دراسة: التهديد الحوثي الحالي والمستقبلي للشرق الأوسط
يمن فيوتشر - معهد واشنطن لسياسات الشرق الأوسط- ترجمة : ناهد عبدالعليم الاربعاء, 01 يناير, 2025 - 01:17 صباحاً
دراسة: التهديد الحوثي الحالي والمستقبلي للشرق الأوسط

في جلسة طارئة عقدت لمناقشة التهديدات المتزايدة التي تشكلها جماعة الحوثي (أنصار الله)، قدم الدكتور (مايكل نايتس)، زميل أول بمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، تحليلاً شاملاً حول أبعاد هذا التهديد، مشدداً على الطبيعة العدوانية والتوسعية للجماعة ودورها كأداة إقليمية لإيران.

وقد أوضح التحليل أن الحوثيين، الذين انقلبوا على الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً في 2014، يستندون إلى دعم عسكري ومالي واستخباراتي من إيران وشركائها الإقليميين مثل حزب الله اللبناني. و مكّن هذا الدعم الجماعة من تحقيق مكاسب عسكرية كبيرة، بما في ذلك السيطرة على صنعاء وموانئ البحر الأحمر ومحاولاتهم المستمرة للاستيلاء على مواقع استراتيجية كعدن ومأرب.
و على المستوى المحلي، وثقت تقارير أممية ومنظماتٍ حقوقية انتهاكاتٍ جسيمة ترتكبها الجماعة، من بينها تجنيد الأطفال، وتعذيب المعارضين، وتحويل مسار المساعدات الإنسانية. أما على المستوى الإقليمي، فإن الحوثيين يشكلون تهديداً متزايداً على أمن الملاحة الدولية في البحر الأحمر، فضلاً عن توظيفهم تكنولوجيا الصواريخ والطائرات المسيّرة لاستهداف دول الجوار.

و يرتكز فكر الحوثيين على أيديولوجيا مذهبية تتسم بالطابع العنصري، حيث يدعون لتفوق سلالي ويعتمدون خطاباً معادياً للسامية وللغرب، وهو ما يظهر بوضوح في شعارهم الذي يدعو إلى "الموت لأمريكا" و"الموت لإسرائيل".
وقد تحول الحوثيون من حركة محلية إلى لاعب إقليمي مدعوم بشبكة علاقات دولية تشمل إيران وميليشيات عراقية، مع اتهامات بالتعاون مع جماعات إرهابية كتنظيم القاعدة والشباب، بل وحتى تقارير تشير إلى تنسيق محتمل مع روسيا.
و أكد الدكتور نايتس على أن الحوثيين يمثلون تهديداً مركباً يتطلب استجابة شاملة على المستويات المحلية والإقليمية والدولية. فمن جهة، ينبغي تعزيز دعم الحكومة اليمنية الشرعية لإعادة التوازن على الأرض، ومن جهة أخرى، لا بد من تكثيف الجهود الدبلوماسية لقطع خطوط الإمداد الإيرانية وفرض عقوبات على الجماعة وحلفائها الدوليين.
وفي هذه الجلسة يبرز التحدي الذي يشكله الحوثيون، ليس فقط لليمن ولكن لأمن المنطقة واستقرارها، ما يتطلب تنسيقاً دولياً لمواجهة هذا التهديد متعدد الأبعاد.

ولا تزال جماعة الحوثي مستمرة في تنفيذ انتهاكات خطيرة، حيث قامت باختطاف موظفي الأمم المتحدة، و 23 من العاملين في منظمات المجتمع المدني، و 24 من بحارة أجانب، وموظفين في بعثات دبلوماسية، وما زالوا محتجزين حتى اليوم. و منذ توقيع اتفاق ستوكهولم عام 2018، لم تلتزم الجماعة بوقف إطلاق النار، ورفضت نزع السلاح من موانئ البحر الأحمر كما هو مطلوب بموجب الاتفاق. بالإضافة إلى ذلك، انتهكت حظر الأسلحة الذي فرضته الأمم المتحدة بمساعدة إيرانية، واستخدمت هجماتٍ بالطائرات المُسيّرة لمنع الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً من تصدير النفط والغاز، ما حرمها من مصادر تمويل حيوية.
كما تشكل هجمات الحوثيين تهديداً مباشراً لدول الشرق الأوسط وأفريقيا. فبين عامي 2015 و2021، أطلقت الجماعة أكثر من 430 صاروخاً و850 طائرة مسيّرة على السعودية والإمارات. وقد أكدت تقارير فريق خبراء الأمم المتحدة وجهات أخرى أن مكونات هذه الأسلحة وصلت إلى اليمن عبر شبكات تهريب إيرانية.
و يواصل الحوثيون استخدام هذه الهجمات كوسيلة ضغط لتحقيق تنازلات سياسية، كما حدث في 7 يوليو/ تموز 2024 عندما هددوا علناً بضرب موانئ ومطارات السعودية والبنك المركزي.

و بعد هجوم حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، سعى الحوثيون عمداً إلى إدخال اليمن في الصراع من خلال إطلاق حوالي 200 صاروخ و170 طائرة مسيّرة باتجاه إسرائيل. و هذه الهجمات لم تخاطر فقط بتعريض المواقع الإنسانية الحساسة في اليمن للخطر، بل أهدرت أيضاً سنوات من الجهود الدبلوماسية التي تركزت على حماية هذه المواقع بموجب اتفاق ستوكهولم.
و التهديد الحوثي يمتد إلى الساحة الدولية من خلال حملاتهم ضد السفن المدنية والعسكرية في البحر الأحمر والمحيط الهندي. و وفقاً لمتتبع الهجمات البحرية التابع لمعهد واشنطن، قام الحوثيون بتنفيذ 106 هجمات مؤكدة على السفن منذ نوفمبر/ تشرين الثاني 2023. و شملت هذه الهجمات إغراق سفينتين مدنيتين، والاستيلاء على سفينة "غالاكسي ليدر" وطاقمها، وقتل أربعة بحارة على الأقل.
و تسببت هذه الهجمات في تفاقم أزمات الأمن الغذائي في اليمن والبحر الأحمر، وزيادة تكاليف الشحن وأسعار السلع العالمية، وحرمان مصر من أكثر من 7 مليارات دولار من رسوم قناة السويس. كما رفعت احتمالية وقوع كارثة بيئية غير مسبوقة في البحر الأحمر.
جماعة الحوثي تمثل تهديداً متعدد الأبعاد يمتد من الداخل اليمني إلى الإقليم والعالم. و استمرار هذه السياسات العدائية يتطلب استجابة شاملة تجمع بين الضغط الدبلوماسي والعسكري والدولي لاحتواء هذا التهديد المتنامي.

و بسبب تصاعد الهجمات الحوثية على السفن التجارية في البحر الأحمر بشكل غير مسبوق، انخفض استخدام قناة السويس بنسبة 50% ودفع 29 شركة شحن عالمية كبرى إلى تحويل مساراتها عبر القارة الإفريقية، كما كان الحال قبل افتتاح القناة عام 1869. وتأثرت بهذه الهجمات سفن وأفراد من 85 دولة، بما في ذلك جميع الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن وأعضاء حاليين مثل اليابان وسويسرا وكوريا الجنوبية ومالطا، مما يجعلها تهديداً دولياً شاملاً.
و بالتالي يعتمد الحوثيون على استهداف عدد محدود من السفن شهرياً لتعطيل حركة الملاحة، مما يمنحهم ورقة ضغط طويلة الأمد لاستخدامها في تحقيق أهداف سياسية، سواء بفرض شروط على القوى الإقليمية، أو السعي وراء دعم دولي، أو ابتزاز تنازلات مالية وسياسية. وبهذا، تحولت الجماعة إلى تهديد مباشر للممرات التجارية العالمية الحيوية، وخاصة البحر الأحمر.
و في حال استمر الحوثيون في سلوكهم العدواني وبقوا مسيطرين على سواحل البحر الأحمر بدعم إيراني وشبكات تهريب عسكرية، فإن تداعيات ذلك ستشمل:
-تعميق أزمة التجارة العالمية وارتفاع تكاليف النقل البحري.

-تهديد الأمن الغذائي والإمدادات الإنسانية في المنطقة.

-تقويض الاستقرار الإقليمي وزعزعة جهود السلام المدعومة دولياً في اليمن.

وقد دعت الجلسة إلى تدخل عاجل من مجلس الأمن والمجتمع الدولي من خلال:

1. إعادة التأكيد على وقف الهجمات الحوثية على الشحن الدولي.

2. المطالبة بوقف الهجمات الحوثية على إسرائيل فوراً.

3. تشديد الضغوط على إيران لوقف دعمها العسكري الموثق للحوثيين.

4. إدانة التهديدات الحوثية ضد الحكومة اليمنية والدول الإقليمية، باعتبارها تشوه خارطة الطريق الأممية للسلام وتجعلها غير متوازنة وغير مستدامة.

و تؤكد الجلسة على أهمية اتخاذ إجراءاتٍ دولية صارمة لضمان التزام الحوثيين بقرارات مجلس الأمن، حيث أثبتت التجارب السابقة أن الكلمات وحدها لا تكفي لردع الجماعة. و لتحقيق ذلك، يجب التركيز على تعزيز آليات تنفيذ حظر الأسلحة ومحاسبة الأطراف المتورطة في دعمها.

-الإجراءات المقترحة:

1. تعزيز آلية التحقق والتفتيش الأممية (UNVIM): لضمان تطبيق فعال لحظر الأسلحة المفروض على الحوثيين.


2. فرض عقوبات على الأطراف المخالفة: من شركات شحن ودول علم تتهرب من التفتيش أو تتورط في تهريب الأسلحة.


3. دعم الحكومة اليمنية في منع التهريب: من خلال مراقبة الحدود البرية مع عُمان والموانئ الواقعة تحت سيطرتها.

و تشدد التحليل على ضرورة توجيه تحذير واضح للحوثيين بأن استمرار هجماتهم غير المبررة ستؤدي إلى عواقب وخيمة، بما في ذلك تقليص قدرتهم على السيطرة على الأراضي اليمنية. و لتحقيق ذلك، يجب على مجلس الأمن:
-إعادة التأكيد على شرعية الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً كممثل وحيد للشعب اليمني.

-التأكيد على حقها المشروع في طلب المساعدة الدولية للدفاع عن نفسها ضد العدوان الحوثي.

 

الرابط اسفل لقراءة المادة من موقعها الاصلي: 

 


التعليقات