تسلط الإدارة الأمريكية الجديدة الضوء على أولوياتها في الشرق الأوسط، حيث تحدث الرئيس الأمريكي (دونالد ترامب) مع ولي العهد السعودي الأمير (محمد بن سلمان)، الأربعاء، في أول اتصالٍ هاتفي مع زعيم من الشرق الأوسط، وفقاً للتقارير.
و تكتسب هذه الخطوة أهمية خاصة لأنها تتزامن مع إعادة تصنيف الولايات المتحدة للحوثيين المدعومين من إيران كإرهابيين. وعند النظر إلى هذه التحركات معاً، يمكن اعتبارها عودة إلى أسس سياسة إدارة ترامب الأولى، حيث كانت السعودية حليفاً وثيقاً، وكان الحوثيون يُنظر إليهم كإرهابيين.
و يجب التذكير بأن إدارة بايدن سعت إلى إزالة الحوثيين من قائمة الجماعات الإرهابية في المنطقة، على الرغم من أن الحوثيين لم يغيروا سياساتهم أو يخففوا من مواقفهم. وبعد الهجوم الذي شنته حماس على إسرائيل، بدأ الحوثيون بمهاجمة إسرائيل واستهداف السفن، مما تسبب في اضطراباتٍ واسعة في المنطقة. وفي الأشهر الأخيرة، كثف الحوثيون هجماتهم على إسرائيل باستخدام صواريخ باليستية عديدة.
وقد صنّف ترامب الحوثيين كجماعة إرهابية في 22 يناير/ كانون الثاني من خلال أمر تنفيذي، وأشار الأمر التنفيذي إليهم باسم "أنصار الله". وجاء في بيان البيت الأبيض: "يضع هذا الأمر عملية يتم من خلالها اعتبار أنصار الله، المعروفين أيضاً بالحوثيين، كمنظمة إرهابية أجنبية، وفقاً للمادة 219 من قانون الهجرة والجنسية (INA)".
وأشار البيان إلى أن الجماعة مدعومة من قبل فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني (IRGC-QF)، مؤكداً أن إيران قامت بتدريب وتسليح الحوثيين. وأضاف أن الجماعة أطلقت النار على سفن البحرية الأمريكية "عشرات المرات" خلال العامين الماضيين.
ومنذ استيلائهم بالقوة على معظم مراكز التجمعات السكانية في اليمن من الحكومة اليمنية الشرعية بين عامي 2014 و2015، شن الحوثيون العديد من الهجمات على البنية التحتية المدنية، بما في ذلك هجمات متعددة على مطارات مدنية في السعودية، والهجمات الدامية التي استهدفت الإمارات العربية المتحدة في يناير/ كانون الثاني 2022، وأكثر من 300 قذيفة أُطلقت على إسرائيل منذ أكتوبر/ كانون الأول 2023.
و أشار الأمر التنفيذي إلى أن الحوثيين قد شنّوا هجماتٍ على سفن تجارية تعبر باب المندب أكثر من 100 مرة، مما أسفر عن مقتل أربعة من البحارة المدنيين على الأقل، وأجبرت بعض حركة المرور التجارية البحرية في البحر الأحمر على إعادة توجيه مسارها، وهو ما ساهم في زيادة التضخم العالمي.
ويستمر الأمر التنفيذي بالقول إن الولايات المتحدة ستعمل مع "الشركاء الإقليميين لتقليص قُدرات الحوثيين وعملياتهم، وحرمانهم من الموارد، وبالتالي إنهاء هجماتهم على القوات الأمريكية والمدنيين، والشركاء الأمريكيين، والشحن البحري في البحر الأحمر."
• تاريخ طويل من الصراع:
أثارت التصنيفات الجديدة للحوثيين دهشة في منطقة الخليج. و من الجدير بالذكر أن الحوثيين حاولوا السيطرة على ميناء عدن اليمني في عام 2015، مما دفع السعودية ودولاً أخرى للتدخل. ومع ذلك، تحول الصراع في اليمن، حيث دعمت السعودية الحكومة ضد الحوثيين، إلى حرب معقدة وصعبة.
