا، والتي كانوا قد استولوا عليها في نوفمبر/ تشرين الثاني 2023.
وأعربت الولايات المتحدة عن "امتنانها العميق" لسلطنة عمان على وساطتها في الإفراج عن طاقم السفينة، لكنها حذرت من "عدم الانشغال بهذا الإجراء غير الكافي من قبل الحوثيين".
وجاء في بيانٍ للبيت الأبيض:
"داخل اليمن، يواصل الحوثيون اعتقال واحتجاز مئات الموظفين المحليين التابعين للأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والبعثات الدبلوماسية في ظروف مزرية."
وفي هذا السياق، أعلنت الأمم المتحدة تعليق جميع عملياتها في محافظة صعدة هذا الأسبوع، بعد أن قام الحوثيون باحتجاز ثمانية من موظفيها أواخر الشهر الماضي.
وذكرت الأمم المتحدة في بيان أن هذا القرار "الاستثنائي" جاء نتيجة انعدام الظروف الأمنية والضمانات اللازمة لاستمرار العمل.
وجاء هذا الإعلان قبل يوم واحد من كشف برنامج الغذاء العالمي عن وفاة أحد موظفيه في أحد السجون اليمنية، بعد اختطافه من قبل الحوثيين في 23 يناير/ كانون الثاني.
ومنذ عام 2021، اعتقل الحوثيون العشرات من موظفي الأمم المتحدة، ولا يزال نحو 24 منهم قيد الاحتجاز.


•تهديد لن يختفي:
واجهت إسرائيل والولايات المتحدة وقوات التحالف صعوبة في ردع الحوثيين خلال ذروة هجماتهم.
وشنّت هذه القوات عدة جولات من الضربات الجوية المنسقة استهدفت الموانئ والبنية التحتية النفطية ومواقع الأسلحة ومطار صنعاء، لكن الجماعة لم تتراجع.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي (بنيامين نتنياهو) الشهر الماضي إن الحوثيين "سيواصلون دفع ثمن باهظ مقابل عدوانهم".
وفي هذا الأسبوع، ومع تصاعد الشكوك حول مستقبل الهدنة، حذّر زعيم الحوثيين (عبد الملك الحوثي) من أن جماعته "مستعدة للتصعيد الفوري ضد العدو الإسرائيلي إذا استأنف تصعيده في قطاع غزة".
وأضاف: "أيدينا على الزناد".
و يعتقد (داني سيترينوفيتش)، الزميل الباحث في معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب، أنه حتى في حال التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار في غزة، فإن "الأمر قد خرج عن السيطرة".
ووصف الحوثيين بأنهم "تحدٍّ من نوع مختلف".
وقال: "لا يوجد حل سريع، حتى لو انتهت الحرب في غزة، فإن هذا التهديد لن يختفي".
و على مدار العام الماضي، تعرضت الجماعات المنضوية تحت ما يسمى بـ "محور المقاومة" الإيراني لضرباتٍ موجعة.
فقد استهدفت إسرائيل قادة بارزين في حماس وحزب الله في غزة ولبنان، ودمرت جزءًا كبيرًا من بنيتهما العسكرية.
لكن الخبراء يرون أن الوضع مع الحوثيين مختلف.
فاليمن لا يحدّ إسرائيل، مما يعني أن شن عملية برية ضده، كما حدث في غزة ولبنان، ليس خيارًا متاحًا بسهولة.
وأشار سيترينوفيتش، وهو الرئيس السابق لفرع إيران في وحدة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، إلى أن إسرائيل تفتقر إلى المعلومات الاستخباراتية الكافية عن الحوثيين.
وقال: "لم نركز على هذا الملف لأننا كنا منشغلين بتهديدات أكثر إلحاحًا".


•ما الذي قد يحدث بعد ذلك ؟
عند تولي الرئيس الأمريكي (دونالد ترامب) ولايته الثانية، أعاد تصنيف الحوثيين كـ "منظمة إرهابية أجنبية".
وأكدت إدارته أن الولايات المتحدة ستعمل مع شركائها الإقليميين على تفكيك القدرات العسكرية للحوثيين وحرمانهم من الموارد.
وفي مايو/ آيار من العام الماضي، صنفت الحكومة الأسترالية الحوثيين أيضًا كمنظمة إرهابية.
و وصف داني سيترينوفيتش هذه الخطوة بأنها "في الاتجاه الصحيح".
لكن هناك مخاوف من أن هذا التصنيف قد يؤثر على أي جهة يُنظر إليها على أنها تقدم دعمًا للحوثيين.
وحذرت منظمة أوكسفام الخيرية من أن هذه الخطوة ستزيد من معاناة المدنيين اليمنيين، من خلال تعطيل الواردات الحيوية من الغذاء والدواء والوقود.
و من جانبها، قالت (كاميليا الإرياني)، الباحثة في كلية العلوم الاجتماعية والسياسية بجامعة ملبورن، إن تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية والعقوبات المفروضة عليهم لن تؤثر عليهم بشكل كبير.
وأشارت إلى أن المفاوضات السياسية هي الحل الأمثل لمعالجة الوضع داخل اليمن، لكنها ربطت ذلك باستمرار وقف إطلاق النار.
وأضافت: "إذا انهارت الهدنة، فسيواصلون ببساطة ما كانوا يفعلونه منذ نوفمبر/ تشرين الثاني 2023".


التعليقات