سافر قائد رفيع للجيش الأمريكي إلى تل أبيب لتقديم المشورة للحكومة الإسرائيلية حول كيفية تحويل العمليات القتالية الرئيسية ضد حماس في غزة إلى حملةٍ محدودة أكثر في مسعى للحيلولة دون اندلاع حرب إقليمية واسعة.
و يأتي ذلك في ظل تصاعد هجمات المُسلحين المدعومين من إيران، السبت، حيث أطلقوا موجةً من طائرات الهجوم المُسيّرة على السُفن في البحر الأحمر وأعلنوا أنهم سيستمرون في ذلك حتى تنتهي "عدوانية" إسرائيل.
و أوضحت القيادة المركزية الأمريكية في بيانٍ أن أحد سفن الحرب الأمريكية المعينة لمجموعة حاملة الطائرات فورد، وهي مدمرة يو إس إس كارني، قامت بـ "تصدي" 14 طائرة هجومية في اتجاهٍ واحد أطلقت من مناطق تحت سيطرة الحوثيين في اليمن. وأفادت بريطانيا أن المُدمِرة الملكية البحرية أسقطت طائرة هجومية أخرى كانت تستهدف السفن التجارية.
وكانت هذه أحدث سلسلة من الهجمات التي تقوم بتهديد السُفن التجارية والبحرية الأمريكية في البحر الأحمر والتي تصاعدت بعد أن زادت إسرائيل استجابتها لهجمات حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول. وتُعاني إسرائيل من أعنف هجومٍ على أراضيها على الإطلاق وتعهدت بأنها لن تتوقف عن هجومها حتى تُدمر حماس.
و يأمل قادة الدفاع الأمريكيون في تجنُب خطر نشوب صراعٍ إقليمي واسع، سواء من خلال الحفاظ على وجودٍ عسكريٍّ أمريكي مُستدام ومُكثّف أو من خلال التفاعل مع الإسرائيليين لدفعهم إلى التخلي عن حملة القصف الجماعي الضخمة.
و في الوقت الذي يتجه فيه وزير الدفاع (لويد أوستن) ورئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال (سي كيو براون) إلى إسرائيل، واللذان شغلا مناصب قيادية أثناء تحول القوات الجوية والقوات البرية الأمريكية من القتال الرئيسي إلى عمليات مكافحة الإرهاب عالية الكثافة في العراق وأفغانستان، ليس واضحاً إلى أي مدى ستؤثر نصائحهم المُستمدة من التجارب الماضية في حكومة رئيس الوزراء (بنيامين نتنياهو).
حيث تقوم رحلتهم بتسليط الضوء على الجهودِ المُتزايدة التي تبذلها إدارة بايدن لإقناع إسرائيل بضرورة تقليص هجماتها التي أدت إلى تدمير جزء كبير من شمال قطاع غزة وتشريد الملايين وقتل أكثر من 18,700 فلسطيني، وفقاً لوزارة الصحة في القطاع الذي يسيطر عليه حماس.
وقد تعقّدت جهود إسرائيل بسبب الكثافة السكانية الحضرية وشبكة الأنفاق التابعة لحماس، حيث اتهمت المسلحون باستخدام المدنيين كـ "دروع بشرية". كما أدت الكثافة المستمرة لحملة إسرائيل إلى تحذير الرئيس (جو بايدن) من أن الولايات المتحدة تفقد الدعم الدولي بسبب "القصف العشوائي".
وأبلغ مسؤولون أمريكيون إسرائيل على مدار عدة أسابيع بأن الوقت ينفد لإنهاء العمليات القتالية الرئيسية في غزة دون المخاطرة بفقدان دعمٍ أكبر.