و استهدف الحوثيون الرياض بصواريخ باليستية وهاجموا السعودية بطائراتٍ مُسيّرة، واستخدمت إيران هذا الصراع كأرضية اختبار لصواريخها وطائراتها المُسيّرة. وفي النهاية، تم توقيع وقف لإطلاق النار، وسعت الدول المشاركة في الحرب إلى النأي بنفسها عنها، مع شعورها بأن الولايات المتحدة والغرب لم يقدما الدعم الكافي.
واليوم، تتزايد الأصوات التي ترى أن القرار الجديد من البيت الأبيض قد يعزل الحوثيين ويضعفهم. ووفقاً لخبراء تحدثوا إلى وسائل إعلام إماراتية مثل "العين الإخبارية"، فإن "تصنيفاتٍ كهذه ستترتب عليها تداعيات كارثية على الميليشيات الحوثية، بما في ذلك فقدان الجماعة لمشاركتها في عملية سلام شاملة، وسيتيح ذلك للحكومة اليمنية وحلفائها الإقليميين والدوليين اتخاذ قرار عسكري حاسم لإنهاء الانقلاب".
وللمرة الأولى منذ فترة، يسود التفاؤل. حيث نقلت "العين" عن السياسي اليمني (خالد سلمان) قوله إن هذا التصنيف "يمثل تمهيداً لتفكيك الكيان الحوثي المرتبط بالجسد الإيراني، وخطوة نحو كسر آخر مسمار في المشروع الإيراني، وحرمان طهران من استخدام أدواتها لشن الحروب دفاعاً عنه."
كما صرّح خالد سلمان لصحيفة "العين" أن هذا التصنيف يمثل "ضربة للحوثيين الذين مارسوا تجارة ثلاثية الأبعاد: ابتزاز كبرى شركات الشحن، وتهريب الأسلحة إلى الجماعات الإرهابية، والتعاون معها لضرب مصالح الغرب واقتصادات حلفاء واشنطن، من السعودية إلى مصر". وأشار إلى أن هذا التصنيف يمثل خطوة نحو تفكيك الجماعة.
و قد يكون هذا التفاؤل مبالغاً فيه، لكن من الواضح أن البيت الأبيض يدعم المنطقة بقوة في إطار عقيدة ترامب الجديدة، التي تهدف إلى تعزيز الأصدقاء والحلفاء.
و تحدث وزير الخارجية الأمريكي الجديد (ماركو روبيو)، مع رئيس الوزراء الإسرائيلي (بنيامين نتنياهو) وناقش أهمية ردع إيران. وترى وسائل الإعلام الخليجية أن هذه الخطوة تمثل ركيزة أخرى من سياسة ترامب، من خلال تصنيف الحوثيين ودعم السعودية وإسرائيل وتعتبرها لحظات حاسمة.
و هذا الأسبوع، تحتفل السعودية بالذكرى العاشرة لتولي الملك سلمان الحكم. وفي الوقت ذاته، أشارت الرياض إلى إمكانية استثمار ما يصل إلى 600 مليار دولار في الولايات المتحدة، وفقاً لتقرير لوكالة "أسوشيتد برس" حول مكالمة هاتفية مع ترامب.
و هناك أيضاً تطوراتٍ أخرى تجري في المنطقة. و من المتوقع أن يعود (ستيف ويتكوف)، المبعوث الخاص لترامب، إلى المنطقة قريباً، وقد يزور غزة لمتابعة اتفاق وقف إطلاق النار عن كثب، بحسب التقارير. و تصريحاته الأخيرة في مقابلة مع قناة "فوكس نيوز" أثارت جدلاً في بعض الأوساط المؤيدة لإسرائيل. لكن الأهم الآن هو استمرار تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن في الوقت المحدد.
لقراءة المادة في موقعها الاصلي على الرابط: