أعلن وزير الدفاع الأمريكي، لويد أوستن، الثلاثاء، في البحرين، أن الولايات المتحدة وعدداً من الدول الأخرى تقوم بإنشاء قوةٍ جديدة لحماية السُفن التي تمر عبر البحر الأحمر، والتي تعرّضت لهجماتٍ بواسطة طائراتٍ بدون طيار وصواريخ باليستية تُطلق من مناطق سيطرة الحوثيين في اليمن.
وقد أدت خطورة هذه الهجمات، التي تسببت في تلف العديد من السفن، إلى قيام العديد من شركات الشحن المُتعددة بتوجيه سُفنها بالتوقف وعدم دخول مضيق باب المندب حتى يتم التعامل مع الوضع الأمني.
و أفادت القيادة المركزية العسكرية الأمريكية بأن هناك هُجومين آخرين وقعا على سفن تجارية، الاثنين. فقد تعرضت ناقلة نفطٍ لهجوم بطائرة بدون طيار وصاروخ باليستي قبالة اليمن، تقريباً في نفس الوقت الذي أفادت فيه سفينة شحن بوقوع انفجار في الماء بالقرب منها، وفقاً للمعلومات العسكرية.
وصرّح وزير الدفاع، لويد أوستن، في بيانٍ صدر بعد منتصف الليل في البحرين: "هذا تحدٍّ دولي يتطلب تحركاً جماعياً. لذلك، أُعلن اليوم عن إنشاء عملية حارس الإزدهار (Operation Prosperity Guardian)، وهي مبادرة أمنية جديدة مهمة تشارك فيها دول عدة".
ووفقاً لمسؤولٍ عسكري كبير -طلب عدم ذكر اسمه لتوفير تفاصيل إضافية غير معلنة حول كيفية عمل العملية الجديدة- أبلغ الصحفيين الذين يرافقون أوستن في المنطقة، يوجد حوالى 400 سفينة تجارية تعبر البحر الأحمر الجنوبي (وهي منطقة تقدر مساحتها بحوالى مساحة واشنطن العاصمة إلى بوسطن) في أي وقت.
وبموجب المهمة الجديدة، لن تقوم السفن العسكرية بمُرافقة سفينة معينة بالضرورة، ولكنها ستتمركز لتوفير حماية شاملة لأكبر عددٍ ممكن في وقت معين.
كما تحدى محمد عبد السلام، المفاوض والمتحدث الرسمي للحوثيين، التحالف الذي أنشأته الولايات المتحدة، الثلاثاء، مُعلناً أن الثوار المدعومين من إيران سيستمرون في استهداف السفن المرتبطة بإسرائيل قبالة اليمن.
وكتب على منصة التواصل الاجتماعي" إكس"، المعروفة سابقاً باسم "تويتر": "التحالف الذي شكّلته الولايات المتحدة هو لحماية إسرائيل وعسكرة البحر بدون أي مبرر، ولن يمنع اليمن من مواصلة عملياته المشروعة في دعم غزة".
وقال: "إن هجمات الحوثيين ليست استعراضاً للقوة ولا تحدٍّ لأي شخص. و أي شخص يسعى لتوسيع الصراع يجب أن يتحمل تبعات أفعاله".
و أعلنت شركة الشحن "ميرسك"، الثلاثاء، أنها قررت حالياً إعادة توجيه سُفنها التي توقفت لعدة أيام خارج المضيق والبحر الأحمر، وإرسالها حول القارة الأفريقية عبر رأس الرجاء الصالح بدلاً من ذلك، وهو ممر أطول وأقل كفاءة. وأوضحت "ميرسك" أنها تُرحب بالجهود الدولية في مجال الأمن، ولكن في الوقت الحالي، ستوفر المسار الأطول والذي يوفر "نتائج أكثر تنبؤًا" لعملائها.
وفي الأربعة أسابيع الأخيرة، قام مقاتلو الحوثي بمُهاجمة السفن التجارية، أو احتجازها 12 مرة وما زالوا يحتجزون 25 عضواً من طاقم السفينة "غالاكسي ليدر" في اليمن، وفقاً لما صرّح به أوستن، الثلاثاء، خلال اجتماعٍ وزاري حول المُهمة البحرية الجديدة. كما أن الولايات المتحدة لا تزال تسعى بنشاط لاستقطاب دول أعضاء للانضمام إلى المهمة وزيادة عدد البحارة المتواجدين والمشاركين.
وصرح أوستن أيضاً بأن المملكة المتحدة والبحرين وكندا وفرنسا وإيطاليا وهولندا والنرويج وسيشيل وهي دولة في شرق افريقيا بالاضافة الى إسبانيا انضموا إلى المهمة الجديدة للأمن البحري، حيث ستقوم بعض هذه الدول بتنفيذ دورياتٍ مُشتركة بينما سيُقدم البعض الآخر الدعم الاستخباراتي في الجزء الجنوبي من البحر الأحمر وخليج عدن.
وواحدة من المشاركين البارزين الغائبين هي الصين، التي تمتلك سُفنا حربية في المنطقة، ولكن تلك السفن لم تستجب لنداءات المُساعدة السابقة من قِبل السفن التجارية، رغم أن بعض السفن التي تعرّضت للهجوم لها صلات بهونغ كونغ.
وقد اتفقت أيضاً عِدة دول أخرى على المشاركة في العملية، ولكنها تُفضل عدم ذكر أسمائها علناً، وفقًا لما صرح به مسؤول الدفاع.
وسيتم تنسيق المُهمة الجديدة للأمن البحري من خلال القوة المشتركة الموجودة بالفعل، وهي قوة المهام المشتركة 153 التي تأسست في أبريل 2022 لتعزيز الأمن البحري في البحر الأحمر ومضيق باب المندب وخليج عدن.
وفي حين كانت المهمة السابقة للقوة المشتركة تقدم هيكلًا للقيادة حتى الآن، فإن هدف المهمة الجديدة هو توفير سفن ووسائل أخرى لتنفيذ الحماية. وقد تضمنت قوة المهام المشتركة 153 حتى الآن 39 دولة عضوا، ولكن المسؤولين يعملون على تحديد أيٍّ منهم سيُشارك في هذا الجُهد الأخير.
وبشكلٍ منفصل، طلبت الولايات المتحدة أيضاً من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة اتخاذ إجراءات ضد الهجمات.
وفي رسالةٍ وجهتها سفيرة الولايات المتحدة لدى المجلس إلى أعضاء المجلس -وحصلت عليها وكالة "أسشوييتد برس"- يوم الاثنين، أكدت السفيرة ليندا توماس-جرينفيلد أن هجمات الحوثيين التي تستهدف السفن التجارية أثناء عبورها بشكلٍ قانوني في الممرات المائية الدولية ما زالت تُشكل تهديداً لحقوق وحرية الملاحة والأمن البحري الدولي والتجارة الدولية.
كما ناقش أعضاء المجلس الـ15 التهديد الحوثي خلف الأبواب المغلقة يوم الاثنين، لكنهم لم يتخذوا أي إجراءٍ فوري.
وتتحرك حالياً سفينتان حربيتان أمريكيتان (يو إس إس كارني، ويو إس إس ميسون)، التابعتان للبحرية الأمريكية، عبر مضيق باب المندب للمساعدة في ردع الهجمات الحوثيين.
وقد تمت العملية التوسعية بعد أن تعرضت ثلاثُ سفن تجارية لصواريخ أطلقها الحوثيون المدعومون من إيران في اليمن في 3 ديسمبر/ كانون الأول. وكانت تلك الهجمات جزءاً من حملةٍ تصعيدية للعنف وتضمنت أيضاً طائرات بدون طيار مسلحة أُطلقت في اتجاه سفن حربية أمريكية.
وحتى الآن، لم تقُم الولايات المتحدة بالرد على الحوثيين المدعومين من إيران العاملين في اليمن أو استهداف أي من أسلحة المتمردين أو مواقع أخرى. كما أنه لم يجب أوستن على السؤال حول سبب عدم قيام وزارة الدفاع بشن ضربة ردعية على هجمات الحوثيين في البحر الأحمر.