و خلال اجتماع، الخميس، حثَّ مستشار الأمن القومي لبايدن (جيك سوليفان) نتنياهو على التحول إلى عملياتٍ مستهدفة أكثر بواسطة فرق عسكرية صغيرة تبحث عن أهداف ذات قيمة عالية محددة، بدلاً من القصف الواسع المستدام الذي وقع حتى الآن. و بالرد على ذلك، قال وزير الدفاع الإسرائيلي (يوآف غالانت) أن بلاده ستواصل العمليات القتالية الرئيسية ضد حماس لعدة أشهر إضافية. على الرغم من أن هناك تأثيرات على عشرات الآلاف من أفراد الخدمة الأمريكيين المنتشرين في المنطقة.
و في يوم الجمعة، قام أوستن بتمديد فترة نشر حاملة الطائرات يو إس إس جيرالد آر، فورد وسفينة حربية ثانية للحفاظ على وجود حاملتي طائرات في البحر المتوسط. حيث تعتبر السفن أمراً حيوياً لردع إيران عن توسيع حرب إسرائيل وحماس إلى صراع إقليمي. و كان من المفترض أن يعود البحارة البالغ عددهم حوالي 5000 إلى الوطن في أوائل نوفمبر/ تشرين الثاني.
و توجد 19 سفينة حربية أمريكية في المنطقة، بما في ذلك سبعة في البحر المتوسط الشرقي. وهناك اثنتا عشرة سفينة أخرى تمتد عبر البحر الأحمر، عبر البحر العربي وصولاً إلى الخليج الفارسي.
وقد أدت الهجمات بالصواريخ والطائرات بدون طيار إلى إصدار أمرين على الأقل من شركات الشحن الكبرى، هاباج لويد وميرسك، بوقفٍ مؤقت لعبور سفنهم التجارية عبر مضيق هرمز.
و قال غالانت: "هذه مشكلة عالمية تؤثر أيضاً على إسرائيل" و فيما يتعلق بمنع الحوثيين للشحن في البحر الأحمر ، نحن مستعدون للتصرف، ونعرف ما يجب فعله، وسنجد التوقيت المناسب للتصرف، نحن فقط نعطي فرصة للنظام الدولي في قضية الملاحة البحرية. إذا وصلنا إلى حالة يكون فيها التدخل العسكري الخيار الأخير، فسنعرف ما يجب فعله"، قال ذلك فيما يتعلق بالاستجابة العسكرية المُحتملة.
وكتب (محمد عبد السلام) المفاوض الرئيسي والمتحدث باسم الحوثيين، على منصة التواصل الاجتماعي "إكس" - المعروفة سابقاً باسم تويتر- "أن الحوثيين سيستمرون في استهداف السفن المرتبطة بإسرائيل حتى يتوقف العدوان، ويتم رفع الحصار عن غزة، ويستمر تدفق المساعدات الإنسانية إلى القطاع".
و من المتوقع أن يزور أوستن البحرين وقطر ويعمل بجدية على إنشاء بعثةٍ بحرية جديدة لتوفير أمان أكبر للسفن التجارية التي تبحر في جنوب البحر الأحمر. حيث تُعد البحرين هي مقر القيادة المركزية للبحرية الأمريكية والقوة المهمة البحرية الدولية المسؤولة عن ضمان مرور آمن للسفن في المنطقة.
في الوقت الذي تلعب قطر دوراً حيوياً في المساعدة في منع الحرب المحدودة التي تسببت في سقوط العديد من الضحايا من التحول إلى نزاع إقليمي وتفاوض إطلاق الرهائن.
و في وقت سابق من حياته العسكرية، قام أوستن بالإشراف على سحب القوات من العراق في عام 2011. وقد زار إسرائيل بعد أيام من هجوم حماس في 7 أكتوبر/ تشرين الأول، وتحدث مع غالانت، نظيره الإسرائيلي، أكثر من عشرين مرة منذ ذلك الحين.
و وفقاً لما صرّح به مسؤول أمريكي كبير في مجال الدفاع للصحفيين المرافقين لأوستن، فمن المرجح أن تستمر المناقشات حول كيفية تعريف الإسرائيليين لمراحل الحملات العسكرية المختلفة، لكي يتمكنوا من تقييم متى ستكون قد أضعفت حماس بما فيه الكفاية لضمان أمنهم الخاص والانتقال من العمليات القتالية الرئيسية.