كان معظم المراقبين الدوليين قبل الهجمات التي قادتها حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 ضد إسرائيل ينظرون إلى الحوثيين، -وهم جماعة مسلحة ذات أغلبية شيعية زيدية ولهم جذور في شمال اليمن-، على أنهم جماعة مسلحة في المقام الأول، على الرغم من انتمائهم إلى "محور المقاومة" الإيراني.
ولكن تغير هذا في أكتوبر/تشرين الأول 2023، عندما أطلق الحوثيون موجة أولى من الصواريخ والطائرات المسيرة غير المأهولة ضد أهداف في إسرائيل، ظاهرين تضامنهم مع الفلسطينيين في غزة.
ونظراً لأن معظم الهجمات فشلت في التسبب في أضرار جسيمة، تحرك الحوثيون في تشرين الثاني/نوفمبر 2023 لمهاجمة السفن التجارية التابعة لإسرائيل وحلفائها الغربيين في البحر الأحمر والمحيط الهندي، مما حقق انتصاراً دعائياً للجماعة، وأرسلت موجات صدمة لصناعة الشحن.
واستهدفت الهجمات اللاحقة أكثر من 300 سفينة، باستخدام مجموعة واسعة من أنظمة الأسلحة.
على الرغم من أن معظم الهجمات أخطأت الهدف أو لم تسبب سوى أضرار قليلة، إلا أن الحوثيين أغرقوا سفينتين وفقد أربعة بحارة حياتهم.
ويحلل هذا التقرير تطور استراتيجية الحوثيين في البحر خلال الاثني عشر شهراً منذ بدء الحملة، خاصة فيما يتعلق بمعايير الاستهداف والنطاق الجغرافي وأنظمة الأسلحة المستخدمة.
كما يأخذ في الاعتبار الرد العسكري الدولي، والذي يتضمن العديد من المهام البحرية متعددة الجنسيات، بالإضافة إلى الإجراءات التي اتخذتها إسرائيل والمملكة المتحدة والولايات المتحدة ضد أهداف برية في اليمن.
وهذا يوضح أن هذه الضربات على الرغم من أنها أدت إلى تدهور قدرات الحوثيين مؤقتاً، إلا أنها لم تنجح بشكل كبير في تقليل العدد الإجمالي للهجمات على السفن.
وفي الوقت نفسه، تستمر ترسانة الحوثيين في التطور والتوسع. ويتكون التنظيم بالأساس من صواريخ باليستية وصواريخ كروز مصممة إيرانياً، بالإضافة إلى طائرات بدون طيار وسفن سطحية غير مأهولة، ويواصل التنظيم تحسين نطاق أنظمة أسلحته ودقة استهدافه.
وبتحليل كيفية تمكن الحوثيين الذين يخضعون لحظر الأسلحة الذي فرضه مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة منذ عام 2015، من تهريب الأسلحة ومكوناتها إلى اليمن، فإن هذا التقرير يوضح الدور الحاسم الذي يلعبه التهريب البحري باستخدام المراكب الشراعية التقليدية، ولا سيما أهمية التهريب البحري، ومينائي الحديدة والصليف على البحر الأحمر، اللتين ظلتا تحت سيطرة الحوثيين.
كما يناقش الثغرات في تطبيق نظام العقوبات والدور المهم لجيران اليمن في هذا الصدد.
وفيما يتعلق بالأثر الاقتصادي للأزمة، كان التأثير على خطوط الإمداد العالمية محدوداً أكثر مما كان متوقعاً في البداية.
حيث انخفض عدد عمليات عبور السفن التجارية اسبوعياً عبر البحر الأحمر اعتباراً من أوائل نوفمبر 2024 بمقدار النصف تقريباً منذ نوفمبر 2023.
وقد قررت العديد من خطوط الشحن الغربية الكبرى تحويل سفنها حول رأس الرجاء الصالح، وبالتالي زيادة مدة وتكلفة الرحلات من الشرق الأقصى إلى أوروبا، مع توفير أقساط التأمين وتجنب رسوم عبور قناة السويس.
وبشكل عام، لم يكن لهذا سوى تأثير هامشي على خطوط الإمداد العالمية والضغوط التضخمية.
ومع ذلك، كان التأثير على البلدان المطلة على البحر الأحمر أكثر أهمية.
وقد شعرت مصر -التي تعتمد بشكل كبير على عائدات عبور السويس- بآثار الأزمة بشكل حاد، في حين تأثرت أيضاً الموانئ في إسرائيل والأردن والمملكة العربية السعودية والسودان.
ومع ذلك، ظلت معظم الدول الساحلية سلبية فيما يتعلق بالأزمة، وهو ما يعكس حقيقة أن سفنها لم تتعرض للهجوم وأن تضامن الحوثيين مع الفلسطينيين يحظى بشعبية لدى سكان العديد من الدول.
وبعد اثني عشر شهراً من الهجمات المتواصلة على السفن الغربية، من الواضح أن الرد الحالي من جانب المجتمع الدولي قد فشل في تحقيق أهدافه المعلنة.
وعلى الرغم من تفوقهم العسكري، فإن الولايات المتحدة وحلفائها لم يتسببوا بشكل خطير في إضعاف قدرة الحوثيين على شن الهجمات ولا قدرتهم على إعادة إمداد ترساناتهم.
وفي الوقت نفسه، فإن وجود البعثات البحرية الدولية لم يطمئن معظم خطوط الشحن الغربية الكبرى بما يكفي للعودة إلى البحر الأحمر.
وقد أدى "نجاح" الهجمات إلى تحسين صورة الحوثيين بشكل كبير داخل اليمن والمنطقة.
ومن المثير للاهتمام أنه على الرغم من أن الحكومات الغربية منخرطة في أعمال عسكرية محدودة ضدها، إلا أنه على ما يبدو لا توجد استراتيجية سياسية تكميلية.
وبدلاً من محاولة احتواء طموحاتهم العسكرية، يظل المجتمع الدولي يركز على الوضع الإنساني في اليمن وعلى تطبيع علاقاته مع الجماعة.
وفي ضوء التكاليف المتزايدة لعمليات الانتشار العسكري، تحتاج العواصم الغربية إلى إعادة تقييم استراتيجيتها تجاه الحوثيين.
لقراءة المقال من موقعه الأصلي: