أفادت تقارير، أن باسل مصطفى شكور، أحد عناصر حزب الله وقائد قوة الرضوان، قُتل في إحدى هجمات الجيش الإسرائيلي في جنوب لبنان، وسرعان ما اتضح من خلال تناول سيرته في وسائل الإعلام اليمنية، أنه كان عضوًا بارزًا في صفوف حزب الله، وتتشابك قصة حياته مع تورط التنظيم “الإرهابي” في عدة ساحات في المنطقة، مع التركيز على الحرب في اليمن.
إن تورط حزب الله في الحرب في سوريا (2011 فصاعدًا)، وفي العراق (إما في حرب العراق 2011-2003 أو في الحرب على داعش في 2014 فصاعدًا) معروف للغاية. لكن مشاركة حزب الله في الحرب بين الحوثيين والسعودية والقوات التي يدعمها في اليمن (2015-2022)، لا يعرف عنها إلا الخطوط العريضة فقط، لأن حزب الله ينفي تمامًا التقارير التي تناقلتها وسائل الإعلام العربية حول مقتل عناصره في الحرب، ومشاركتهم في إطلاق صواريخ باليستية على السعودية.
بعد ثلاث سنوات من اندلاع الحرب في اليمن، وفي ضوء تنامي التقارير بشأن مقتل عناصر حزب الله في اليمن، اعترف نصر الله بفتور بوجود حزب الله في اليمن والخسائر التي تكبدها هناك، وفي خطابه في يونيو 2018، أعلن نصر الله : لأسباب معينة، لا أؤكد ولا أنفي أن لنا حضور في اليمن، وإذا افترضنا يومًا ما أن لحزب الله بالفعل شهداء في اليمن، فلن نخفِ ذلك ولن نخجل منه، بل سنرفع رؤوسنا ونفتخر بهؤلاء الشهداء.
مع ذلك، فمن المعروف أن حزب الله يشارك في دعم الحوثيين على أقل تقدير منذ العام 2012، عندما كلف “نصر الله” قوة خاصة بقيادة “خليل حرب” لمساعدة الحوثيين، فضلًا عن دعم مالي قدره 50 ألف دولار شهريًا. كشفت الولايات المتحدة أيضًا عام 2016، عن هوية “هيثم علي الطباطبائي”، الذي أرسله نصر الله قبل عام إلى اليمن لقيادة قوة حزب الله هناك، وعرضت عام 2018، مكافأة قدرها 5 ملايين دولار، لمن يدلي بمعلومات تساعد في القبض عليه.
كما قتل الجيش الإسرائيلي أيضًا، قبل شهر تقريبًا، في منطقة الضاحية ببيروت أحد قادة حزب الله، محمد حسين سرور، الذي ظهر في مقطع مرئي عام 2015، وهو يدرب الحوثيين عسكريًا في اليمن، وقال الجيش الإسرائيلي في بيان صدر بعد اغتياله إن سرور كان قائد الوحدة الجوية لحزب الله، الوحدة 127، المسؤولة عن جميع عمليات إطلاق الطائرات المسيّرة على إسرائيل.
التعاون العابر للحدود الوطنية بين حزب الله والحوثيين
إن الكشف عن انخراط حزب الله في الحرب في اليمن، يسلط الضوء على التعاون العابر للحدود الوطنية بينهما. أفادت التقارير أخيرًا أن الجيش الإسرائيلي قتل ما لا يقل عن خمسة عناصر حوثية أثناء قتالهم جنبًا إلى جنب مع عناصر من حزب الله بمعارك في جنوب لبنان، وحتى الآن لم يعلن الحوثيون عن مقتل عناصرهم في لبنان. قد يكون تجنب نشر خبر وفاتهم نابعًا من محاولة الحوثيين التهرب من اتخاذ إسرائيل تدابير حادة ضدهم. في الوقت نفسه، يبدو أن الحوثيين، من خلال مشاركتهم المحدودة في قتال إسرائيل بريًا، يسعون إلى رد الجميل لحزب الله على مشاركته، التي كانت محدودة النطاق أيضًا، في الحرب البرية باليمن.
على خلفية هذا الكلام، من المهم أن نتذكر سمات أخرى توضح مدى عمق التعاون بين الحوثيين وحزب الله: مشاركة ممثل عن حزب الله، أبو زينب، في اجتماعات مجلس الجهاد الحوثي، وهو هيئة القيادة المركزية الحوثيين، بقيادة زعيمهم عبد الملك الحوثي.
تأسست الهيئة عام 2010، وتضم الفروع الرئيسة لجماعة الحوثيين. كما ساعد حزب الله عام 2012، في إنشاء قناة تلفزيونية للحوثيين، “المسيرة”، والتي تبث من معقل حزب الله، منطقة الضاحية في بيروت، بمساعدة قناة “المنار” التلفزيونية التابعة لحزب الله، والتي تساعد على توطيد التعاون. في هذا الإطار، يجري حزب الله دورات تدريبية لصحفيي المسيرة.
يمثل التعاون بين الحوثيين وحزب الله مرحلة متقدمة من تصدير الثورة الإسلامية ونظرية تشغيل وكلاء إيران. يجب على الثورة الإسلامية -وفق رؤية مؤسس النظام الإسلامي في إيران آية الله روح الله الخميني، وكبار مسؤولي الحرس الثوري -تعزيز الميليشيات الشيعية والسنية على حد سواء، لإنشاء نظام إقليمي جديد بدلًا عن النظام الإقليمي الموالي لأميركا.
على مدى العقود الأربعة، أصبح حزب الله رأس الحربة في منظومة وكلاء إيران في المنطقة، وفي هذا الإطار، اشترك في إنشاء وتدريب وتعزيز مختلف الميليشيات الشيعية في العراق وسوريا واليمن والبحرين. مع أن الحوثيين ليسوا وكيلًا كلاسيكيًا، بل إنهم شريك استراتيجي لإيران، إلا إنهم في هذا السياق لا يتلقون أوامر من طهران، بل توجيهات.
في إطار مصالحهم المشتركة، حافظوا تدريجيًا على تعاون متزايد مع حزب الله. إن مشاركة قوة صغيرة من الحوثيين في قتال الجيش الإسرائيلي في إطار محاولة حزب الله لصد المناورة البرية الإسرائيلية، تعد ذروة التعاون العسكري بين الحوثيين وحزب الله في هذه المرحلة لمواجهة الجيش الإسرائيلي على الأراضي اللبنانية.